اتّهم بعض أعضاء الكونغرس الأميركي الرئيس جو بايدن بمخالفة الدستور بعدما سمح بشن غارات على اليمن في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة.
لكنّ الخبراء يقولون إنّ بعض مواد الدستور الأميركي تُتيح للبيت الأبيض سلطة شن عمل عسكري محدود خارج حدود البلاد.
وهدّدت حركة الحوثي اليمنية "بردّ قوي وفعّال" بعد أن نفّذت الولايات المتحدة ضربة أخرى في اليمن الليلة الماضية ممّا أدى إلى تفاقم التوتر في الوقت الذي تعهدت فيه واشنطن بحماية حركة الملاحة من هجمات الجماعة المتحالفة مع إيران.
وقال مايكل أوهانلون، مدير البحوث في برنامج السياسة الخارجية التابع لمعهد "بروكينغز": "لا توجد في الواقع حجة قوية لمنع بايدن من الإقدام على تحرك من هذا النوع".
ماذا فعل بايدن؟
شنّت طائرات حربية وسفن وغواصات أميركية وبريطانية عشرات الضربات الجوية على اليمن، في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة، ردّاً على حركة الحوثي التي استهدفت سفناً في البحر الأحمر خلال الفترة الماضية بسبب الحرب الجارية في قطاع غزة.
وأبلغت إدارة بايدن الكونغرس بأمر هذه الضربات لكنّها لم تطلب موافقته.
ونفّذت واشنطن قصفاً جديداً في ساعة مبكرة من اليوم السبت بالتوقيت المحلي، قالت إنّه استهدف موقعاً للرادار.
علامَ ينصّ الدستور؟
أشار عدد من الديموقراطيين التقدميين الذين انتقدوا بايدن إلى أن المادة الأولى من الدستور الأميركي تشترط الحصول على إذن من الكونغرس، وليس الرئيس، لشنّ الحرب وهي إحدى "الضوابط والتوازنات" التي تُعَد سمة مميزة للنظام السياسي في الولايات المتحدة.
لكن المادة الثانية من الدستور تنصّ على أنّ الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وتمنحه سلطة استخدام القوّة العسكرية دون الحصول على إذن من الكونغرس في ما يتعلّق بالأغراض الدفاعية.
ويقول مؤيّدو خطوة بايدن إنّ هذه الأغراض الدفاعية تشمل الرد على الهجمات التي تعرضت لها قواعد أمريكية في العراق وسوريا، وكذلك السفن التجارية في البحر الأحمر.
هل خالف بايدن قانون صلاحيات الحرب؟
بالإضافة إلى المواد الدستورية، يتحكم (قرار صلاحيات الحرب) في أمر استخدام القوة. وأصدر الكونجرس هذا القرار في عام 1973 بوصفه أداة مراقبة لسلطة الرئيس في أعقاب حرب فيتنام. وينص هذا القرار على ضرورة إنهاء الأعمال العسكرية التي تنفَّذ دون إعلان حرب أو سلطة قانونية محددة في غضون 60 يوماً.
كما يُلزم هذا القرار الرئيس بأن يقدم إلى الكونغرس في غضون 48 ساعة من الهجوم تقريراً عن الظروف التي استوجبت اتخاذ هذا الإجراء والسلطة التي اتُخذ بموجبها والنطاق المتوقع للأعمال القتالية ومدتها.
ماذا يحدث الآن؟
قال خبراء في السياستين القانونية والأمنية إنّ الرد على المدى الطويل سيعتمد على ما يحدث على الأرض. وسوف تقل احتمالية حدوث تبعات في حالة عدم تصاعد الصراع مع الحوثيين واستمرار الإدارة الأميركية في إبقاء الكونغرس على اطّلاع بتطوّر الأحداث.
وقال براين فينوكين، وهو محام سابق بوزارة الخارجية وكبير مستشاري البرنامج الأميركي التابع لمجموعة الأزمات الدولية: "أعتقد أنه من السابق لأوانه معرفة مدى معارضة الكونغرس لهذا الأمر".
وأضاف: "أعتقد أنّ رد فعل الكونغرس قد يتغيّر بمرور الوقت، خاصة في حالة شنّ الحوثيين مزيداً من الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر وتنفيذ المزيد من الهجمات على اليمن".
وأشار الخبراء أيضاً إلى أنّ الكونغرس يمكن أن يمرر تشريعاً يكبح جماح الرئيس إذا كان يريد أن تكون له الكلمة العليا نظراً للغموض الذي يكتنف القانون الحالي.
ما هي القرارات السابقة؟
مرّر الكونغرس قراراً لكبح صلاحيات الرئيس في شن الحروب في عام 2020 بعد أن أمر الرئيس السابق دونالد ترامب بقصف أسفر عن مقتل القائد السابق لـ"فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في مطار بغداد من دون إطلاع الكونغرس.
واستخدم ترامب حق النقض (الفيتو) ضد هذا القرار ولم يحظَ الإجراء بدعم كاف من أعضاء الحزب الجمهوري، الذي ينتمي إليه ترامب، لتجاوز الفيتو.
وفي عام 2011، سمح الرئيس الأسبق باراك أوباما بغارات على ليبيا، التي كان يحكمها معمر القذافي آنذاك، من دون موافقة الكونغرس.
ووصف أوباما، في وقت لاحق، هذا القرار بأنّه أسوأ خطأ ارتكبه خلال فترة رئاسته.
وساعدت الغارات في الإطاحة بالقذافي لكنّها تركت ليبيا في حالة من عدم الاستقرار.