تتوسع دائرة الخلافات بين قادة إسرائيل على خلفية عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "حماس" في السابع من تشرين الاول، ويتقاذف القادة السياسيون والأمنيون التهم والمسؤوليات حول ما جرى وما يجب على إسرائيل فعله.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن خلافات حادة داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى مع "حماس".
وذكرت الصحيفة في تحليل إخباري لمراسلها العسكري عاموس هارئيل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "يخشى رفض ممثلي اليمين المتطرف في حكومته الصفقة، كما يخشى خروج عضو مجلس الحرب بيني غانتس المؤيّد للصفقة من حكومة الطوارئ، ومن ثم تفكّكها، مما سيزيد من فرص تصادمه (أي نتنياهو) مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن".
وأشارت إلى أن "من الواضح أن الجيش الإسرائيلي سيواجه الأيام المقبلة مقاومة عسكرية أكبر، رغم أن حركة حماس تجد هي الأخرى على ما يبدو صعوبة في تشكيل دفاع منظم ضد القوة العسكرية "الهائلة" التي تواجهها".
ووفق المحلل العسكري للصحيفة، فإن القضية الأكثر أهمية للإسرائيليين هي الأسرى، لافتا إلى المساعي التي تبذلها دولة قطر والولايات المتحدة للتوصل إلى "اتفاق مؤقت" يتم بموجبه إطلاق سراح جميع الأمهات والأطفال الـ70 الذين تحتجزهم حركة حماس والتنظيمات الأخرى.
لكن هآرتس تعلّق على ذلك بالقول إن "حماس تزعم أنها لا تستطيع تحديد سوى مكان 53 منهم على وجه اليقين".
وطبقا لهآرتس، "هناك جدال يدور في الجانب الإسرائيلي، خاصة داخل مجلس الحرب الذي يتزعمه نتنياهو، إذ يرى وزراء من حزب الوحدة الوطنية بمن فيهم بيني غانتس ولكن بشكل رئيسي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق غادي آيزنكوت أنه يجب على إسرائيل اغتنام الفرصة وإنقاذ كل من تستطيع إنقاذه على الفور، وإلا فإن حياتهم ستكون في خطر".
وتضيف الصحيفة أن "من الممكن أيضا أن ينقطع الاتصال ببعض الأسرى في ظل الفوضى السائدة في غزة".
وفي دلالة على الانقسام داخل مجلس الحرب، أكد هارئيل في تحليله أنه على "النقيض من موقف وزراء حزب الوحدة الوطنية، هناك معسكر آخر يرى خلاف ذلك، يتزعمه وزير الدفاع يوآف غالانت ويدعمه جزئيا رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الحالي هرتسي هاليفي وكبار ضباط الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)".
ويجادل أنصار هذا المعسكر بأنه ينبغي عدم وقف الزخم وأنه ينبغي تكثيف الضغط العسكري على حماس، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها انتزاع مزيد من التنازلات من القيادي في الحركة يحيى السنوار.
وهناك جدال آخر يدور حول ضرورة أن تصر إسرائيل على الإفراج عن جميع النساء والأطفال الـ70 الذين كانوا مدرجين في القائمة الأولية، كأدنى حد قبل إبرام أي صفقة.
وينتقد تقرير هآرتس نتنياهو، لأنه "لم يبلور حتى الآن موقفه النهائي بشأن صفقة الأسرى، وذلك لأنه "منشغل" باعتبارات سياسية وقلق من احتمال أن يتفوق عليه الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذان يتبنيان موقفا أكثر تشددا حيال هذه القضية".
ومن شأن هذا الرفض المستمر للتوصل إلى اتفاق أن يكون بمثابة "القشة التي تقصم ظهر البعير"، والتي ربما تكسر الائتلاف الحكومي "الهش"، وفقا للمحلل العسكري.
ويمضي مراسل هآرتس العسكري في تحليله إلى الإشادة برفض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المطالبة بوقف إطلاق النار رغم مرور شهر ونصف الشهر على الحرب في غزة، معتبرا أن ذلك يعد إنجازا كبيرا لصالح إسرائيل.
وينصح هارئيل في تقريره صناع القرار في الجيش الإسرائيلي بأن يأخذوا بعين الاعتبار أمرين: أولا، أن خططهم يمكن أن تتعطّل بسبب متغيرات غير متوقعة، تتعلق أساسا بالاحتكاك مع المدنيين الفلسطينيين.
وثانيا، أن الضمانة الأميركية لن تستمر إلى الأبد نظرا للقيود السياسية التي يتعين على الرئيس بايدن أن يتعامل معها على جبهته الداخلية.
وبالتالي، من الواضح ان الخلافات بين القيادات السياسية والامنية في إسرائيل تتعاظم وتطفو على سطح المشهد، وما عاد بالإمكان إخفاء الانقسام الحاد الحاصل، وبالتالي فغن الأنظار ستذتجه نحو تداعيات هذا الإنقسام.