يصوّت الهولنديون، الأربعاء، في انتخابات تشريعية حاسمة سيتخلى في أعقابها رئيس الوزراء الأطول عهداً في تاريخ البلاد مارك روته عن منصبه بعدما أمضى ثلاثة عشر عامًا على رأس السلطة في هولندا.
وكشفت استطلاعات الرأي قبل أيام قليلة من الانتخابات عن تقدّم غير متوقع لليمين المتطرف الذي أصبح حالياً من الأوفر حظاً، بعدما توقعت لأسابيع تنافساً محتدماً بين ثلاثة مرشحين.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 7,30 صباحاً (6,30 بتوقيت غرينتش) وستغلق عند الساعة 21,00 (20,00 بتوقيت غرينيتش) ليبدأ الفرز وصدور النتائج الأولية.
وتراقب أوروبا من كثب هذه الانتخابات المبكرة، بعدما أدى روته دورًا أساسياً في قضايا بينها دعم منطقة اليورو، ودعم أوكرانيا في حربها مع روسيا.
وأكدت استطلاعات الرأي أنّ نسبة كبيرة من الناخبين بقيت مترددة حتى يوم الانتخابات، ما يجعل توقع نتائجها غير ممكن.
وقال فنسنت سبايكر (54 عاماً) وهو مدير في شركة، لوكالة فرانس برس "أرى أنها انتخابات مختلفة قليلاً عن غيرها، لأنه بإمكان الجميع أن يفوز. وحصرت خياري بمرشحين اثنين. ثم اخترت واحداًَ من خلال استخدام عملة معدنية والقيام برمية حظ (طرة نقشة)".
ومن الممكن أن تصبح ديلان يسيلغوز البالغة 46 عامًا، من حزب اليمين الوسط الذي يتزعمه مارك روته أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة.
وقالت لوكالة فرانس برس على هامش تجمع حاشد "لقد حان الوقت".
كذلك ارتفع عدد مؤيدي نائب رئيس المفوضية الأوروبية السابق فرانس تيمرمانز، قبل الانتخابات مباشرة بحسب استطلاعات الرأي. ويُعتبر تيمرمانز مرجعًا رائدًا في القضايا البيئية منذ دفاعه عن "الميثاق الأخضر" الأوروبي.
ويرى محللون أن تأييد عدد من الناخبين لتيمرمانز يأتي في محاولة لمنع تشكيل ائتلاف يميني، بعد اختراق حققه زعيم حزب "بي في في" اليميني المتطرف غيرت فيلدرز.
- احتمال تشكيل ائتلاف يميني متطرّف -
ووصلت يسيلغوز، المولودة في تركيا، إلى هولندا في سن الثامنة مع والدها كطالبة لجوء، لكنها تؤيد حالياً الحد من الهجرة. وشكلت مفاجأة عندما أعلنت انفتاحها على احتمال التحالف مع حزب "بي في في" اليميني المتطرف.
ومن جهته سعى فيلدرز مؤخراً إلى تحسين صورته من خلال تعديل بعض مواقفه. وأكد خصوصاً أن هناك مشاكل أكثر إلحاحاً من خفض عدد طالبي اللجوء، وخفف من حدة بعض مواقفه المعادية للإسلام. وهاجم خصوم فيلدرز مواقفه المعادية للإسلام خلال آخر مناظرة أجراها قبل الانتخابات عبر تلفزيون "إن أو إس" العام، لكنه ردّ مؤكداً أنه سيكون رئيس وزراء لـ"جميع الهولنديين".
وسيشكل فوز فيلدرز في حال حدوثه زلزالاً سياسياً تصل تداعياته إلى خارج حدود هولندا، وسيعقّد تشكيل حكومة إذ إن عملية إيجاد شركاء قد لا تكون سهلة بالنسبة للحزب اليميني المتطرف.
وأظهرت الاستطلاعات تراجعاً طفيفاً لحزب "العقد الاجتماعي الجديد"، بقيادة بيتر أومتزيغت، بعدما كان قد حقّق اختراقاً سريعاً في الاستطلاعات عقب تأسيسه في آب/أغسطس.
ووعد أومتزيغت البالغ 49 عامًا، بجعل السياسة الهولندية جديرة بالثقة بعد تعرضها لفضائح عدة، ويتخذ موقفًا متشددًا بشأن الهجرة.
وكرر هذا النائب الشعبي مراراً أنه لا يرغب في أن يصبح رئيساً للوزراء، قبل أن يعلن عشية الانتخابات التشريعية أنه مستعد لقيادة حكومة خبراء.
- انقسام -
وشكلت الهجرة، وكلفة المعيشة، وأزمة السكن التي تؤثر خصوصاً على الشباب في البلاد أبرز عناوين الحملة الانتخابية.
ويرى خبراء أن الهولنديين يبحثون عن تغيير في طريقة الحكم بعد انسحاب رئيس الوزراء الأطول عهداً في تاريخ البلاد، مارك روته.
وفاجأ روته، زعيم حزب الشعب من أجل الحرية والديموقراطية، البلاد بإعلانه في تموز/يوليو أنه سينسحب من العمل السياسي بعدما تولى رئاسة الحكومة مدى 13 عاما.
وجاء ذلك بعد انهيار الائتلاف الرباعي بقيادته على خلفية سجال حاد حول سياسة طالبي اللجوء.
ومن غير المرجح أن يفوز أي حزب بأكثر من 20 بالمئة من الأصوات، ما يعني أن إجراء مناقشات طويلة سيكون ضرورياً قبل تشكيل ائتلاف.
واستغرق تشكيل الحكومة الأخيرة 271 يوماً، وهي فترة غير مسبوقة.
وقالت خبيرة الشؤون السياسية جوليا ووترز لوكالة فرانس برس "كل من يقول إنه يعرف من سيفوز في هذه الانتخابات، يكذب". وأضافت "الوضع مفتوح على كل الاحتمالات".