الزعيمة المدنية السابقة لبورما أونغ سان سو تشي (أ ف ب).
قضت المجموعة العسكرية الحاكمة في بورما، الخميس، بسجن الزعيمة المدنية السابقة أونغ سان سو تشي ثلاث سنوات إضافية بعد إدانتها بتهمة انتهاك قانون الأسرار الرسمية، خلال محاكمة يعتبرها المجتمع الدولي سياسية.
وسبق أن حُكم عليها بالسجن عشرين عاماً بتهم مختلفة، بينها التزوير الانتخابي والفساد. إلّا أنّها تواجه عقوبات بالسجن تتجاوز مدّتها الـ120 عاماً.
وحكمت المحكمة أيضاً على مستشارها السابق الخبير الاقتصادي الأوسترالي شون تورنل وكذلك على ثلاثة موقوفين تهمين آخرين، بعقوبة مشابهة، وفق ما أفاد مصدر مطّلع على الملف وكالة "فرانس برس".
وكان تورنل، وهو أستاذ أوسترالي في العلوم الافتصادية، مستشاراً لأونغ سان سو تشي حين أوقِف بعد أربعة أيام على الانقلاب العسكري في شباط 2021، وحُكم عليه أيضاً بالسجن ثلاث سنوات أخرى بعد إدانته بتهمة خرق قانون الهجرة، لكنه سيمضي العقوبتين بالتزامن.
وكانت سلطات بورما حكمت في نهاية آب على سفيرة سابقة للمملكة المتحدة في بورما وزوجها بالسجن لمدة عام لانتهاكهما قانون الهجرة.
وأضاف المصدر أنّ "شون تورنل وأونغ سان سو تشي والثلاثة الآخرون دينوا بالسجن ثلاث سنوات بموجب قانون أسرار الدولة"، مضيفًا أن سو تشي ستستأنف الحكم.
من جهتها، ندّدت وزيرة الخارجية الأوسترالية بيني وونغ إدانة تورنل، مطالبة بـ"الإفراج الفوري" عنه.
كما دانت الولايات المتحدة الحكم بشدّة. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس: "ندعو إلى الإفراج الفوري عن تورنيل والسماح له بالعودة إلى أوستراليا ولم شمله بأسرته".
واعتبرت مديرة منطقة آسيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" ايلين بيرسون أنّ تراكم الإدانات يُظهر أن المجلس العسكري "لا يتردد في تولي دوره كطرف منبوذ على الساحة الدولية".
وأضافت أنّه ثمة حاجة إلى "اتخاذ إجراءات منسقة" من الدول "لتصحيح أوضاع حقوق الإنسان في بورما".
ووصفت ها فو، زوجة تورنل، الإدانة بأنّها "محزنة جدّاً" لأسرتها، داعية المجلس العسكري إلى التساهل.
وقالت: "انظروا رجاءً إلى المساهمات التي قدّمها (شون تورنل) لبورما وأفرجوا عنه الآن".
وأوقفت سان سو تشي خلال الانقلاب الذي وضع حدّاً لعملية انتقال ديوموقراطي استمرّت عقداً، ووُضعت في سجن انفرادي في سجن نايبيداو نهاية حزيران.
وتتواصل المحاكمة في هذا السجن الواقع في العاصمة، وقد بدأت منذ أكثر من عام في جلسات مغلقة ومُنع محاموها من التحدث للصحافة والمنظمات الدولية.
ملاحقات قضائية ذات دوافع سياسية
واستنكرت شخصيات عدة الملاحقات القضائية المبنية على دوافع سياسية برأيهم، بهدف إبعاد ابنة بطل الاستقلال الفائزة في انتخابات 2015 و2020 بشكل نهائي.
والشهر الماضي، أثار المجلس العسكري إدانات دولية جديدة عندما أعدم فيو زيا ثاو النائب السابق في "الرابطة الوطنيّة من أجل الديموقراطيّة"، حزب سو تشي، بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
ويدافع المجلس العسكري عن نفسه إزاء الاتهامات ويقدّم وعوداً بفتح مفاوضات مع سان سو تشي بمجرد انتهاء محاكمتها.
بدوره، قال قائد المجموعة العسكرية الجنرال مين أونغ هلاينغ، خلال لقاء مع مبعوثة الأمم المتحدة نولين هيزر في آب، وفق تصريحات نقلتها صحيفة رسمية، إنّه "مع أنه كان باستطاعتنا اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، فنحن متساهلون معها".
ولا تزال سان سو تشي تحظى بشعبية في بورما حتى لو تأثرت صورتها على الساحة الدولية بسبب عجزها عن الدفاع عن أقلية الروهينغا المسلمة التي وقعت ضحية انتهاكات ارتكبها الجيش في 2016 و2017، ووصفتها واشنطن بأنها "إبادة".
انتخابات في 2023؟
ولم يُسمح للمبعوثين الخاصين من الأمم المتحدة ومن رابطة دول جنوب شرق آسيا بلقاء سو تشي خلال زيارتهم الأخيرة، في مؤشر إلى فشل الجهود الدبلوماسية المبذولة منذ أشهر عدة والتي لم تنجح في إخراج بورما من الفوضى.
تأمل المجموعة العسكرية في تنظيم انتخابات في صيف 2023، ما إن تصبح البلاد متمتعة "بالسلام والاستقرار"، بحسب هلاينغ الذي أعلن أيضًا "إصلاحًا" للنظام القضائي.
وسبق أن دعت الولايات المتحدة المجتمع الدولي إلى عدم دعم خطة إجراء انتخابات اعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنها ستكون "صوريّة".
وأغرق الانقلاب البلاد في فوضى. وقُتل أكثر من 2200 مدني بأيدي قوات الأمن وأوقف أكثر من 15 ألف شخص، بحسب منظمة غير حكومية محلية.