بعد أيّام قليلة يعرف البريطانيّون هويّة رئيس الوزراء الجديد، وإن لم تحصل مفاجأة كُبرى ستخلف وزيرة الخارجيّة ليز تراس بوريس جونسون في داونينغ ستريت لتواجه وضعاً اقتصاديّاً واجتماعيّاً صعباً جداً.
ُوتظهر استطلاعات الرّأي تقدّماً كبيراً لتراس بفارق 32 نقطة وفق يوغوف. ولدى أعضاء حزب المحافظين حتى الثاني من أيلول لاختيار زعيمهم الجديد على أن تُعلن النّتيجة في الخامس من الشّهر عينه.
وشهدت الحملة الانتخابيّة معركة محتدمة بين المرشّحين المحافظين لخلافة بوريس جونسون المستقيل وهما الوزيرة المتمرّسة ليز تراس (47 عاماً) التي باتت تنتمي إلى أقصى اليمين في الحزب، وريشي سوناك (42 عاماً) وزير المال السّابق ذو الخبرة السياسيّة المحدودة الذي اعتمد الصرّاحة في نهجه دون أن يتمكّن دائماً من إيصال رسائله.
وفي حين تسجّل بريطانيا أسوأ تضخّم في دول مجموعة السّبع بنسبة 10,1 في المئة مع توقّعات بتجاوزه 18 في المئة في نيسان وفق "سيتي بنك"، اتّهم كلّ من المرشّحين الآخر بالاستجابة للأزمة عبر اقتراحات غير مناسبة إذ تعهّدت تراس خفض الضّرائب فيما اقترح سوناك تقديم مساعدات مباشرة.
وأكّد كلّ من المرشّحين أنه سيعتمد نهج رئيسة الوزراء السّابقة مارغريت تاتشر مع أنّ هؤلاء المحافظين لا يمتّون بصلة مع السيّدة الحديد.
واتّهم ريشي سوناك وهو حفيد مهاجرين هنود ومدافع عن سياسات ماليّة متشدّدة ليز تراس بـ "إطلاق وعود غير قابلة للتطبيق" مسلطاً الضوء على انجازاته كوزير للمال خلال فترة وباء كوفيد -19، كدليل على قدرته على التغلّب على الأزمات.
لكن ليز تراس المتفائلة تَعتبر أنّ "الركود الاقتصادي ليس حتميّاً ومن الممكن استحداث فرص في المملكة المتحدة". وتريد العودة عن جميع القوانين الموروثة من الاتّحاد الأوروبي، وتدعو إلى إزالة الضوابط واعتماد التجارة الحرّة، كما تدعو المحافظين إلى أن يكونوا طموحين.
- بريطانيون قلقون -
واهتمّ البريطانيّون بشكل محدود بالمرشّحين اللّذين يفتقران لجاذبيّة بوريس جونسون وسط قلقهم من شتاء صعب مع ارتفاع أسعار الطّاقة وتراجع قدرتهم الشرائيّة والإضرابات.
واعتبر الأستاذ في جامعة كوين ماري في لندن تيم بالي أنّه "في حزب يتّجه نحو الشعبويّة عرفت ليز تراس كيف تقدّم نفسها بشكل صادق وعادي أكثر من ريشي سوناك الذي يصنّف بسهولة مع النّخبة العالميّة".
ورأى أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة ستراثكلايد، جون كيرتس أنّ "تراس تمكّنت بسهولة من تمرير الرسائل التقليدية المحافظة".
واتُهم ريشي سوناك المتزوّج من مليونيرة هندية بالخيانة وبتسريع سقوط بوريس جونسون. فقد استقال في مطلع تموز وتبعه في خطوته نحو 60 عضواً في الحكومة على خلفيّة فضائح متكرّرة، في حين لم تقدّم تراس استقالتها.
ومنذ استقالته في 7 تموز يدير جونسون تصريف الأعمال بالحدّ الأدنى تاركاً اتخاذ القرارات الكبيرة لخلفه.
وذهب جونسون في إجازة مرّتين إلى سلوفينيا ثم إلى اليونان وبدأ بنقل أغراضه.
وسأله زعيم المعارضة العماليّة كير ستارمر "أين أنت؟" في 26 آب بعد الإعلان عن زيادة أسعار الطّاقة للأسر بنسبة 80 في المئة، معتبراً أنّ "غياب الحكومة أمر لا يغتفر على الإطلاق".
وتراس نائبة منذ 2010 تولّت مناصب وزاريّة مختلفة في ظل ثلاثة رؤساء وزراء منذ 2012. وانخرطت في شبابها في الحزب الديموقراطي الليبرالي قبل الانضمام إلى حزب المحافظين. في 2016 عارضت خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي قبل أن تعتمد موقفاً متشدداً داعماً للقضيّة.
ويختار أعضاء حزب المحافظين في السّلطة البالغ عددهم أقلّ من 200 ألف شخص رئيس الوزراء الجديد ومعظمهم من البيض وكبار السنّ والأثرياء في بلد يضمّ نحو 46 مليون ناخب مسجل.
وإذا خلفت بوريس جونسون، ستصبح ليز تراس ثالث امرأة تتولّى رئاسة الوزراء بعد مارغريت تاتشر (1979-1990) وتيريزا ماي (2016-2019).
ويتولّى حزب المحافظين المنقسم بين تيّارات مختلفة السّلطة منذ اثني عشر عاماً. وتشير جميع استطلاعات الرأي إلى أنه سيخسر أمام حزب العمّال في الانتخابات التشريعيّة المقبلة المقرّر إجراؤها في كانون الثاني 2025 على أبعد تقدير.