يكثّف المحافظون في بريطانيا، الذين تراجعت شعبيتهم كثيراً في استطلاعات الرأي، هجماتهم على رئيس حزب العمال المعارض كير ستارمر الساعي إلى الوصول إلى رئاسة الحكومة.
وبعدما كان ستارمر محامياً متخصّصاً في مجال حقوق الإنسان، وعمل سابقاً في مكتب النيابة العامة في إقليمي إنكلترا وويلز، باتت قضاياه القديمة موضع تدقيق من قبل حزب المحافظين، بحثاً عن شؤون قد تكون محرجة بالنسبة إليه.
وجاء في ملصق ساخر نشره المحافظون هذا الأسبوع على موقع "إكس"، "هل أنت إرهابي وتحتاج إلى مشورة قانونية؟ من الأفضل أن تتصل بكير (ستارمر)".
وأضاف الحزب في تعليق مرفق "عندما يرى RishiSunak@ مجموعة تهتف بالجهاد في شوارعنا، يقوم بحظرها. غير أنّ ستارمر يرسل لها فاتورة".
ويتعلق الأمر بنصيحة قدّمها ستارمر لـ"حزب التحرير" الإسلامي في العام 2008، عندما طعن في الحظر المفروض على أنشطته في ألمانيا.
وصنّفت الحكومة في لندن هذا الأسبوع "حزب التحرير" على أنّه منظمة "إرهابية" وحظرت نشاطاته في المملكة المتحدة.
وقال سوناك خلال جلسة الأسئلة الأسبوعية لرئيس الحكومة في مجلس العموم الأربعاء، إنّ المجموعة المحظوة الآن كانت ذات يوم "عميلاً" لدى ستارمر.
بعد ذلك، قال المتحدث باسم سوناك للصحافيين "لو لم يكن ستارمر زعيم المعارضة، لكان يمثل الكثير من هؤلاء الأشخاص حتى اليوم".
في مقابل ذلك، أكد المتحدث باسم حزب العمال أنّ ستارمر لم يمثّل رسمياً "حزب التحرير"، وأصبح بعد ذلك بوقت قصير المدّعي العام الرئيسي في إنكلترا وويلز.
وأضاف أنّ "طبيعة كونك محامياً هي أن تمثّل وتقدّم المشورة لمجموعة كاملة من العملاء، بما في ذلك أشخاص لا تتفق معهم".
غير أنّ الوقائع المذكورة آنفاً تتناسب مع نمط معيّن. فقد أشارت الصحافة البريطانية المؤيّدة لحزب المحافظين مؤخراً إلى أنّ ستارمر كان يمثل عضواً في الجيش الجمهوري الإيرلندي وخطيب الكراهية أبو قتادة.
ويؤكد الخبراء القانونيون والخبراء في حزب العمّال، أنّ ستارمر كان سيضطرّ إلى القيام بذلك بموجب قاعدة تضمن حصول الجميع على التمثيل القانوني أيّاً كانوا.
- "لا أدلّة" -
من جهة أخرى، ترتبط الإهانات الشخصية بما يسمّى "الحروب الثقافية" في بريطانيا، حيث يظهر سوناك (43 عاماً)، المصرفي الاستثماري السابق الذي تلقّى تعليماً خاصاً، مولعاً باتهام ستارمر (61 عاماً) بأنّه "محامي يساري".
وكان ستارمر قد دافع عن عدد من القضايا البارزة بصفته محامياً في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك الدفاع عن النقابات العمّالية والناشطين المناهضين لماكدونالدز.
كما عمل على ضمان امتثال الشرطة في إيرلندا الشمالية لتشريعات حقوق الإنسان.
في العام 2008، عُيّن ستارمر مديراً للنيابة العامّة في إنكلترا وويلز في دائرة النيابة العامة الملكية، وهو منصب شغله حتى العام 2013.
وأشرف على محاكمة المشرّعين بتهمة استغلال نفقاتهم، والصحافيين بتهمة اختراق الهواتف، ومثيري الشغب الشباب المشاركين في اضطرابات العام 2011 في جميع أنحاء إنكلترا، وحصل على وسام الفروسية، ما منحه لقب "السير كير" في العام 2015.
واتهم سوناك المعروف بثرائه، ستارمر ابن صانع أدوات وممرّض كان يدير حظيرة للحمير، بأنّه "متساهل مع الجريمة، ومتساهل مع المجرمين"، وأطلق عليه لقب "السير سوفتي". وقال ستارمر لبرنامج وثائقي على قناة "اي تي في" هذا الأسبوع، إنّه "بالطبع" ستكون هناك أخطاء ارتُكبت خلال فترة قيادته دائرة النيابة العامة الملكية.
وأضاف "لكن ليس هناك دليل ولا هياكل عظمية في الخزانة".
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف" هذا الأسبوع، أنّ حزب العمّال يتقدّم بـ27 نقطة على المحافظين قبل الانتخابات التي لم يعلن سوناك موعدها بعد.
وأظهر الاستطلاع أنّ الحزب الحاكم حصل على نسبة تأييد تبلغ 20 في المئة فقط، ممّا يشير إلى أنّه يتّجه نحو هزيمة ساحقة.
وخلال الفترة الأخيرة من حكم المحافظين، أشرفوا على أزمة تكاليف المعيشة الخانقة والأزمة الصحية التي تمثّلت في أرقام قياسية من قوائم الانتظار للحصول على العلاج في المستشفى. فضلاً عن ذلك، توالى خمسة محافظين على رئاسة الوزراء منذ التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في العام 2016.
وقال روبرت فورد أستاذ العلوم السياسية في جامعة مانشستر، في إشارة إلى الدافع وراء الهجمات الشخصية، "الخزانة عارية، أليس كذلك؟"، مضيفاً "ليس لديهم الكثير ليعتمدوا عليه".
بدوره، رأى تيم بيل أستاذ السياسة في جامعة كوين ماري في لندن، أنّ الانتقادات اللاذعة لن تؤثر على الناخبين.
وقال لوكالة فرانس برس "من غير المرجّح أن تتفوّق القضايا الشخصية على قضايا الخبز والزبدة التي تقضي على هذه الحكومة، وخصوصاً حالة الاقتصاد والخدمة الصحية الوطنية".