بدأ مسؤولو الانتخابات في بنغلادش فرز الأصوات، الأحد، بعد اقتراع يُرجّح أن تفوز فيه رئيسة الوزراء الشيخة حسينة بولاية خامسة إذ قاطعته أحزاب بينها حزب المعارضة الرئيسي الذي وصفته بـ"المنظمّة الإرهابية".
وذكرت وسائل إعلام بنغلاديشية أن الشيخة حسينة في طريقها إلى الفوز بالانتخابات موضحة أنها حصلت حتى الآن على 60 % من الأصوات ولا يمكن لمنافسيها اللحاق بها.
شهدت بنغلادش، الدولة الثامنة في العالم لجهة عدد السكان (نحو 170 مليون نسمة) وكانت تعاني فقرا مدقعا، نموا اقتصاديا قويا تحت قيادة حزب رابطة عوامي الذي تتزعمه حسينة. لكنّ الحكومة واجهت اتهامات بانتهاكها مرات عدة حقوق الإنسان وقمعها المعارضة بأساليب عنيفة.
ولا يواجه حزب رابطة عوامي أي معارضين تقريباً في الدوائر الانتخابية التي يتنافس فيها، لكنّه أحجم عن تسمية مرشحين في عدد منها، لكي لا يُعتبر البرلمان أداة يتحكّم بها حزب واحد.
وقال الناطق باسم لجنة الانتخابات شريف العالم لوكالة فرانس برس "بدأ فرز الأصوات".
ودعا الحزب القومي البنغلادشي الذي شهدت صفوفه موجة توقيفات واسعة إلى إضراب عام نهاية الأسبوع وحضّ السكان على عدم المشاركة في ما وصفها بأنها انتخابات "زائفة".
لكن حسينة (76 عاما) دعت المواطنين للاقتراع تعبيرا عن إيمانهم بالعملية الديموقراطية.
وقالت للصحافيين بعد الإدلاء بصوتها "الحزب القومي البنغلادشي منظمة إرهابية... أبذل قصارى جهدي لضمان استمرار الديموقراطية في هذا البلد".
- "لماذا أصوّت؟" -
ويتوقع صدور النتائج صباح الاثنين، في حين تبث قنوات تلفزيونية عمليات الفرز الأولية في عدة مراكز اقتراع، والتي تظهر تقدّم مرشحي الحزب الحاكم.
وقال رئيس مفوضية الانتخابات حبيبول أوال للصحافيين إن نسبة المشاركة بناء على الأرقام الأولية، بلغت حوالى 40 بالمئة.
وقال أميت بوز (21 عاما)، الذي اقترع للمرة الأولى، إنه أدلى بصوته لصالح "مرشحه المفضل"، وحث الآخرين على أن يحذوا حذوه.
لكن أكد كثر بأنهم لم يشاركوا نظرا إلى أن النتيجة محسومة سلفا.
وقال محمد سيدور (31 عاما) "عندما يشارك حزب ولا يشارك الآخر، لم سأصوّت؟".
وأفادت الطالبة فرحانة مانك (27 عاما) "كلنا نعرف الفائز".
بدوره، أعرب زعيم الحزب القومي طارق رحمن، متحدثا من منفاه في بريطانيا، عن قلقه من حشو صناديق الاقتراع. وقال لوكالة فرانس برس "أخشى من أن ترفع لجنة الانتخابات نسب المشاركة باستخدام أصوات زائفة".
وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي "ما حدث لم يكن انتخابات، بل وصمة عار على تطلعات بنغلادش الديموقراطية"، مؤكداً أنه شاهد "صورًا ومقاطع فيديو مقلقة" تدعم أقواله.
وانتشرت تقارير على نطاق واسع أشارت إلى لجوء السلطات إلى تكتيكات الترغيب والترهيب لدفع الناخبين إلى المشاركة في عملية التصويت بهدف تعزيز شرعية الاقتراع.
وذكر بعض الناخبين في وقت سابق بأنهم تلقوا تهديدات بمصادرة بطاقات الإعانات الحكومية الخاصة بهم والتي تُعد ضرورية للحصول على مساعدات اجتماعية، في حال رفضوا التصويت لحزب رابطة عوامي.
وقال لال ميا (64 عاما) الذي أدلى بصوته في منطقة فريدبور في وسط البلاد لوكالة فرانس برس "قالوا لي إنهم سيصادرون بطاقتي في حال لم أصوّت.. قالوا إنّ علينا التصويت لصالح الحكومة لأنها تعيلنا".
- خوف من "المزيد من القمع" -
ونظّم الحزب القومي البنغلادشي وغيره من الأحزاب احتجاجات على مدى شهور العام الماضي للمطالبة بتنحي حسينة قبل الانتخابات.
وفضت الشرطة في مدينة شيتاغونغ الساحلية احتجاجاً للمعارضة الأحد، بإطلاق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع. لكن المسؤولين عن الانتخابات قالوا إن عملية التصويت جرت بسلام إلى حد كبير، مع نشر نحو 800 ألف من عناصر الشرطة والجيش في كل أنحاء البلاد.
وقالت ميناكشي غانغولي، من منظمة هيومن رايتس ووتش، الأحد، إن الحكومة فشلت في طمأنة أنصار المعارضة بأن الانتخابات ستكون نزيهة، محذرة من أن "كثيرين يخشون المزيد من القمع".
لطالما هيمنت المنافسة بين حسينة، ابنة مؤسس للبلاد، وخالدة ضياء، وهي زوجة مسؤول عسكري سابق تولّت رئاسة الحكومة مرّتين، على المشهد السياسي في بنغلادش.
عادت حسينة إلى السلطة عام 2009 إثر انتخابات حققت فيها فوزا كاسحا وتخللتها مخالفات واسعة واتهامات بالتزوير.
أدينت ضياء (78 عاما) بالفساد عام 2018 وتخضع حاليا للعلاج في مستشفى في دكا فيما يتولى نجلها طارق رحمن قيادة الحزب القومي مكانها من منفاه في لندن.
وقال لوكالة فرانس برس إن حزبه وعشرات الأحزاب الأخرى رفضت المشاركة في انتخابات نتائجها "محسومة سلفا".
- "خطير" -
اتهمت الشيخة حسينة حزب بنغلادش القومي المعارض بإشعال حرائق وبأعمال تخريب خلال احتجاجات قتل فيها عدد كبير من الأشخاص في مواجهات مع الشرطة.
ولطالما اتُّهمت قوات الأمن الحكومية بتنفيذ عمليات قتل غير مشروعة والضلوع في حالات اختفاء قسري، وهو أمر تنفيه.
وفرضت الولايات المتحدة، أكبر سوق لصادرات بنغلادش، عقوبات على وحدة من الشرطة والقادة التابعين لها.
أدت الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد إلى استياء في أوساط كثيرة، من حكومة حسينة بعد ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة في العام 2022.
وأثار بقاء الأجور على حالها في قطاع صناعة الملابس الذي يساهم في حوالى 85 في المئة من صادرات البلاد السنوية البالغ قدرها 55 مليار دولار، اضطرابات في القطاع أواخر العام الماضي أضرمت النيران خلالها في بعض المعامل فيما أغلقت مئات المصانع الأخرى.
وقال بيار براكاش من مجموعة الأزمات الدولية إنّ شعبية حكومة حسينة "تراجعت عمّا كانت عليه قبل بضع سنوات، لكن الخيارات الانتخابية الفعلية أمام البنغلادشيين محدودة"، وهو ما اعتبره "مزيجًا ينذر بالخطر".