استهدفت ضربات أميركية جديدة فجر السبت قاعدة للحوثيين في صنعاء، غداة ضربات شنّتها واشنطن ولندن على مواقع عسكرية للجماعة ردّاً على هجماتهم في البحر الأحمر.
وذكرت القيادة العسكرية المركزية الأميركية (سنتكوم) في بيان أن "القوات الأميركية نفذت ضربة ضد موقع رادار في اليمن" نحو الساعة 3,45 صباحاً بالتوقيت المحلي السبت (00,45 ت غ).
ونقلت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين عن مراسلها في صنعاء قوله إن "العدو الأميركي البريطاني يستهدف العاصمة صنعاء بعدد من الغارات".
لكن لم يصدر أي تعليق من لندن بعد.
ولاحقًا أوضحت "المسيرة" أن الضربات استهدفت قاعدة الديلمي الجوية شمال العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران منذ عام 2014.
وقال محمد عبد السلام المتحدث باسم الحوثيين في اليمن لرويترز إن الضربات "لم يكن لها تأثير يذكر في سياق الحد من القدرات اليمنية للاستمرار في منع السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل من المرور عبر البحر الأحمر والبحر العربي".
وتأتي هذه الضربات لليلة الثانية على التوالي في أعقاب أسابيع استهدف خلالها الحوثيّون سفناً تجاريّة مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، تضامناً مع قطاع غزة الذي يشهد حربًا منذ السابع من تشرين الأول.
ونشرت دول غربية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا بوارج في البحر الأحمر وشكلت واشنطن تحالفاً بحريًا دولياً لحماية الملاحة في المنطقة التي تمرّ عبرها 12% من التجارة العالمية.
ووجّهت واشنطن ولندن تحذيرات متكررة للحوثيين من "عواقب" ما لم يوقفوا هجماتهم على السفن، قبل شنّهما فجر الجمعة ضربات على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين في مناطق عدة في اليمن تخضع لسيطرتهم.
وحذّر الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة من "إجراءات مباشرة" أخرى لضمان حرية الحركة للتجارة الدولية "عند الحاجة".
وردّاً على ضربات الجمعة، توعّد الحوثيون بالردّ مؤكدين أن المصالح الأميركية والبريطانية باتت "أهدافاً مشروعة".
وليل الجمعة السبت، أكد جنرال أميركي أن الحوثيين أطلقوا صاروخاً بالستياً مضاداً للسفن في ما اعتبره "ردّاً انتقامياً"، لكنّه لم يُصب أي سفينة.
- "دفاعًا عن النفس" -
وأعلن الحوثيون الجمعة أن "73 غارة" استهدفت مواقع عسكرية في العاصمة صنعاء، ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة، مؤكدين سقوط خمسة قتلى في صفوف عناصرهم.
إلا أنّ الجيش الأميركي تحدث عن استهداف 30 موقعاً عسكرياً في 150 ضربة.
وتحدث بايدن عن "ضربات ناجحة ضدّ عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها المتمرّدون الحوثيّون لتعريض حرّية الملاحة للخطر" في "ردّ مباشر" على هجمات الحوثيين على السفن.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن الضربات كانت "ضروريّة" و"متناسبة" و"دفاعًا عن النفس".
وقال حلف شمال الأطلسي إنها ضربات "دفاعية وتهدف للمحافظة على حرية الملاحة".
في بيان مشترك، أعلنت الولايات المتحدة وأوستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبيّة والمملكة المتّحدة، أنّ "هدفنا يبقى متمثّلاً في تهدئة التوتّر واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر".
- تصعيد -
وعقب ضربات الجمعة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى "عدم تصعيد الوضع بشكل أكبر، من أجل السلام والاستقرار في البحر الأحمر والمنطقة".
وتثير الضربات على اليمن مخاوف من توسّع رقعة النزاع في قطاع غزة.
لكنّ البيت الأبيض أكد الجمعة أن واشنطن "لا تسعى إلى نزاع مع إيران" التي تقود "محور المقاومة" ويُعتبر الحوثيون جزءاً منه إلى جانب "حزب الله" وفصائل عراقية وحركتَي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين.
ودانت طهران الضربات الأميركية البريطانية الجمعة معتبرة أنها "عمل تعسفي" و"انتهاك" للقانون الدولي.
واستنكرت موسكو الضربات معتبرةً أنها "غير مشروعة بموجب القانون الدولي" وتفضي "إلى التصعيد".
من جانبها، نددت أنقرة بالرد الأميركي البريطاني "غير المتناسب" ضد الحوثيين معتبرةً أن "أميركا وإسرائيل تستخدمان القوة غير المتناسبة نفسها ضد الفلسطينيين".
وبعد ضربات الجمعة، قال ديبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي سيبحث الأسبوع المقبل في إرسال قوة بحرية أوروبية للمساعدة على حماية السفن في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين.
كما أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على شركتي نقل بحري في هونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة، بتهمة دعم الحوثيين.
وتظاهر مئات آلاف اليمنيين الجمعة في العاصمة صنعاء تنديداً بالضربات وتضامناً مع الفلسطينيين، تحت مظلة الأعلام اليمنية والفلسطينية.