النهار

"واشنطن بوست": هل ينبغي أن توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار؟
المصدر: "النهار"
"واشنطن بوست": هل ينبغي أن توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار؟
الأضرار التي لحقت بمخيم جباليا للاجئين في قطاع غزة (أ ف ب).
A+   A-
مع الهجمات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، تخطى عدد القتلى الـ9 آلاف فلسطيني، ولا تزال تركز الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي على الهدف المعلن المتمثل في القضاء على "حركة حماس"، في أعقاب هجوم 7 تشرين الأول في جنوب إسرائيل بحسب "واشنطن بوست"، ولكن هناك علامات على تزايد القلق بشأن الخسائر البشرية التي يتكبدها الفلسطينيون.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أكّد رفضه القاطع لوقف إطلاق النار، مشيراً الى أنه "وقت حرب".
 
من ناحيتها، لفتت المنظمات الإنسانية الدولية الانتباه إلى الحجم الهائل لمعاناة المدنيين. وقال رئيس وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة فيليب لازاريني، لمجلس الأمن إن "الوقف الإنساني الفوري لإطلاق النار أصبح مسألة حياة أو موت بالنسبة للملايين". وحتى إنّ الرئيس بايدن – الذي أكّد دعمه المستمر لإسرائيل، حثّ على "هدنة" إنسانية.

وطلبت "واشنطن بوست" من العديد من المعلّقين من المنطقة وخارجها مشاركة وجهات نظرهم حول هذه القضية.

وقفة إنسانية، ليس أكثر
يقول وزير العدل الإسرائيلي السابق والمبادر المشارك لعملية أوسلو عام 1993 يوسي بيلين لـ"واشنطن بوست" إنّ "المدنيين الفلسطينيين يعانون في جنوب غزة، ويتعيّن على إسرائيل أن توافق على فترة استراحة إنسانية قصيرة، ولكن ليس على الهدنة"، مضيفاً: "أكره نفسي لكتابة هذا، لقد حاولت طوال حياتي إيجاد علاقة مشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن هذه الحرب لا بد أن تنتهي بإلغاء سلطة "حركة حماس" في قطاع غزة، تالياً فإن وقف إطلاق النار لفترة طويلة قد يساعد هذه الحركة على البقاء في السلطة".
 
واعتبر بيلين أن "حركة حماس"، على النقيض من منظمة التحرير الفلسطينية التي تقودها "حركة فتح"، لم توافق على مبدأ حل الدولتين، ولم تعترف بإسرائيل ولم تقبل اتفاقات أوسلو لعام 1993 (على الرغم من انتخابها لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني وفقا لهذا الاتفاق) ... وسيطرت هذه الحركة على قطاع غزة من السلطة الفلسطينية بالقوة الغاشمة في عام 2007، لذلك لابد من استبدالها، ربما بـ"منظمة التحرير الفلسطينية"، وإذا تعذر الأمر فيمكن أن تحل مكانها وصاية عربية لمدة سنة أو سنتين. وبمجرد استبدال قيادة حماس، فلن يتبقى سوى السلطة الفلسطينية لتمثيل الفلسطينيين. ويتعيّن على الحكومة الإسرائيلية المستقبلية أن تغتنم الفرصة للتفاوض على معاهدة سلام دائمة".

ويشير بيلين الى أن "بفضل المفاوضات العديدة التي جرت على مر السنين، يعرف الجانبان الإجابات عن جميع القضايا الرئيسية. لا ينبغي أن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً للتوصل إلى اتفاق دائم، ولكن إذا أوقفت إسرائيل الحرب الآن، وتركت حماس في السلطة، فسوف يكون من الصعب التفكير في التوصل إلى حل سلمي في المستقبل".

يجب أن ينتهي هذا الاجرام
رئيس منظمة "نحن لسنا أرقاماً"، أحمد الناعوق يقول إن "الأسبوع الماضي، قصفت إسرائيل منزل عائلتي في غزة، فقتلت والدي، فضلاً عن شقيقين وثلاث شقيقات مع جميع أطفالهم، في لحظة. ووصف أحد الأصدقاء أجسادهم بأنها "أكياس من اللحم"، أكتب في حداد، وحتى الآن، نحن الفلسطينيين ليس لدينا الفرصة لنحزن، بدلاً من ذلك، نحن مثقلون بمسؤولية التعبير عن مدى معاناتنا والظلم الواقع علينا".

