تأمل السويد في التوصّل إلى تسوية مع تركيا لضمان انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، لكن المخاوف تتزايد في الدولة الاسكندنافية من أن تُضحّي الحكومة بالكثير من أجل الحصول على ما تريد.
وقالت النائبة السويدية من أصل كردي-إيراني أمينة كاكباوه: "إذا كنتم ترغبون في بيع كلّ شيء مقابل عضويّة الناتو، فافعلوا ذلك، لكنّني أعتقد أنّه أمر مروّع".
وأضافت كاكباوه "من المروّع أن يتوقّف كلّ شيء على تسريع عضويّة الناتو، حتى لو كان ذلك يعني إضعاف الديموقراطية".
ورغم أنّها نائبة يساريّة مستقلة منذ العام 2019، أدّت كاكاباوه دوراً محوريّاً في انتخاب رئيسة الوزراء ماغدالينا أندرسن في تشرين الثاني2021، إذ كان تصويتها حاسماً في البرلمان.
وعلى غرارها، طالبت جهات سويدية بارزة، من أحزاب معارضة ونوّاب وشخصيّات سياسيّة وثقافيّة، الحكومة في الأسابيع الأخيرة بعدم الانصياع لمطالب تركيا.
وجاء في مقال رأي وقّعته 17 شخصيّة ثقافيّة وأدبيّة في اليوميّة السويديّة "داغينز نيهيتر"، هذا الأسبوع: "دعونا لا نقع في فخ أردوغان".
وتتطلّب الموافقة على طلب الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي إجماع الأعضاء الثلاثين الحاليّين، لكن الرّئيس التركي رجب طيب أردوغان رفض الموافقة على بدء مفاوضات مع ستوكهولم التي تتّهمها أنقرة، من بين أمور أخرى، بتوفير ملاذ آمن لـ"حزب العمال" الكردستاني المحظور الذي تصنّفه تركيا وحلفاؤها الغربيّون جماعة "إرهابية".
ونشرت تركيا الإثنين قائمة بخمسة مطالب للسويد من بينها تسليم أشخاص تعتبرهم أنقرة "إرهابيين" لصلاتهم بـ"حزب العمّال" الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكرديّة في سوريا.
وذكرت وسائل الإعلام التركية أنّ "هناك أشخاصاً آخرين على القائمة من بينهم صحافيّون تتّهمهم أنقرة بعلاقاتهم بفتح الله غولن، الداعية المقيم في الولايات المتحدة والمطلوب لدوره في محاولة انقلاب فاشلة عام 2016 في تركيا".
وقال اثنان منهم هما عبد الله بوزكورت وليفينت كينز، إنّه "لم يكن مفاجئاً أن يجدا نفسيهما جزءاً من الخلاف بين أنقرة وستوكهولم".
وروى بوزكورت "كنا نمزح قبل شهر من قرار السويد تقديم ملفّها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وقلنا: إذا فعلت ذلك، قد يظهر اسمانا على طاولة المفاوضات. وهذا ما حدث بالضبط".
والرّجلان اللّذان أنشآ موقع "نورديك مونيتور" الإخباري، مقتنعان بأنّ حياتهما ستكون في خطر إذا سُلّما إلى تركيا.
وقالا إنّهما "واثقان من أنّ القضاء السويدي لن يرضخ للضّغوط وسيواصل رفض مطالب أنقرة بتسليمهما"، وأعربا في الوقت نفسه عن قلقهما بشأن سلامتهما في السويد.
فقد تعرّض بوزكورت لهجوم من جانب ثلاثة رجال ملثّمين في العام 2020، وما زالت تحقيقات الشرطة جارية.
وقال كينز إنّ "وسائل الإعلام الموالية للحكومة نشرت صورنا وهذا خطر على سلامتنا هنا".
بدأت في أنقرة الأربعاء محادثات دبلوماسية بين السويد وتركيا اللّتين تشهد علاقاتهما توتراً منذ سنوات. وتشكّل القضيّة الكرديّة أحد أهمّ أسباب الخلاف بينهما.
وفيما كانت واحدة من أوائل الدّول التي اعترفت بـ"حزب العمّال" الكردستاني كمنظّمة إرهابية في الثمانينات، "هناك في السويد دعم سياسي وشعبي واسع للقضية الكردية، بما في ذلك لدى برلمانيين من كل التوجهات" كما قال بول ليفين رئيس معهد دراسات تركيا في جامعة ستوكهولم.