المحكمة العليا الأميركية في واشنطن (أ ف ب).
أعلن القاضي في المحكمة العليا الأميركية صمويل أليتو، الذي يقف وراء مشروع قرار إلغاء حق الإجهاض، الجمعة، أنّه أصبح مع قضاة آخرين محافظين في المحكمة "أهدافاً للاغتيال" بعد تسريب القرار العام الماضي.
وقال أليتو لصحيفة "وول ستريت جورنال"، في مقابلة نادرة، إنّه يعتقد أنه يعرف الجهة التي سرّبت مسودة قراره منذ نحو شهرين قبل استكماله، لكن ليس لديه ما يثبت ذلك.
والتسريب غير المسبوق للقضية المعروفة باسم "دوبس" في الثاني من أيار 2022، هز الرأي العام سواء بسبب تأثيره على حق الإجهاض أو لما يعني ذلك ضمنيّاً تغلغل السياسة في المحكمة التي ترى نفسها فوق الصراع الحزبي.
وقال: "شخصيّاً، لدي فكرة جيدة عن المسؤول (عن التسريب)، لكن هذا يختلف عن مستوى الإثبات المطلوب لتسمية شخص ما".
وأضاف: "كان جزءاً من محاولة للحؤول دون أن تصبح مسودة دوبس قراراً للمحكمة".
بعد تحقيق واسع، أعلنت المحكمة في كانون الثاني أنّها لا تستطيع تحديد مصدر التسريب.
وقال أليتو إنّ القاضي بريت كافانو، وبعد تسريب المسودة، كاد أن يتعرّض لهجوم، إذ اعتبره البعض الصوت المرجح لكفة القرار.
اعتُقل مسلح أمام منزل كافانو بضاحية واشنطن في ساعة مبكرة من صباح الثامن من حزيران.
وقال الرجل للشرطة إنّه جاء من كاليفورنيا إلى واشنطن لقتل قاضٍ في المحكمة العليا، وبأنه يشعر بالاستياء إزاء تسريب المسودة وحوادث إطلاق النار في المدارس.
وقال أليتو: "قضاة المحكمة الذين يُعتقد أنهم من الغالبية، ويُعتقد أنهم واقفوا على مسودة رأيي، كانوا حقيقة أهدافاً للاغتيال".
أضاف: "كان من المنطقي لأشخاص أن يعتقدوا أن بإمكانهم ربما وقف قرار قضية دوبس بقتل قاضٍ منّا".
وقال أليتو إنّ مستوى التهديد ارتفع بعد التسريب، إلى حد منع الأمن له من إلقاء كلمة في جامعة محلية في أيار الماضي.
وحتى الآن، يتعيّن عليه السفر في "دبابة" بمواكبة أمنية، حسب وصفه.
لم يتسبّب التسريب بمشكلات أمنية فحسب، بل أثار ضغينة بين القضاء التسعة.
ورأى أنّ التسريب "أشاع أجواء من الشك وانعدام الثقة. عملنا فيها (...) لكنّها ألحقت ضرراً".
انتقادات يومية
نشرت المحكمة في 24 حزيران قرارها الذي نال ستة أصوات مقابل ثلاثة، والمتعلق بإلغاء القرار التاريخي "رود ضد ويد" الصادر في 1972 ويضمن الحق في الإجهاض.
ولقي القرار تأييداً واسعاً من نشطاء مناهضين للإجهاض سعوا لنقل معركتهم إلى الولايات. لكنّه تسبّب بغضب واستياء لدى الأميركيين المؤيدين للاجهاض، وهم غالبية بحسب استطلاعات الرأي.
وقال أليتو إنّ المسألة برمتها فاقمت حدة الانتقادات للمحكمة، واصفاً ذلك "بالشيء الجديد خلال حياتي". وأضاف: "نتعرض لانتقادات يوميا، بشكل غير عادل في الكثير من الحالات. ولا أحد يدافع عنا، عمليّاً لا أحد".
وانتقد الأوساط القانونية بشكل خاص لعدم دفاعها عن المحكمة العليا.
وقال: "ربما شاركوا إلى حد ما في هذه الهجمات".
لكنّه لم يذكر شيئاً عن الدعوات لمزيد من التدقيق في القضاة التسعة وميولهم السياسية وأموالهم.
الثلثاء، رفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس بشأن الأعمال التجارية لقاضيين محافظين وهدايا سخية تلقاها أحدهما أثارت قضايا أخلاقية.
تسعى اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ للحصول على معلومات بشأن تقارير تفيد بأن القاضي الأطول خدمة في المحكمة، كلارنس توماس، وزوجته تلقّيا هدايا سخية وأمضيا إجازات بملايين الدولارات مع الملياردير والمانح الجمهوري هارلان كرو.
وأشار روبرتس إلى "مخاوف تتعلّق بفصل السلطات وأهمية الحفاظ على استقلال القضاء" في رفض الدعوة التي وجهتها اللجنة.
وردّاً على سؤال حول التقارير المتعلقة بتوماس، وهو مثله قاضٍ محافظ، قال أليتو للصحيفة: "لن أخوض في الأمر".
وقضاة المحكمة العليا غير مطالبين بالإجابة على أسئلة الجمهور بعد تأكيد مجلس الشيوخ الأميركي تعيينهم لمدى الحياة.
والمرة الأخيرة التي أجاب فيها أحد القضاة على أسئلة في الكونغرس كانت في 2011، وكان الأمر يتعلّق بالموضوع نفسه.
ومع ذلك، تُخطّط اللجنة لجلسة استماع الثلثاء حول الإصلاح الأخلاقي للمحكمة العليا.