يشكل إخفاء وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تشخصيه بمرض السرطان على مدى شهر ضربة إلى مساعي الرئيس الأميركي جو بايدن للتأكيد على أنه مؤهل للقيادة مع بدء عام الانتخابات.
إشراف الرئيس الديموقراطي البالغ من العمر 81 عاما حتى الآن على بيت أبيض بدا منضبطا إلى حد كبير في تناقض مع التغييرات المتكررة التي شهدها عهد دونالد ترامب، سلفه ومنافسه على الأرجح في انتخابات تشرين الثاني الرئاسية.
لكن بايدن يواجه الآن شكوكا بشأن أهليته لتولي منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة في أهم جيش في العالم في ظل تزايد الدعوات لإقالة أوستن الذي دخل المستشفى مرّتين سرّا، في وقت تواجه واشنطن أزمات خارجية في إسرائيل وأوكرانيا.
وقاوم بايدن حتى الآن الدعوات لاتّخاذ تدابير بحق أوستن (70 عاما) لكن البيت الأبيض أطلق مراجعة عاجلة في إجراءات تسلسل القيادة فيما يحاول جاهدا احتواء أسوأ أزمة حكومية تعصف به حتى اللحظة.
يمكن للقضية أيضا أن تظهر أن بايدن فقد السيطرة على أبرز الشخصيات في فريقه بعدما سوّق نفسه على أنه شخصية قيادية مختلفة تماما عن ترامب المتقلّب في خطاباته على مدى هذا الأسبوع، بينما الجمهوريون بالفعل على أنه كبير في السن إلى حد يمنعه من أداء مهامه بالشكل اللازم.
وقال كاتب العمود المحافظ بريت ستيفينز في "نيويورك تايمز" إن "التقصير في المهام هنا خطير إلى حد أنه يتطلب استقالة أوستن فورا".
وأضاف "الصادم في الأمر ليس أن أوستن تجاهل إبلاغ موظفيه أو البيت الأبيض، بل اللامبالاة التي تتعامل الإدارة من خلالها مع الحادثة".
"دون الحد الأمثل"
أقرّ البيت الأبيض بأن ما حصل كان "دون الحد الأمثل"، إلا أنه شدد في ظل الأسئلة المتكررة خلال الإيجازات الصحافية اليومية على أن بايدن ما زال يثق بأوستن.
لكن تجاهل تسلسل الأحداث غير ممكن، خصوصا في ما يتعلّق بمدى اطلاع الرئيس على مكان تواجد الرجل الثاني في تسلسل القيادة في الجيش والسادس في خط الخلافة الرئاسية.
تم تشخيص أوستن الذي خدم في الجيش طوال مسيرته المهنية ويُعرف عنه حمايته خصوصيته إلى حد كبير، بسرطان البروستات مطلع كانون الأول وخضع لعملية جراحية بتخدير كامل في 22 كانون الأول. ونقل بعد ذلك إلى المستشفى في الأول من كانون الثاني/يناير بسبب مضاعفات بعد التهاب في المسالك البولية وما زال يخضع للعلاج.
واللافت هو أنه لم يتم إبلاغ البيت الأبيض بدخوله المستشفى حتى الرابع من كانون الثاني. ولم يُبلّغ بايدن بالقصة كاملة، بما في ذلك تشخيص السرطان، حتى الثلثاء.
شدد البنتاغون على أن أوستن شارك في اتصالات جرت من المستشفى بينما كان يتم اتّخاذ قرارات مهمة للتعامل مع تداعيات الحرب بين إسرائيل وحماس التي أدت إلى وقوع أعمال عنف ضد الجنود الأميركيين في العراق وسوريا وإلى هجمات تستهدف حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وأفاد أنه تمّت الموافقة على الضربة التي استهدفت قياديا عسكريا وعنصرا في أحد الفصائل الحليفة لإيران في بغداد في الرابع من كانون الثاني قبل إدخال أوستن المستشفى.
لم تُقنع هذه الحجج الجمهوريين الذين يهددون الآن بعزل أوستن، آخر مسؤول في إدارة بايدن يستهدفونه على أمل إضعاف الديموقراطيين قبل انتخابات تشرين الثاني.
أثارت القضية أيضا انتقادات من شخصيات ديموقراطية.
وقال رئيس لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ الديموقراطي جاك ريد إنه يشعر "بالقلق نظرا إلى أنه لم يتم اتباع إجراءات الإبلاغ وتسلسل القيادة المهمة للغاية".
ودعا إلى "المحاسبة والشفافية" في البنتاغون، مشددا على وجوب "عدم تكرار غياب الكشف عن المعلومات".
والأربعاء، كان النائب الديموقراطي كريس ديلوزيو أول شخصية في الحزب تطالب باستقالة أوستن قائلا "فقدت ثقتي" به.
لكن بخلاف ما كان عليه الوضع في إدارة ترامب حيث أقيل مسؤولون مرارا، تجنّب بايدن مرة تلو الأخرى إقالة كبار المسؤولين. تمسّك على سبيل المثال بمستشار الأمن القومي جايك ساليفان بعد الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان عام 2021.
ولدى سؤاله الأربعاء عما إذا كان البيت الأبيض واثقا من أن أوستن يؤدي مهامه كاملة بعدما شارك في اتصال مع بايدن في اليوم السابق تطرق إلى الهجمات في البحر الأحمر، رد الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي بـ"نعم".