كانت الحرب في أوكرانيا محور قمّة حلف شمال الأطلسي، التي ضمّت أكثر من 40 من قادة الدول والحكومات للبحث في مستقبل "الناتو"، في الوقت الذي أطلقت تركيا فيه ضوءاً أخضر سيسمح للسويد وفنلندا بالانضمام إلى الحلف.
وأكّد الحلف أنه سيقدّم لكييف "حزمة مساعدات لتحديث نظامها الدفاعي"، فيما أعلن أن على "روسيا وقف الحرب والانسحاب من أوكرانيا حالاً".
وذكر الحلف في بيان أنه "كيان دفاعيّ لا يُهدّد أحداً"، مشيراً في الوقت عينه إلى أنه سيعمل "على تطوير أنظمة الردع والدفاع" الخاصّة به.
واعتبر أن روسيا أكبر تهديد مباشر يواجهه الحلف، حين ندّد قادته بـ"الوحشية المروعّة" التي تمارسها روسيا في أوكرانيا، وتعهّدوا بتقديم المزيد من الدّعم لكييف لمواجهة الهجوم الروسي.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ في قمة الناتو في مدريد "أوكرانيا يمكن أن تعتمد علينا طالما لزم الأمر".
إلى ذلك، اتفق قادة حلف شمال الأطلسي على دعوة فنلندا والسويد رسمياً للانضمام إلى الحلف بعدما أبرمت تركيا اتفاقاً مع الدولتين الاسكندنافيتين لرفع اعتراضها على دخولهما في الحلف، كما أفاد البيان.
وأوضح أن "اليوم، قرّرنا دعوة فنلندا والسويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ووافقنا على توقيع بروتوكولات الانضمام".
روسيا ترد: القمة تؤكد "عدائية" الحلف حيال روسيا
قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي الأربعاء إن قمة حلف شمال الأطلسي في مدريد تؤكد "عدائية" الحلف حيال روسيا واصفا توسيع عضويته إلى فنلندا والسويد بأنه خطوة "مزعزعة للاستقرار الى حد كبير".
وأضاف لوكالات الأنباء الروسية أن "قمة مدريد تعزز مسار الاحتواء العدواني الذي ينتهجه الحلف حيال روسيا".
واعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، أن روسيا تمثل "تهديداً مباشراً" لأمن دول الناتو.
من جانبه، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن بلاده "ستعزز وجودها العسكري في أوروبا" كي يتمكن حلف شمال الأطلسي من "الردّ على التهديدات الآتية من كل الاتجاهات وفي كلّ المجالات".
ودفع الهجوم الروسي على أوكرانيا بفنلندا والسويد إلى طلب الانضمام إلى الناتو.
واتفق قادة الناتو الأربعاء خلال القمة على دعوة البلدين رسميا للانضمام إلى الحلف بعدما أبرمت تركيا اتفاقا مع الدولتين الاسكندنافيتين لرفع اعتراضها على عضويتيهما.
وأضاف ريابكوف "نعتبر توسع الحلف عاملًا مزعزعًا لاستقرار الشؤون الدولية. هذا الأمر لا يعزز لا أمن أولئك الذين توسّعوا، ولا أمن الذين انضموا، ولا أمن الذين يعتبرون الحلف بمثابة تهديد".
افتتاح القمّة
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في افتتاح اجتماع مقرر منذ فترة طويلة لكن رهاناته تضاعفت جراء الغزو الروسي لأوكرانيا، "ستكون قمة مدريد محورية".
ودعي الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي إلى المشاركة في النقاشات، في وقت تواصل كييف مطالبة شركائها بتزويدها أسلحة.
وقال ستولتنبرغ الثلثاء إن دول "الناتو" التي سبق أن منحت كييف مساعدات بمليارات الدولارات ستتفق في مدريد "على برنامج مساعدة كامل لأوكرانيا لمساعدتها على تحقيق حقها في الدفاع المشروع عن النفس".
وأكد "من الأهمية بمكان أن نكون مستعدين للاستمرار في توفير الدعم لأن أوكرانيا تواجه اليوم وحشية لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية".
وكان للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الموقف نفسه داعيا "الناتو" إلى توجيه "رسالة وحدة وقوة" في ختام قمة لمجموعة السبع في ألمانيا نظمت قبل قمة "الناتو". وشدد ماكرون على أن "روسيا لا يمكنها ولا يجب أن تكسب " الحرب.
