حين أرسل الرئيس جو بايدن حاملات طائرات إلى الشرق الأوسط بعد 7 تشرين الأول، وجّه كلمة واحدة لإيران وحلفائها: "لا تتصرفوا".
وترى "ذا إيكونوميست" في مقال لها أنّه "منذ ذلك الحين، شنّت شبكة ميليشيات المتحالفة مع إيران هجمات صاروخية على إسرائيل والقوات الأميركية، ولكن لم يحدث أي تصعيد إلى صراع إقليمي - حتى الآن"، وأضافت أنّه في الثالث من تشرين الثاني، ألقى الأمين العام لـ"حزب اللّه" السيد حسن نصراللّه "كلاماً مليئاً بالخطابات الرنانة، وبدا كأنه يتراجع عن التصعيد الفوري".
ومع ذلك، وفي خضم الصراع الدموي في غزة بين إسرائيل و"حركة حماس"، يتزايد التنافس الأوسع والأكثر خطورة مع إيران. فبعد أن تخلت إدارة بايدن عن نهج عهد ترامب المتمثل في ممارسة "أقصى قدر من الضغط" على إيران، سعت في الأشهر الأخيرة بهدوء إلى تخفيف التوترات.
ولكن اليوم، لم تحتفل إيران بهجمات "كتائب القسام" فحسب، بل هدّدت المصالح الأميركية، بطريقة غير مباشرة، ويبدو أنها تتعاون مع روسيا، وحتى الصين، في مجموعة فضفاضة من الأنظمة الاستبدادية. وهذا يثير تساؤلات خطيرة عما إن كان بايدن يستطيع إعادة صياغة استراتيجية جديدة للشرق الأوسط.
ومنذ السابع من تشرين الأول، كان النهج الذي اتبعته إيران بحسب "ذا إيكونوميست"، هو "تصاعد التوترات دون إثارة مواجهة مباشرة، لأنها بحسب قولها لم تشارك في التخطيط للفظائع التي ترتكبها حماس أو تنفيذها، وهو ادعاء تدعمه التصريحات العامة الأميركية والإسرائيلية".
وأدت الهجمات المتفرقة ضدّ إسرائيل من قبل المقاتلين الحوثيين الموالين لإيران في اليمن، وهجمات على القواعد الأميركية في العراق وسوريا من قبل الميليشيات المحلية هناك، الى رفع حدّة التوتر.
وكان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، نشيطاً مثل بلينكن في المشاورات الإقليمية. والعديد من الدول تطالب إيران بالتدخل، سواء لاحتواء الصراع أو المساعدة في إطلاق سراح الرهائن.
وتأمل إيران تعزيز نفوذها وإفساد الخطط المدعومة من الولايات المتحدة لتوثيق الروابط بين أميركا وإسرائيل ودول الخليج بموجب اتفاقيات أبراهام. وتراقب إيران بينما يتعرض المعسكر المؤيد لأميركا لضغوط متزايدة.
ولا شك في أنّ الديبلوماسية بين الولايات المتحدة هي الفكرة التي ستبقى، ولو لمجرد أن البدائل تبدو أقل استساغة.
وكان راي تاكيه من مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث أميركي، قد قال إنّ "القضية النووية تبدو محصّنة ضدّ جميع الضغوط الأخرى وكل الاعتبارات"، معتبراً أنّ "هذا النوع من نهج الحد من الأسلحة سيبقى معنا لبعض الوقت في المستقبل".
والحقيقة أن هناك أمراً واحداً من شأنه أن يجعل الحرب في غزة أكثر رعباً، ألا وهو أن تقف إيران المسلحة نووياً خلف "محور المقاومة" التابع لها. إن الهجوم الذي تشنه "حركة حماس" يجعل التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران يبدو أكثر ضرورة من أي وقت مضى، ومع ذلك فهو أكثر صعوبة أيضاً.