يرجّح علماء المناخ والبيئة أن يكون لمسألة المناخ ثقل كبير في السباق الانتخابي في البرازيل بين الرئيس السابق اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا والرئيس المنتهية ولايته اليميني المتطرّف جايير بولسونارو، الذي لفتت حرائق الأمازون خلال ولايته انتباه العالم إلى التدمير المتسارع لهذه الغابات.
في 19 آب 2019، غطت سماء ساو باولو أكبر مدن البرازيل، في فترة بعد الظهر سحب الدخان المتصاعد من حرائق في غابات الأمازون التي تبعد آلاف الكيلومترات جنبا، بعد ثمانية أشهر فقط على بداية ولاية الرئيس جايير بولسونارو.
لفت ذلك اليوم انتباه العالم للتدمير المتسارع للأمازون في عهد بولسونارو الذي تبقى مواقفه البيئية موضع تدقيق قبل أيام من الانتخابات الرئاسية البرازيلية التي ستجري الأحد.
بعد ثلاث سنوات على هذه الحرائق التي أثارت انتقادات كثيرة من الأسرة الدولية، يقول ناشطون إن سجل بولسونارو في حماية الأمازون وسكانها الأصليين انتقل من سيئ إلى أسوأ.
خلال ولايته، ارتفع معدّل قطع أشجار الغابات في منطقة الأمازون البرازيلية بنسبة 75% مقارنة بما كان عليه في العقد السابق، فيما خفّضت الحكومة التمويل البيئي بنسبة 71%.
وقام بولسونارو بصرف أو تهميش مسؤولين حكوميين رفضوا سياساته البيئية، وهاجم منتقديه الاجانب بخطاب قومي حول سيادة البرازيل على "غابات الأمازون خاصتنا"، بالإضافة إلى تشجيعه الدائم لأنشطة الزراعة أو التعدين على حساب الغابة خصوصًا في المحميات، مع دعوات لجعل الأمازون محرّكًا للنمو الاقتصادي.
في حين أن سجل لولا البيئي ليس مثاليا، يقول ناشطون إن لا مقارنة بينه وبين سجل بولسونارو في هذا المجال.
ويقول المدير التنفيذي لمجموعة مرصد المناخ البيئية Observatório do Clima مارسيو أستريني "نحن نواجه خيارًا جذريًا: تحديد ما إذا كانت الأمازون ستعيش أو سيحكم عليها بالإعدام في حال إعادة انتخاب بولسونارو".
ويضيف "إنها أهم انتخابات في تاريخ البرازيل".
- "يسحب في الاتجاه المعاكس" -
احتلت القضايا البيئية المرتبة الثانية في الحملة الانتخابية، بعد القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
لكن فما يكافح العالم لكبح الاحترار الحراري، فإنّ قضية الحفاظ على الأمازون تهمّ دول أخرى غير البرازيل التي تقع 60% من الغابة على أراضيها.
وتُظهر دراسات أن أكبر غابة مطيرة على كوكب الأرض تتعرض الآن للإجهاد لدرجة أنها بدأت في إطلاق كمية من الكربون أكبر من الكمية التي تمتصها.
ويقول عالِم المناخ الأميركي سكوت دينينغ إنه لا يتابع التطورات السياسية في البرازيل لكنه يراقب عن كثب ما يحصل في غابة الأمازون حيث تضاعفت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال العاميْن الأوليْن من ولاية بولسونارو لتبلغ ما يعادل 5% من الانبعاثات العالمية للوقود الأحفوري.
ويتابع الخبير بعلوم الغلاف الجوي في جامعة ولاية كولورادو "أربع سنوات أخرى بهذه الوتيرة وسيصبح لدينا الكثير من ثاني أكسيد الكربون. ليس ذلك بجيد".
ويضيف "الأمازون إسفنج حي ضخم يمتص الكربون. لكننا الآن نقطع الأشجار ونحرقها بشكل أسرع من قدرتها على النمو مجددا"، والتوقيت سيئ جدًا، بحسب قوله.
ويوضح أن "بقية دول العالم تتدافع لخفض انبعاثات الوقود الأحفوري لدينا (...) وبولسونارو يسحب في الاتجاه المعاكس".
- شوائب في سجل لولا -
وفي بيان صدر عن حملة بولسونارو، جاء أن سجلّه في الأمازون "يوازن بين حماية البيئة والنمو الاقتصادي".
وواجه لولا، الذي يتصدّر استطلاعات نيات التصويت، انتقادات أيضًا بشأن سجلّه البيئي الذي تضمّن القرار المثير للجدل لبناء سدّ بيلو مونتي الضخم لتوليد الطاقة الكهرومائية في الأمازون.
خلال السنة الأولى من ولاية لولا (2003-2010)، أُزيلت مساحة 27,772 كيلومترا مربّعا من الغابات في المنطقة البرازيلية للأمازون، أي أكثر من الـ13,038 كيلومترا مربّعا من الغابات المزالة العام الماضي في ولاية بولسونارو.
لكن، بحلول نهاية فترة ولايته، خفضت حكومة لولا قطع أشجار الغابات بنسبة 75% إلى أدنى مستوياتها التاريخية.
أمّا في عهد بولسونارو، فازدادت.
في الأيام الأخيرة، استفاد لولا من موجة تأييد له إذ دعا الرئيس الأسبق فرناندو هنريك كاردوسو البرازيليين إلى التصويت "للديموقراطية". وأيّدت دعوته وزيرة البيئة السابقة مارينا سيلفا.
ويقول الناشط البيئي كلاوديو أنخيلو الذي عمل في حملة سيلفا الرئاسية غير الناجحة لعام 2018 إن البيئة "ليست قريبة تمامًا من قلب لولا".
لكن معسكر لولا يعلم أنه متقدّم أكثر من بولسونارو من هذه الناحية.
وتعهّد لولا بأن يذهب "إلى أبعد" من أهداف خفض الانبعاثات البرازيلية بموجب اتفاق باريس 2015 وبإحياء صندوق تمويل الأمازون المدعوم دوليًا والذي تبلغ قيمته 1,3 مليار دولار لحماية الغابات المطيرة - المعلّق في عهد بولسونارو - والعمل على تحقيق صفر إزالة الغابات.