النهار

رسالة من الطبيب الأميركي وليد علمي إلى جو بايدن
المصدر: "النهار"
رسالة من الطبيب الأميركي وليد علمي إلى جو بايدن
الأطفال الخدّج في غزة.
A+   A-
وليد علمي 

أكتب لك هذه الرسالة بصفتي مواطناً أميركياً وطبيب قلب. عملي ليس بعيداً عن البيت الأبيض، وأخلد إلى النوم كل ليلة ممتناً لأنني تلقيت تعليماً ممتازاً. أنام ملء جفوني كل ليلة لأنني أنجح في إنقاذ حياة شخص ما كل يوم. ولا أعتبر هذه الفرص أمراً مفروغاً منه. 
 
عندما أقسمت على إنقاذ أرواح الناس، اعتقدت أن جميع الأرواح مهمة ومتساوية، ولا زلت عند اعتقادي. أعلم أنك لست طبيباً، ولكنني اعتبرت أنك ستلتزم بالقسم نفسه عندما أديت اليمين الدستورية رئيساً للولايات المتحدة. واقتنعت بهذه الفكرة أكثر عندما علمت أنك فقدت زوجتك الأولى وابنك، البريئين بسبب تواجدهما في المكان الخطأ والتوقيت الخطأ. وأنا على يقين بأن الأطباء الذين حاولوا إنقاذ حياتهما بذلوا أقصى جهودهم، ليس لأنهما مرتبطان بعضو في مجلس الشيوخ، بل لأنهما إنسانان.
 
لا طبيب يميّز المرضى بسبب مكان ولادتهم أو إقامتهم أو لغتهم أو حتى خيارهم في الانتخابات. تخيل أن يتم الحكم عليك بسبب هذه الأمور. يتعارض ذلك بشدة مع الإنسانية ناهيك عن أنه يخالف القانون. إذا كنتُ شاهداً على هذا الموقف، سيكون من واجبي كطبيب وكإنسان الإبلاغ عنه.
 
يشهد الناس في الولايات المتحدة والعالم بأسره على هذه الجرائم البشعة في غزة، وتُصرف الضرائب التي أسددها بشق الأنفس على الأسلحة التي تقتل الأبرياء في غزة. إن التزمت الصمت حيال هذه الجرائم ولم أبلغ عنها، أكون متواطئاً في قتل 5000 طفل من غزة (ما يعادل 600 ألف طفل أميركي)، سُحقت جماجمهم وعظامهم وحُطمت أعضاؤهم وقلوبهم. أُزهقت الأرواح بسبب آلات القتل التي دفعتُ أنا ثمنها وأهديتَها أنت إلى نتنياهو. أنا لا أتحدث عن الأرقام، بل أتحدث عن الأطفال، والعائلات، والمعلمين، والممرضات والأطباء، والصحافيين، وعما الإغاثة، والفنانين، والبشر. والقطط، والكلاب، والبغال والخيول، وأشجار الزيتون وأشجار التمر، والمدارس، والخيم مؤقتة، والمستشفيات، ودور رعاية المسنين، والكنائس والمساجد... كل هذا لماذا؟
 
 
كوني ابن طبيب من غزة، أصبح لاجئا بعدما احتلت "إسرائيل" قطاع غزة عام 1967، نشأتُ في لبنان وكنت شاهداً على الدمار الذي خلفته الحرب وآثارها المستمرة .... ولكن، رغم أن بؤس الحرب كان شديداً آنذاك، لم تُقصف المستشفيات كما حدث الآن، وبالتأكيد لم يجرؤ أحدٌ على تقديم مثل هذه التبريرات، خاصة من أقوى منصب في العالم.
 
يحكم عليك الآن مليارات الأشخاص هنا وحول العالم، ليس فقط لتمويلك هذه الإبادة الجماعية بل لتمتعك بالقدرة الكاملة على إيقافها واختيارك التخلف عن ذلك. لن ينس أحد هذا الأمر بعد عام، عندما يحين وقت الانتخابات. 
 
لذا اسمح لي أن أسألك: كيف تنام الليل وأنت على علم بأنك تمتلك القوة المطلقة لإيقاف قتل آلاف الأبرياء؟ كيف تنام وأنت على علم بأنك تستطيع إنهاء الحرب بكلمة واحدة: وقف إطلاق النار؟
 
والآن بعدما أصبح عيد الشكر قربياً، لا أطيق الانتظار لمعرفة أسماء /جنس الديوك الرومية التي ستحميها وتعفو عنها هذا العام.
 
وبينما تقوم بذلك، هل تعتقد أن بإمكانك العفو أيضاً عن مليون طفل في غزة، أو ربما تطلب من نتنياهو أن يحد من موسم الصيد المفتوح؟
 
أرجو أن تقوم بذلك بالطريقة الصحيحة، من أجل الإنسانية.
 
أحفادك وتاريخك سيحكمون عليك وآمل أن تقرر أخذ الجانب الصحيح منه. لا يزال أمامك حوالي 2.2 مليون سبب لاتخاذ هذا الخيار.
 
مع خالص التقدير. 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium