تواصل اسرائيل الإثنين قصف قطاع غزة بكثافة في اليوم الثمانين من حرب لا تسمح للمدنيين المهددين بمجاعة بالتقاط أنفاسهم على الرغم من الضغوط الدولية لوقف إطلاق النار.
وفي الفاتيكان، دان البابا فرنسيس في رسالة الميلاد "الوضع الإنساني اليائس" للفلسطينيين في غزة، داعيا لوقف العمليات العسكرية في الحرب بين إسرائيل وحماس والإفراج عن الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في القطاع.
وقال البابا "أحمل في قلبي الألم من أجل ضحايا الهجوم الآثم الذي وقع في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وأجدّد ندائي الملحّ للإفراج عن الرهائن الذين ما زالوا محتجزين".
ترحيل السنوار؟
وفي سياق متصل، أفادت صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل"، بأن إسرائيل تدرس خياراً حول مصير قادة حركة "#حماس" في غزة، ومنهم #يحيى السنوار و#محمد الضيف.
وأشار موقع الصحيفة الى إن تل أبيب تدرس خيار عدم قتل كل من السنوار والضيف، ومنحهما حصانة لترحيلهما إلى دولة أخرى، وذلك مقابل إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس.
ونقل الموقع عن "هيئة البث الإسرائيلية كان"، أن مصادر إسرائيلية أكدت مناقشة القيادة الأمنية والسياسية مثل هذا الخيار.
واعتبرت مصادر أن مثل هذا الخيار يجب ألا يضرّ بهدف العملية العسكرية الرئيسي، والمتمثل في تفكيك قيادة حماس وقدراتها العسكرية.
وبعث السنوار رسالة إلى رئيس وأعضاء المكتب السياسي للحركة، وقد نقل فيها معلومات بأنّ "كتائب عز الدين القسام تخوض معركة شرسة وعنيفة وغير مسبوقة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وجيش الاحتلال تكبّد خسائر باهظة في الأرواح والمعدات".
وفي رسالته، قال السنوار إنّ "القسام استهدفت، خلال الحرب البرية، ما لا يقلّ عن 5 آلاف جندي وضابط، قُتل ثلثهم، وأصيب ثلثهم الآخر بإصابات خطيرة، والثلث الأخير بإعاقات دائمة، أمّا على صعيد الآليات العسكرية، فقد تم تدمير 750 منها، بين تدمير كلي وجزئي".
وأضاف أنّ "القسام هشّمت جيش الاحتلال، وهي ماضية في مسار تهشيمه، وأنّها لن تخضع لشروط الاحتلال".
"حماس" ترفض مقترحاً مصرياً
قال مصدران أمنيان مصريان لرويترز اليوم الاثنين إن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي المتحالفة معها رفضتا اقتراحاً مصرياً بترك السيطرة على قطاع غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار.
ورفضت الحركتان اللتان تجريان محادثات منفصلة مع وسطاء مصريين في القاهرة تقديم أي تنازلات بخلاف إطلاق سراح المزيد من الرهائن.
واقترحت مصر "رؤية" أيدها أيضا الوسطاء القطريون تتضمن وقفا لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح المزيد من الرهائن، وتؤدي إلى اتفاق أوسع يتضمن وقفا دائما لإطلاق النار إلى جانب إصلاح شامل للقيادة في غزة التي تتولاها حاليا حماس.
وقال المصدران إن مصر اقترحت إجراء انتخابات بينما قدمت ضمانات لحماس بعدم مطاردة أعضائها أو ملاحقتهم قضائيا، لكن الحركة الإسلامية رفضت تقديم أي تنازلات سوى إطلاق سراح الرهائن. ويعتقد أن أكثر من 100 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة.
ورفض أحد مسؤولي حماس، والذي زار القاهرة في الآونة الأخيرة، التعليق بشكل مباشر على عروض محددة بشأن المزيد من فترات الهدنة الإنسانية المؤقتة وأشار إلى رفض الحركة مرددا موقفها المعلن رسميا.
وقال المسؤول لرويترز "حماس تسعى الى انهاء العدوان الإسرائيلي عن شعبنا وانهاء المجازر والإبادة الجماعية وتحدثنا مع إخواننا المصريين حول السبل لتحقيق ذلك".
وأضاف "قلنا أيضا إن المساعدات لابد أن تزيد وأن تستمر وأن تصل إلى كل شعبنا في الشمال والجنوب".
وتابع "بعد أن ينتهي العدوان ويتم زيادة المساعدات يمكن الحديث عن صفقة تبادل".
من جهتها، رددت حركة الجهاد الإسلامي التي تحتجز رهائن أيضا في غزة هذا الموقف.
ويزور وفد من حركة الجهاد الإسلامي بقيادة الأمين العام للحركة زياد النخالة حاليا القاهرة لتبادل الأفكار مع مسؤولين مصريين حول عروض تبادل الأسرى وقضايا أخرى، لكن مسؤولا قال إن الجماعة اشترطت إنهاء الهجوم العسكري الإسرائيلي قبل إجراء المزيد من المفاوضات.
وقال المسؤول إن حركة الجهاد الإسلامي تصر على أن أي عملية تبادل يجب أن ترتكز على مبدأ "الكل مقابل الكل"؛ أي إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس والجهاد الإسلامي في غزة مقابل إطلاق سراح جميع الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل.
الحرب متواصلة
ومع تواصل الحرب في غزة، غابت احتفالات العيد لدى الفلسطينيين خصوصا في مهد السيد المسيح مدينة لحم في الضفة الغربية المحتلة.
وفي وقت مبكر من الإثنين، أسفر قصف عن مقتل 12 شخصا بالقرب من قرية الزوايدة الصغيرة (وسط)، حسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واسرائيل "منظمة إرهابية".
وذكر مراسل لوكالة فرانس برس أن عمليات قصف مكثفة جرت ليلا في رفح وخان يونس بجنوب القطاع الذي يخضع لحصار اسرائيلي منذ أكثر من 15 عاما والمطوق بالكامل منذ أكثر من شهرين.
وقالت وزارة الصحة في غزة في بيان إن قصفا في خان يونس (جنوب) أودى بحياة 18 شخصا على الأقل. وقتل سبعون شخصا على الأقل في غارة على مخيم المغازي للاجئين الأحد، حسب حكومة حماس.
وردا على سؤال لفرانس برس، قال الجيش الاسرائيلي إنه "يحقق" في هذا "الحادث" ويحترم القانون الدولي.
وقال زياد عوض الذي نجا من الغارة في المغازي "قصفوا منزلا بجانبنا. طفلي يقول لي احميني ولا استطيع حماية نفسي"، موضحا "فوجئنا بقصف البيوت دون انذار، زلزال في المنطقة".
في الجانب الاسرائيلي، قتل أكثر من 15 عسكريا خلال الأيام الثلاثة الماضية. وصباح الإثنين أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين آخرين مما يرفع إلى 156 حصيلة خسائر قواته على الأرض في غزة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد "ندفع ثمنا باهظا جدا للحرب، لكن ليس أمامنا خيار سوى مواصلة القتال".
وتوعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد الهجوم غير المسبوق والعنيف الذي شنته الحركة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي وأسفر عن 1140 قتيلا، معظمهم من المدنيين كما تفيد آخر الأرقام الرسمية الإسرائيلية.
"منطق الحرب الخاسر"
وفي ذلك اليوم، خطف مسلحو حماس نحو 250 شخصا، لا يزال 129 منهم محتجزين في غزة، حسب اسرائيل.
وأدى القصف الاسرائيلي إلى مقتل 20424 شخصًا في قطاع غزة، معظمهم من النساء والمراهقين والأطفال، حسب آخر تقرير صدر عن وزارة الصحة التابعة لحماس. كما أجبر 1,9 مليون شخص أو 85 بالمئة من سكان القطاع، على الفرار من منازلهم، حسب الأمم المتحدة.
وأكد نتانياهو في رسالته بمناسبة عيد الميلاد الموجهة إلى المسيحيين في جميع أنحاء العالم "نحن نواجه وحوشا"، معتبرا أن "هذه معركة ليست فقط لإسرائيل ضد هؤلاء الهمج بل معركة الحضارة ضد الهمجية أيضا".
بعد نحو ثلاثة أشهر على بدء الحرب، أصبح الوضع الإنساني في قطاع غزة حيث نزح 85 بالمئة من السكان، يائسا، كما تؤكد وكالات الأمم المتحدة منذ أيام.
من جانبها وفي مواجهة الخسائر الفادحة بين المدنيين الفلسطينيين، تصر الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل، بشكل متزايد، على أن تلجأ الدولة العبرية بشكل أكبر الى العمليات المحددة الاهداف.
الى ذلك، انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي ايلي كوهين عبر منصة "إكس" الإثنين "سلوك الأمم المتحدة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر يشكل وصمة عار في جبين المنظمة والمجتمع الدولي" منتقدا الأمين العام انطونيو غوتيريش ومنظمات أممية وموظفيها.
"جيش كامل سينهض للانتقام"
وأنهك القصف المتواصل سكان القطاع.
وفي رفح (جنوب)، تنهار إسراء أبو العوف (27 عاما) بعد قصف الأحد على حي سكني لجأت إليه. وقالت لفرانس برس "كفى معاناة! لنتوقف عن جعل هؤلاء الأطفال يعانون، دعونا نتوقف عن فرض هذا المستقبل المؤلم عليهم".
وأضافت "أقول لك يا نتانياهو، كل طفل (...) سيكبر وهو يريد الانتقام لأبيه وأمه وعمه (...) جيش كامل سينهض للانتقام من إسرائيل مرة أخرى، لنوقف هذا".
