دخل الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة أسبوعه الخامس مع قصف ومعارك على الأرض لا هوادة فيها فيما يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في عمان وزراء خارجية دول عربية بحثاً عن انفراجة دبلوماسية لتخفيف وطأة النزاع.
ووصل بلينكن إلى عمان ليجري محادثات مع خمسة من نظرائه العرب غداة رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي نداءه لإقرار "هدنة إنسانية" للسماح بتسهيل دخول المساعدات إلى قطاع غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته باشرت عملية في جنوب قطاع غزة خلال الليل بعد ضربات قاتلة أصابت إحداها قافلة سيارات إسعاف ومدرسة نزح إليها سكان في القطاع المحاصر.
وتفرض القوات الإٍسرائيلية طوقاً على مدينة غزة معلنة أنها تسعى "للقضاء" على حركة حماس رداً على هجوم الحركة الفلسطينية داخل الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول الذي قتل فيه 1400 شخص معظمهم من المدنيين وغالبيتهم في اليوم الأول.
ويتعرض سكان قطاع غزة المحاصر البالغ عددهم 2,4 مليون تقريباً لقصف عنيف فيما تمنع إسرائيل دخول إمدادات المياه والغذاء والكهرباء والوقود إليه.
ويخضع القطاع أساساً لحصار جوي وبحري وبري إسرائيلي منذ العام 2007 مع تولي حركة حماس السلطة فيه.
وقال الجيش الإسرائيلي السبت إنه تعرض لهجمات عدة من "أنفاق ومجمعات عسكرية" لحركة حماس في شمال غزة وإنه قتل عددًا من المسلحين ودمر ثلاث نقاط مراقبة. وقالت حماس إنها أصابت قافلة إسرائيلية بقذائف هاون.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس السبت ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة منذ بدء الحرب إلى 9488 شخصاً بينهم 3900 طفل، و 2509 نساء.
وأعلنت وزارة الصحة السبت أيضا أن 15 شخصاً على الأقل قتلوا عندما قصفت إسرائيل مدرسة تابعة للأمم المتحدة لجأ إليها آلاف النازحين الفلسطينيين. وأوضحت أن ما يزيد عن 54 شخصًاً أصيبوا بجروح جراء استهداف مدرسة الفاخورة التي تؤوي آلاف النازحين في مخيم جباليا في شمال قطاع غزة.
وفي حادث منفصل شاهد مراسل وكالة "فرانس برس" الدمار اللاحق بعد قصف إسرائيل بالدبابات لمدرسة أسامة بن زايد شمال مدينة غزة ما أسفر عن مقتل 20 شخصاً بحسب حماس.
- "عملية محددة الأهداف" -
وهرعت سيارات الإسعاف إلى المبنى الذي انتشر فيه الركام لإغاثة الجرحى ونقل القتلى.
وقف أشخاص بدت عليهم الصدمة يبكون ويهيمون في المكان وقد روعهم ما شاهدوه فيما لا يزال بعض الغسيل متدلياً من الطابق الأول للمدرسة ما يؤشر إلى انها تحولت ملجأ موقتاً لبعض من مئات آلاف النازحين داخلياً في القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته البرية شنّت ليلاً "عملية محدّدة الأهداف" لمسح الانفاق وإزالة الالغام في جنوب قطاع غزة الذي سبق أن قصفته سابقاً إلا ان قواتها لم تتوغل فيه من قبل.
وأوضح الجيش أن "قواته تواجهت مع خليّة إرهابية تخرج من نفق. وقد قصفت باتجاه الإرهابيين وقتلتهم".
وتفيد إسرائيل أنها ضربت 12 ألف هدف في قطاع غزة منذ بدء الحرب في واحدة من أشرس حملات القصف.
وأرسل الجيش السبت رسائل نصية إلى أهالي غزة قال فيها إن الطريق الرئيسي في القطاع الذي يربط الشمال بالجنوب سيفتح لمدة ثلاث ساعات بعد الظهر حتى يتمكن السكان من الخروج.
وكان الهدف الرئيسي من زيارة بلينكن إلى إسرائيل الجمعة اقناع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالموافقة على "هدن إنسانية" تعتبر الولايات المتحدة انها ستساعد في الإفراج عن 241 رهينة محتجزين لدى حماس والسماح بتوزيع المساعدات على أهالي القطاع.
إلا ان نتانياهو كرر في وقت لاحق رفضه "لهدنة موقتة" ما لم تفرج حماس عن الرهائن.
- إصابة سيارة إسعاف -
من جهته شدّد مسؤول كبير في البيت الأبيض الجمعة على أن الإفراج عن الرهائن "يتطلب وقفاً كبيراً للنزاع" مشيراً إلى أن "محادثات جدية ونشطة جداً" تجرى بهذا الخصوص راهناً.
وأتى هذا الكلام فيما أقر الجيش الإسرائيلي أنه قصف سيارة إسعاف أمام مستشفى الشفاء الرئيسي في مدينة غزة قائلاً إنها كانت تنقل عناصر من حركة حماس. لكن الحركة نفت ذلك.
وقال الجيش الإسرائيلي "نشدد على أن هذه المنطقة في غزة هي ساحة حرب. نطلب من المدنيين بشكل متكرر الانتقال جنوباً حفاظاً على سلامتهم".
وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس والهلال الأحمر الفلسطيني أن هذا القصف أدى إلى مقتل 15 شخصا وإصابة 60 آخرين. وأكد الطرفان أن السيارة كانت جزءاً من قافلة تقل "عدداً من الجرحى في طريقهم لتلقي العلاج في مصر".
بعد الغارة، رأى مراسل وكالة "فرانس برس" عدداً من الجثث والجرحى بجوار سيّارة إسعاف مدمّرة فيما حمل أحد الأشخاص فتاة مصابة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إنه "رُوع" جرّاء الضربة التي شنّها الجيش الإسرائيلي مشدّداً على ان النزاع بين إسرائيل وحماس يجب "أن يتوقف".
وأضاف غوتيريس "صور الجثث المتناثرة في الشارع أمام المستشفى مُفجعة".
وقال المدير العام لمنظمة الصحّة العالميّة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس إنّه "شعر بصدمة عميقة"، مذكراً بأنّه "يجب حماية المرضى ومقدّمي الرعاية والمؤسّسات الطبّية وسيّارات الإسعاف في كلّ الأوقات".
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن حماس حاولت استخدام اتفاق تم بوساطة اميركية لفتح معبر رفح لإخراج كوادرها من قطاع غزة.
وقال المسؤول إن حماس قدمت لائحة باسماء فلسطينيين جرحى يجب إخراجهم تبين أن ثلثهم أفراد ومقاتلون من حماس. وشدد على أن ذلك "غير مقبول لمصر ولنا ولإسرائيل".
- جهود ديبلوماسية مكوكية -
وفي عمان أجرى بلينكن محادثات مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل الثاني.
ويلتقي السبت أيضاً وزراء خارجية الأردن ومصر والسعودية والامارات.
ويزور بلينكن تركيا يومي الأحد والاثنين على ما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية السبت.
وتأتي اجتماعات بلينكن في عمان فيما جددت الولايات المتحدة تأييدها لقيام دولة فلسطينية.
وتكثر المخاوف من احتمال توسع نطاق النزاع.