نهاية الفيتو التركي
وإلى جانب أوكرانيا، أتاحت اجتماعات الأربعاء للناتو اعتماد "مفهومه الاستراتيجي" الجديد الذي يشكل أول مراجعة لخارطة الطريق المنتهجة منذ العام 2010، وتطرّق للمرة الأولى إلى التحديات التي تطرحها الصين،إذ اعتبر انها "تهدد مصالحنا وأمننا وتقوض النظام الدولي".
وكان الاجتماع فرصة لمباشرة عملية انضمام فنلندا والسويد اللتين قررتا الدخول إلى "الناتو" ردا على الهجوم الذي باشرته روسيا على أوكرانيا في 24 شباط وخرجتا بذلك عن حيادهما التقليدي.
وكانت تركيا العضو في الحلف منذ 1952 تعطل انضمام البلدين متهمة خصوصا ستوكهولم وهلسنكي بإيواء ناشطين من حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة "منظمة إرهابية".
لكن بعد اجتماعات طويلة على هامش القمة، أعطت تركيا الضوء الأخضر لدخول هذين البلدين إلى الحلف. وأعتبر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أنه حصل على "تعاون كامل" في مكافحة حزب العمال الكردستاني.
وقال ينس ستولتنبرغ إن "سياسة الباب المفتوح التي يعتمدها الحلف أفضت إلى نجاح تاريخي". وأضاف "استقبال فنلندا والسويد في الحلف سيجعلهما أكثر أمانا والحلف أكثر قوة ومنطقة أوروبا-الأطلسي أكثر أمانا".
وفي بيان، هنأ الرئيس الأميركي جو بايدن تركيا وفنلندا والسويد على توقيع الاتفاق.
وقال "فيما نبدأ هذه القمة التاريخية في مدريد، بات حلفنا أقوى وأكثر اتحادا وأكثر عزما من أي وقت مضى".
وسيسمح هذا الاتفاق لدول الحلف باظهار وحدتها الأربعاء. إلا أن الدخول الرسمي للبلدين الذي ينبغي أن تصادق عليه برلمانات الدول الأعضاء الثلاثين في الحلف، عملية طويلة تحتاج إلى أشهر.
"دوامة الموت"
وتنعقد قمة الحلف، في حين تستمر أوكرانيا على الأرض بدفع ثمن الغزو الروسي غاليا.
وأشارت السلطات الأوكرانية الثلثاء إلى حدوث ضربات قاتلة عدة استهدفت مدنيين لا سيما في مدينة ليسيتشانسك المجاورة لسفيرودونيتسك الواقعة في جيب مقاومة استراتيجي في منطقة حوض دونباس في شرق البلاد.
وأتت هذه الضربات غداة هجوم صاروخي أتى على مركز تجاري مكتظ في كريمنتشوك على بعد 330 كيلومترا جنوب شرق كييف ما أسفر عن سقوط ما لا يقل عن 18 قتيلا وفقدان نحو أربعين شخصا بحسب السلطات الأوكرانية.
وقال الرئيس الأوكراني إن عملية القصف هذه "هي من أفظع الأعمال الإرهابية في تاريخ أوروبا" داعيا إلى اعتبار روسيا "دولة راعية للإرهاب" بعد هذه الضربة التي استهدفت "مدينة هانئة".
وخلال مداخلة مباشرة مساء الثلثاء أمام مجلس الأمن الدولي دعا إلى إرسال لجنة تحقيق وطالب مجددا بطرد روسيا من مقعدها الدائم في المجلس.
وقالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري دي كارلو إن "دوامة الموت والدمار يجب أن تتوقف، لما في ذلك مصلحة أوكرانيا وروسيا والعالم بأسره" مفصلة الهجمات المرتكبة في الأيام الأخيرة في أوكرانيا.
لكن موسكو التي تؤكد منذ بداية الحرب أنها تريد "اجتثاث النازية" من أوكرانيا استبعدت الثلثاء وقف هجومها طالما لم تستسلم أوكرانيا.
وقال دميتري بيسكوف الناطق باسم فلاديمير بوتين "يجب إصدار الأوامر للجنود الأوكرانيين بتسليم سلاحهم وتطبيق الشروط التي حددتها روسيا. وسينتهي عندها كل شيء في غضون يوم واحد".