وطلب الناعوق بوقف فوري لإطلاق النار، مضيفاً: "نطالب برفع الحصار الإسرائيلي عن غزة وعودة الكهرباء والوقود والمياه والغذاء، نطالب بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق بما يتماشى مع القانون الدولي. اليوم، يتم استخدام كلمة "الإبادة الجماعية" على نطاق واسع، لا أستطيع أن أفكر بكلمة أخرى تعبر عن حجم ما تواصل إسرائيل، القوة العسكرية المسلحة نووياً، إطلاقه على السكان الأسرى من الأطفال واللاجئين. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال إن "غزة لن تعود إلى ما كانت عليه من قبل". "سوف نقضي على كل شيء"، نحن الفلسطينيين نعلم ما كان يدور في ذهن غالانت، احتشدنا في غزة طوال الأعوام مثقلين بالفقر – حتى قبل أن يملأ الفوسفور الأبيض السماء، أو قبل أن نرقد تحت الأنقاض، لقد احتجزنا مثل السجناء الذين لم يرتكبوا أي جريمة".

وقف إطلاق النار؟ ليس بهذه السرعة
شغل جيمس جيفري منصب مسؤول في وزارة الخارجية في سبع إدارات أميركية، ويعتبر أن "من الناحية النظرية، يبدو وقف إطلاق النار أمراً مرغوباً فيه، لكن في الحروب الوجودية مثل تلك التي تخوضها إسرائيل، فهي ليست سوى خيار واحد عند النظر في المصالح الوطنية، وربما بقاء الدولة".

وأشار الى أن "عادة ما يتم وقف إطلاق النار عندما تقرر الأطراف المتحاربة في وقت واحد إنهاء القتال، لكن في غزة تسعى حماس إلى وقف إطلاق النار للحفاظ على قدراتها القتالية وتعزيز انتصارها في السابع من تشرين الأول، وإسرائيل ترفض هذا الخيار، وترى أن تدمير حماس أمر ممكن وضروري لأمنها".

ولفت الى أن "إسرائيل تخشى أن التخلي عن قتالها قبل تدمير حماس إلى حد كبير لن يؤدي في وقت لاحق إلى 7 تشرين الأول أكبر، وربما يشمل "حزب الله" اللبناني وحتى إيران - بل سيؤدي أيضاً إلى تعزيز أجندة إيران الإقليمية وبالتالي يؤدي إلى المزيد من عمليات القتل الجماعي والدول الفاشلة".

يمكن لبايدن أن يوقف القتل
ليلى الحداد كاتبة فلسطينية وناشطة اجتماعية ومحللة سياسات تعتبر أن "الخسائر البشرية الناجمة ليست "ثمن شن الحرب"، على حد تعبير بايدن بقسوة، وليس هناك أي مبرر لقصف المستشفيات والمدارس ومنشآت الأمم المتحدة والكنائس والمساجد، أو قطع الغذاء والماء والكهرباء عن السكان المدنيين الذين يعانون بالفعل من الصدمة بسبب 55 عاماً من الاحتلال العسكري العنيف، و16 عاماً من الحصار الخانق. والحصار غير القانوني، مضيفةً: "ومع ذلك، يبدو أن "وقف إطلاق النار" أصبح جملة لن يقولها بايدن وغيره من القادة الغربيين، ويكمن وراء ذلك التلميح العنصري بأن حياة مجموعة من الناس، الإسرائيليين، أكثر أهمية من حياة مجموعة أخرى، الفلسطينيين".
 
وترى الحداد أن "هذا النوع من التفكير الخطير أيضاً أن إسرائيل لا تستطيع تحقيق السلام إلا من خلال القوة – من خلال إخضاع الفلسطينيين وحرمانهم من حريتهم وحقوقهم إلى الأبد، فإن إعلان وقف إطلاق النار هو ضرورة استراتيجية وسياسية وأخلاقية توفر فرصتنا الرئيسية لمنع اندلاع حريق شامل في المنطقة وخارجها - وهو أمر قد يتعارض في النهاية مع مصالح الولايات المتحدة. ولكن الأمر الأكثر أهمية هو أن هناك أيضاً حاجة ماسة إلى وقف سقوط ضحايا من المدنيين - وفي المقام الأول من أجل وقف قتل الأطفال كل ساعة. ليس هناك مجال لتضييع الوقت".

اقرأ في النهار Premium