دشّن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأحد، في اسطنبول كنيسة للسريان الأرثوذكس، هي الأولى التي شيّدت في الجمهورية العلمانية ذات الغالبية المسلمة والتي تأسست في العام 1923، مرحّبا بالتعايش بين المجتمعات.
وقال الرئيس التركي أمام حشد من الشخصيات الدينية والرسمية "نحن سعداء بالتعايش بين كل مجتمعات بلدنا"، في خضم العنف المستعر في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
وأشار الرئيس التركي إلى "مشكلات كثيرة يشهدها العالم حاليا"، وشدّد على أن تركيا "بلد تعيش فيه مجتمعات عدة بسلام منذ قرون".
وعشية احتفال التدشين، قال رئيس وقف السريان الأرثوذكس في اسطنبول سعيد سوسين لوكالة فرانس برس "هذه هي الكنيسة الأولى التي يتمّ بناؤها منذ تأسيس الجمهورية التركية والتي ستفتح أبوابها. نحن سعداء للغاية".
وتقع كنيسة القديس أفرام للسريان الأرثوذكس المبنية بتمويل من أبناء الطائفة البالغ عددهم 17 ألفا، على الجانب الأوروبي من مضيق البوسفور، في منطقة يشيل كوي حيث تقيم غالبية المسيحيين السريان في تركيا. ويستقرّ آخرون في الجنوب الشرقي غير البعيد عن الحدود السورية.
وصُمّم بناء الكنيسة الأبيض الواقع في حيّ تغطيه الأشجار، لاستيعاب 750 من أبناء الرعية.
وكان الرئيس التركي أمر بلدية اسطنبول بتخصيص أرض لبناء الكنيسة، ووضع حجر الأساس خلال حفل أقيم في آب/أغسطس 2019.
وبعد مرور عام على ذلك، قام إردوغان بتحويل آيا صوفيا في إسطنبول إلى مسجد في تموز 2020، ثم طلب تحويل كنيسة المسيح المخلص (خورا) التي بناها البيزنطيون أيضاً في القرن الخامس. غير أنّها بقيت مغلقة أمام العامة منذ طلبه ذاك.
- من ماردين إلى دمشق -
وكان من المقرّر افتتاح كنيسة القديس أفرام في شباط الماضي، لكن تمّ تأجيله بسبب الزلزال القوي الذي دمّر أجزاء من جنوب البلاد وأدّى إلى مقتل ما لا يقل عن 50 ألف شخص، كما دمّر أنطاكية التي ترتبط بتاريخ المسيحية.
يصلّي السريان الأرثوذكس باللغة الآرامية القديمة التي يعتقد أنها لغة المسيح. وبعدما كان مقرّ البطريركية الرئيسي موجوداً في ماردين في جنوب شرق تركيا حتى العام 1932، بات حاليا في دمشق.
وتعدّ كنيسة القديس أفرام أول كنيسة تم تشييدها في تركيا منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك، حسبما أفاد سعيد سوسين.
وشدّد إردوغان على أن كنائس عدة في تركيا تم ترميمها مدى القرن الماضي، وعلى أن مراكز صغيرة تستقبل المصلين.
لكن سوسين أوضح لوكالة الأناضول الحكومية أنّ ذلك تمّ "بدون إذن رسمي". وقال "هذه هي المرة الأولى التي يتمّ فيها بناء كنيسة رسمياً. إنه مصدر فخر كبير"، مضيفاً أنّه يتوقّع حضور الكثير من الزوار من جميع أنحاء البلاد وحتى من الخارج.
ويمثّل أبناء الأقلية المسيحية 0,2 في المئة من السكان، وفقاً للتقديرات المتاحة في هذه الدولة العلمانية التي يبلغ عدد سكانها 82 مليون نسمة، والتي لا تحتفظ بإحصاءات مرتبطة بالدين. ويشكو مسيحيو تركيا من معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية.
وبعد التدشين الرسمي، سيُقام أول قداس بعنوان "تبريك الكنيسة"، الأحد التالي أي في 15 تشرين الأول.