صرّح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي لوكالة "فرانس برس" أن إيران تحد "بصورة غير مسبوقة" من تعاونها مع الوكالة التي باتت كأنّها "رهينة" لدى الجمهورية الإسلامية.
وتشهد العلاقة بين إيران والوكالة التابعة للأمم المتحدة توتّراً منذ نحو عامين على خلفية ملفات عدّة، منها تقييد إيران أنشطة المراقبة لبرنامجها النووي وعدم توضيحها بشكل كامل العثور على آثار لمواد نووية في مواقع لم يصرّح عنها سابقاً.
وفي ظل ذلك، تواصل الجمهورية الإسلامية تطوير برنامجها وتسّرع وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 بالمئة رغم نفيها السعي لصنع قنبلة ذرية.
وقال غروسي خلال مقابلة أجرتها معه "فرانس برس" الخميس على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا "إنّه وضع محبط للغاية. نواصل أنشطتنا هناك، لكن بالحد الأدنى"، مضيفا "إنهم يحدون من التعاون بصورة غير مسبوقة".
ولفت بصورة خاصة إلى أن "بعض مفتّشينا استبعدوا من الفرق بسبب جنسياتهم، وهذا أمر غير مقبول إطلاقاً، إنّهم من أفضل مفتّشينا. إنّها بالتالي طريقة لمعاقبتنا على أمور خارجية، حين يحصل شيء لا يعجبهم، حين تقول فرنسا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة شيئاً لا يعجبهم".
وتابع "وكأنهم يأخذون الوكالة الدولية للطاقة الذرية رهينة خلافاتهم السياسية مع آخرين، وهذا بالطبع غير مقبول بنظرنا"، مؤكداً أن على الإيرانيين أن "يتيحوا للوكالة الدخول" إلى كل المواقع التي تطلبها.
"الديبلوماسية، الديبلوماسية، الديبلوماسية"
وبطأت إيران العام الماضي وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 بالمئة القريبة من نسبة 90 بالمئة المطلوبة للاستخدامات ذات الغايات العسكرية، ما اعتبر بمثابة رسالة حسن نيّة حيال الولايات المتحدة بعد بدء الطرفين مفاوضات غير رسمية خلف الكواليس هدفت الى خفض التوتّرات بينهما.
وقال غروسي "المستوى مستقر في الوقت الحاضر، لكن قد يتبدّل الأمر بعد بضعة أيام، لا أحد يعلم".
وتصاعد التوتّر مجدّداً بين واشنطن وطهران مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة في 7 تشرين الأول، مع تبادل العدوين اللدودين الاتّهامات بتأجيجها.
وأضاف غروسي أن "تدهور الوضع السياسي هناك له تأثير مباشر، حيث أن التوتّر يتصاعد والمواقف تتبلور وتزداد تشنّجاً، هناك قدر أقل من المرونة. إنّها حلقة مفرغة".
وأكّد أن الحل هو "الديبلوماسية، الديبلوماسية، الديبلوماسية"، موضحاً "يجب أن نستمر في الكلام، علينا أن نمنع الوضع من التدهور إلى درجة لا يعود من الممكن الخروج منها".
وأضاف "لا أستبعد العودة إلى إيران" مشدّداً في الوقت نفسه على وجوب بحث الوضع "على مستوى عالٍ جداً".
"لا عسكرة" في محطّة زابوريجيا
كذلك، تواجه الوكالة صعوبات في إرسال مفتّشين إلى محطّة زابوريجيا النووية في أوكرانيا حيث يبقى الوضع "مقلقاً جدّاً" بحسب قول غروسي.
وتسيطر القوات الروسية منذ آذار 2022 على محطّة زابوريجيا، أكبر محطّات أوروبا النووية، وأكّدت موسكو مؤخراً أنّها منعت وصول الوكالة إلى قاعات المفاعلات فيها لأسباب تتعلّق بـ"السلامة".
لكن غروسي أكّد "يجب أن نتمكّن من الدخول".
وتابع "أحياناً نطلب الدخول إلى مكان، عناصر الأمن يرفضون، ونصر"، موضحاً أن ذلك "ليس سهلاً على الدوام، لكنّنا شديدو الإصرار، وفي نهاية المطاف نرى ما نحتاج إلى رؤيته".
وأوضح "تمكّنا الآن من تغطية أسطح جميع المفاعلات"، مضيفاً "تمكّنا من التثبت من أن لا عسكرة للمحطّة، بمعنى أنه ليس هناك معدّات عسكرية ثقيلة أو معدّات مدفعية".
وأشار إلى أنّه "لم تحصل هجمات مباشرة على المحطّة في الأشهر الماضية".
في المقابل، تحدّث عن "أعطال في التيار الكهربائي وانقطاع في التغذية الخارجية بالكهرباء، وهو بمستوى الخطورة ذاتها، لأنه بلا كهرباء، نخسر القدرة على تبريد المفاعلات، وقد يقع حادث".