تقدمت رئيسة جامعة بنسيلفانيا ("UPenn") الأميركية المرموقة إليزابيث ماغيل باستقالتها من منصبها في أعقاب موجة انتقادات واسعة طالتها على خلفية جلسة استماع في الكونغرس بشأن معاداة السامية في جامعات الولايات المتحدة بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.
وأعلن رئيس مجلس أمناء الجامعة سكوت بوك السبت أنّ ماغيل "قدّمت استقالتها بشكل طوعي".
وأكّد متحدث باسم الجامعة لوكالة فرانس برس أنّ بوك بدوره استقال من منصبه.
وكانت ماغيل واحدة من رئيسات ثلاث جامعات أميركية مرموقة تعرّضن لانتقادات حادة بعد مثولهنّ الثلثاء أمام الكونغرس في جلسة استماع مخصّصة للبحث بمعاداة السامية في الجامعات.
وقدّمت الرئيسات الثلاث مطالعات قانونية وأخلاقية مطوّلة وتفادين الإجابة المباشرة عن أسئلة شملت الاستفسار عمّا إذا كانت الدعوة الى "إبادة اليهود" تشكّل انتهاكاً للقوانين الطالبية في الجامعات.
وأثارت تصريحات ماغيل ورئيسة جامعة هارفرد كلودين غاي ورئيسة "أم آي تي" سالي كورنبلوث انتقادات غاضبة.
وطالب 74 مشرّعاً أميركياً بإقالة الرئيسات الثلاث، بينما اعتبر الحاكم الديموقراطي لولاية بنسيلفانيا جوش شابيرو أنّ أداء ماغيل كان "مخزياً".
وأعلن أحد المتبرعين لجامعة بنسيلفانيا سحب دعم بقيمة 100 مليون دولار قدّمه لكلية إدارة الأعمال.
- "عليك الاستقالة" -
وخلال جلسة الاستماع، سألت العضو في الكونغرس إليز ستيفانيك الرئيسات الثلاث عمّا اذا كانت الدعوة الى "إبادة اليهود" تشكّل مخالفة لقواعد التصرّف في الجامعات. وردّت ماغيل بالقول "اذا تحوّل الخطاب الى تصرّف، يمكن أن يكون مضايقة، نعم".
ومع مواصلة ستيفانيك البحث عن إجابة مباشرة، ردّت ماغيل بالقول إنّ القرار بشأن اعتبار هذا الأمر مضايقة أم لا سيكون مرتبطا بدراسة الحالة لدى وقوعها والسياق الذي حصلت فيه.
وأثارت الاجابة غضب ستيفانيك التي قالت لماغيل "الأمر لا يرتبط بالسياق. الإجابة هي نعم، ولذا عليك الاستقالة".
وعلّقت ستيفانك على استقالة ماغيل، وتوجّهت عبر منصة "إكس" الى رئيستي هارفرد و"أم آي تي" بدعوتهما الى "القيام بالأمر الصحيح... العالم يراقب"، في دعوة غير مباشرة لهما للاستقالة.
وأتى الاعلان عن استقالة ماغيل غداة تقديم رئيسة جامعة هارفرد كلودين غاي اعتذاراً علنياً عن تعليقاتها خلال جلسة الاستماع في الكونغرس.
وقالت في مقابلة نشرتها صحيفة "هارفرد كريمسون" التي ينشرها طلاب الجامعة "أنا آسفة".
وأضافت "كان يجب أن يكون ذهني حاضراً في تلك اللحظة لأعود إلى الحقيقة التي ترشدني، وهي أنّ الدعوات إلى العنف ضدّ مجتمعنا اليهودي (...) والتهديدات الموجّهة لطلابنا اليهود (...) لا مكان لها في جامعة هارفرد، ولن تمرّ بدون أن يتمّ التصدّي لها".
وأكد رئيس مجلس أمناء جامعة بنسيلفانيا أن ماغيل ارتكبت "زلّة مؤسفة" الثلثاء، وفق ما نقلت عنه صحيفة الجامعة "ديلي بنسيلفانيان".
وأضاف "لم تكن الثلثاء كما نعهدها"، معتبراً أنّها "قدّمت إجابة قانونية على سؤال أخلاقي، وهذا كان خاطئاً".
وأعرب عن أسفه لأنّ ذلك نتج عنه "تسجيل مريع مدّته 30 ثانية" غلب على "شهادة امتدّت خمس ساعات".
وأكد بوك أنّ استقالته هي بمفعول فوري، في حين أنّ ماغيل ستبقى في منصبها الى حين تعيين رئيس بالإنابة. كما أوضح أنّها ستواصل العمل كأستاذة في كلية الحقوق.
ووضعت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الجامعات الخاصة في الولايات المتحدة أمام معضلة دقيقة: تلبية مطالب داعميها الأثرياء المؤيّدين للدولة العبرية، والحفاظ في الوقت عينه على حقّ طلابها في التعبير عن آرائهم الداعمة للفلسطينيين.
وقام عدد من الأثرياء الأميركيين، أو لوّحوا على الأقلّ، بوقف تبرّعاتهم لمؤسسات تعليم عالٍ عريقة مثل جامعة هارفرد في ولاية ماساتشوستس وجامعة بنسلفانيا.
كذلك، واجه المسؤولون عن جامعتي كولومبيا في نيويورك وستانفورد في ولاية كاليفورنيا مطالبات بالنأي بأنفسهم بشكل لا لبس فيه عن مجموعات طالبية مؤيدة للفلسطينيين تتّهم إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في منشورات يتم توزيعها خلال تحركاتها.
في المقابل، دعت مجموعة من أساتذة هارفرد إلى وضع حدّ للمضايقات في حقّ طلاب وقّعوا عريضة مناهضة لإسرائيل.
ويكفل الدستور الأميركي حرية التعبير والإدلاء بالرأي، ويستند الكثير من مسؤولي الأحرام الجامعية الى تقرير لجنة كالفن لعام 1967 في الدفاع عن حرية الطلاب في التعبير عن مواقفهم.
والتقرير الذي أصدرته جامعة شيكاغو في خضم احتجاجات غاضبة ضدّ حرب فيتنام وأعمال شغب على صلة بالحقوق المدنية، خلص الى أنّ دور الجامعات يجب أن يكون الترويج لتعددية الآراء عوضاً عن اتخاذ موقف بشأن قضايا مثيرة للجدل.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّ الجالية اليهودية تتصدى لهذا الاتجاه الحالي لمعاداة السامية، قائلًا خلال الاجتماع الحكومي الأسبوعي "الشيء المهمّ الذي يحدث الآن هو أنّ الأصدقاء والزعماء في الجالية اليهودية يرفعون الصوت".
وأضاف "هذه هي الطريقة الوحيدة لمحاربة (معاداة السامية)، بكل فخر وشرف وليس برؤوس منحنية".