تسبّب إطلاق الصين قمرا اصطناعيا، الثلثاء، بوصول رسالة تحذيرية الى كل الهواتف المحمولة في تايوان تحذّر من تحليقه في فضاء الجزيرة، قبل أربعة أيام من انتخابات مصيرية لأمن المنطقة.
وأعلن التلفزيون الرسمي الثلثاء أن الصين "أطلقت بنجاح القمر الاصطناعي أينشتاين بروب مستخدمة الصاروخ لونغ-مارتش-2سي في مركز شينتشانغ لإطلاق الأقمار الاصطناعية وقد وضع القمر في المدار المحدد بنجاح تام".
وحصلت عملية الإطلاق عند الساعة 15,03 (07,03 ت غ) على ما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).
وأوضحت شينخوا أن القمر "سيراقب ظواهر عابرة غريبة في الكون شبيهة بوميض ألعاب نارية بهدف الكشف عن الجوانب العنيفة وغير المعروفة الكثيرة للكون".
وأثارت عملية الاطلاق قلقا فوريا في تايوان حيث أصدرت السلطات تحذيرات أمنية عبر الهاتف داعية السكان إلى توخي الحذر في ظل توترات مع الصين وقبل أربعة أيام من انتخابات رئاسية في هذه الجزيرة. ويبعد مركز الاقلاع حوالى ألفي كيلومتر عن تايبيه.
واطلقت التحذيرات بعد ساعات من اتهام لاي تشينغ-تي، المرشح الأوفر حظا في الانتخابات ونائب رئيسة تايوان، بيجينغ باستخدام "كل الوسائل" للتأثير على الانتخابات المقرر اجراؤها نهاية هذا الأسبوع، والتي ستحدد مسار العلاقات بين البلدين للسنوات الأربع المقبلة.
ودوت تنبيهات الهواتف في جميع أنحاء تايوان في "تحذير رئاسي" نحو الساعة 15,15 (07,15 ت غ)، بينما أعلنت بيجينغ عن الإطلاق الناجح للقمر الصناعي آينشتاين بروب.
وحمل التحذير نصا باللغة الصينية "أطلقت الصين قمرا صناعيا طار فوق المجال الجوي الجنوبي"، بينما دعا المواطنين إلى البقاء آمنين.
ووصف جزء منه باللغة الإنكليزية ما حدث بأنه "إنذار بغارة جوية"، محذرا من "تحليق صاروخي فوق المجال الجوي لتايوان"، لكن المسؤولين قالوا إن خطأ حدث في الترجمة.
واعتذرت وزارة الدفاع في تايوان لاحقا عن الخطأ، قائلة إن الرسالة الافتراضية باللغة الإنكليزية لم يتم تحديثها.
وكان وزير الخارجية جوزف وو يعقد مؤتمرا صحافيا بشأن الانتخابات عندما وصلت رسالة التنبيه إلى الهواتف المحمولة، ما أدى إلى مقاطعة خطابه.
وقال إن التنبيه صدر بسبب احتمال سقوط "حطام"، موضحا للصحافيين أنه "عندما يحلق صاروخ في سمائنا، ستسقط بعض أنابيبه أو حطامه في هذه المنطقة". وأضاف أن الإطلاق كان جزءا من نمط أنشطة "المنطقة الرمادية" التي تمارسها بيجينغ بهدف ترهيب تايوان.
وأكد وو أنه "مع هذا النوع من التهديد ضد تايوان، أعتقد أننا يجب أن نكون واضحين، يجب ألا يتم استفزازنا".
- "لا للأوهام" -
كان لاي حذر الناخبين في وقت سابق من الأوهام بشأن حفظ الصين للسلام، لكنه قال إنه سيبقي الباب مفتوحا للتواصل مع بيجينغ إذا تولى السلطة.
وستحظى الانتخابات التي ستجرى السبت بمتابعة دقيقة من بيجينغ إلى واشنطن مع اختيار الناخبين لرئيس جديد لقيادة الجزيرة في مواجهة تشدد بيجينغ المتزايد.
وتعتبر الصين تايوان جزءا من أراضيها وترفض موقف حكومة الحزب الديموقراطي التقدمي الحاكم الذي يرى أن الجزيرة "مستقلة فعليا".
وتحافظ بيجينغ على وجود عسكري شبه يومي حول تايوان، مع تحرك أربعة مناطيد صينية عبر الخط الفاصل الحساس الاثنين، وهي الأحدث في سلسلة من التوغلات التي تقول تايوان وخبراء في الصراع إنها شكل من مضايقات "المنطقة الرمادية".
واعتبر لاي أن الصين تدخلت في "كل انتخابات في تايوان" لكن الجهود الأخيرة هي "الأخطر".
وقال للصحافيين إنه "بالإضافة إلى الترهيب السياسي والعسكري" تستخدم الصين "الوسائل الاقتصادية والحرب المعرفية والتضليل والتهديدات والحوافز".
وأكد أنها "لجأت إلى كل الوسائل للتدخل في هذه الانتخابات".
- هونغ كونغ مثال -
كانت الرئيسة تساي إينغ-وين التي ستترك منصبها بعد انقضاء الحد الأقصى (ولايتان رئاسيتان)، حققت فوزا ساحقا في الانتخابات الأخيرة التي جرت في 2020.
وقادتها للنصر مخاوف التايوانيين من أن يصبح بلدهم مثل هونغ كونغ التي شهدت قمع بيجينغ للمعارضة من خلال قانون الأمن القومي بعد احتجاجات على مستوى المدينة تطالب بمزيد من الحريات.
وفي ظل إدارتها، رفضت بيجينغ جميع الاتصالات على مستوى عال مع تساي وكثفت الضغوط السياسية والعسكرية ضد تايوان.
من جهته، قال لاي الثلثاء إنه "طالما كان هناك تكافؤ وكرامة، فإن باب تايوان سيكون مفتوحا دائما" للتواصل والتعاون مع الصين تحت قيادته.
وأضاف "لكن لا يمكن أن تكون لدينا أوهام بشأن السلام"، مشددا على أن "قبول مبدأ الصين الواحدة ليس سلاما حقيقيا"، في إشارة منه إلى مبدأ بيجينغ بأن تايوان جزء من الصين.
وأكد أن "السلام بدون سيادة يشبه هونغ كونغ تماما، إنه سلام زائف".
واعتبر لاي أن الردع هو سياسة دفاع رئيسية، وقال إن سعي الحزب التقدمي الديموقراطي إلى السلام يعتمد على القوة، وليس على حسن نية لدى المعتدي. وقال "لا يمكننا التعويل على حسن نية الغزاة - إذا نظرت إلى التيبت وشينجيانغ في الماضي، أو هونغ كونغ اليوم، فهذه كلها أمثلة جيدة".
ومن بين خصومه السبت هو يو-إيه، قائد الشرطة السابق وعمدة حزب الكومينتانغ، وهو الحزب الذي شجع منذ فترة طويلة على التعاون الوثيق مع الصين.
وقال هو إن لاي، الذي أطلق على نفسه في السابق لقب "البراغماتي العامل من أجل استقلال تايوان"، يمثل خطرا على العلاقات عبر مضيق تايوان.