وعلى الرغم من تبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الجمعة قرارا يدعو إلى تسليم المساعدات الإنسانية "الفورية" و"على نطاق واسع"، لم تسجل زيادة كبيرة في هذا المجاتل.
وأعلن الجيش الأردني مساء الأحد أن طائراته أسقطت مساعدات لنحو 800 شخص لجأوا إلى كنيسة القديس فرفوري في شمال قطاع غزة.
وما زال الوضع الإنساني في غزة كارثيا. فمعظم المستشفيات هناك خارج الخدمة، وفي الأسابيع الستة المقبلة، يواجه جميع السكان خطر مستوى عال من انعدام الأمن الغذائي مما قد يؤدي إلى مجاعة، كما تقول الأمم المتحدة.
وصرح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الأحد أن "القضاء على النظام الصحي في غزة هو مأساة".
أما الوسطاء المصريون والقطريون فما زالوا يحاولون التفاوض على هدنة جديدة بعد توقف للقتال لمدة سبعة أيام في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر سمح بالإفراج عن 105 رهائن و240 أسيراً فلسطينياً بالإضافة إلى دخول قوافل مساعدات إنسانية كبيرة إلى غزة.
أعمال تعذيب
ذكر مصدر في حركة الجهاد الإسلامي، أن الأمين العام للحركة زياد النخالة وصل على رأس وفد إلى القاهرة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أنه اكتشف "مخزن أسلحة مجاور لمدارس ومسجد ومركز طبي" يحتوي على "أحزمة ناسفة مناسبة للأطفال وعشرات من قذائف الهاون ومئات القنابل اليدوية ومعدات استخباراتية".
وقال إنه يقوم في إطار عملياته باعتقال "أشخاص يشتبه بتورطهم في أنشطة إرهابية"، مؤكدا أن الذين "يثبت عدم مشاركتهم في أنشطة إرهابية يتم إطلاق سراحهم".
لكن فلسطينيين أفرج عنهم بعد اعتقالهم في قطاع غزة قالوا لفرانس برس إنهم خضعوا للتعذيب وهو ما ينفيه الجيش.
وأكد نايف علي (22 عاما) "أوثقوا يدي وراء ظهري لمدة يومين. لم يكن لدينا ما نشربه أو نأكله ولم يسمحوا لنا باستخدام المراحيض.. ضرب وفقط ضرب".
ودعت حماس الأحد اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى التحقيق في هذه الاعتقالات.
انسحاب لحزب الله
وعلى وَقع استمرار التصعيد عند الجبهة الجنوبية، نقل موقع "واللا" الإسرائيلي معلومات تزعم بأنّ "#حزب الله" بدأ بسحب بعضاً من قوات النخبة لديه، المعروفة باسم "قوّة الرضوان"، من المناطق الحدودية، وسط تنامي المخاوف من هجوم مباغت للجيش الإسرائيلي كانت قد كشفت عنه منذ أيام صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وبحسب الموقع الإسرائيلي، فقد تلقّى #الجيش الإسرائيلي معلومات استخباراتية تُشير إلى أنّ قوات "الرضوان" انتقلت "جزئيّاً" من #جنوب لبنان.
ويضيف الموقع في تقريره أنّ هذا الإجراء يعود في الأغلب إلى "ارتفاع عدد الضحايا بين عناصر حزب الله منذ بدء الحرب في 8 تشرين الأول"، على الحدود الجنوبية.
وبحسب التقرير أيضاً، فقد "أعاد "حزب الله" تمركز الآلاف من عناصره من مختلف الأفرع بعيداً من الأراضي الإسرائيلية"، ومن بينهم مقاتلو "الرضوان"، فيما لم تؤكد المعلومات المزعومة ما إذا كان انسحاب هذه القوّات "تكتيكاً موقّتاً أم دائما"، وفق ما قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون لموقع "واللا".
ضربة إسرائيلية استباقية لـ"حزب الله"
وأفادت "وول ستريت جورنال"، الأسبوع الماضي، بأنّ الرئيس الأميركي جو أقنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتفادي ضربة استباقية لـ"حزب الله" بعد أيام من 7 تشرين الأول لتفادي تفجير حرب إقليمية أوسع، فيما نفى مكتب نتنياهو حينذاك صحة التقرير.
وفي وقت سابق، قالت مصادر عسكرية اسرائيلية أن فرص التوصل الى اتفاق بشأن الحدود مع "حزب الله" تتضاءَل.
وتجري اتصالات رفيعة تقودها واشنطن مع الجانب اللبناني حول ابتعاد الحزب مسافة عن الحدود والتوصّل إلى حل ديبلوماسي، في حين تشير معلومات إلى طلب اسرائيل ابتعاد الحزب مسافة تقارب الـ8 كيلومترات، إلّا أنّ "حزب الله" يرفض المطالب الإسرائيلية بشكل قاطع.