النهار

جولة بلينكن في أفريقيا... عرض مشاريع وتعزيز الدفاعات الأميركيّة
المصدر: أ ف ب
جولة بلينكن في أفريقيا... عرض مشاريع وتعزيز الدفاعات الأميركيّة
بلينكن (الى اليمين) ملتقيا نظيره الأنغولي تيتي أنطونيو في لواندا (25 ك2 2024، أ ف ب).
A+   A-
سعى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال جولته الأفريقية لإثبات التزام الولايات المتحدة حيال القارة قولا وفعلا، لكن الهدف تمثّل أيضا بتعزيز الدفاعات في مواجهة أزمات متزايدة والمساعي الروسية والصينية لتحقيق مكاسب في المنطقة.

قام بلينكن بجولة شملت أربع دول ديموقراطية مطلة على المحيط الأطلسي تقيم علاقات وديّة مع الولايات المتحدة هي أنغولا ونيجيريا وساحل العاج والرأس الأخضر، في ظل تدهور الوضع الأمني في أجزاء أخرى من منطقة الساحل.

تأتي زيارة بلينكن إلى أفريقيا في أعقاب أربع زيارات أزمة قام بها إلى منطقة الشرق الأوسط فيما وُجّه له مرارا السؤال عن سبب عدم إيفاء الرئيس جو بايدن بوعده زيارة القارّة العام الماضي.

وحاول الوزير الأميركي إيصال رسالة عبر التركيز على الجانب الودي للزيارة. ففي أبيدجان، حضر مباراة لكأس أمم أفريقيا حيث أهداه قادة ساحل العاج قميصا برتقالي اللون للفريق الوطني لكرة القدم يحمل اسمه، بينما حرص هو على الإشادة بمهارات الفريق في عدة مناسبات.

وفي نيجيريا، الدولة الأفريقية الأكثر سكانا، قام بلينكن بجولة في مدينة لاغوس الشاسعة حيث تحدّث إلى مهندسي برمجيات من فئة الشباب.

كما اختار مقاربة أكثر ليونة في السياسة. فبعد عقد من الحملات العسكرية الفاشلة التي قادتها فرنسا ضد الجهاديين، دعا بلينكن إلى نهج أكثر "شمولا" يركّز على التنمية.

وأشار إلى ساحل العاج كنموذج، إذ تبدو حدودها الشمالية مستقرة بعد جهود منسقة لتوفير فرص للشباب.

وفي آخر زيارة قام بها إلى أفريقيا جنوب الصحراء في آذار 2023، أمل بلينكن في دعم رئيس النيجر المنتخب محمد بازوم ليطيح به الجيش بعد أربعة أشهر فيما يُجري حكام نيامي الجدد الآن محادثات لتوطيد العلاقات مع روسيا.

- "دفاع عن النفس" -
وإن كان العديد من الأفارقة أعربوا عن عدم ارتياحهم حيال إرسال الولايات المتحدة مليارات الدولارات إلى أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، فإن واشنطن بدت أكثر عزلة في القارة نظرا لدعمها إسرائيل التي تقصف غزة ردا على هجوم حماس في السابع من تشرين الأول.

وقال مؤسس معهد الدراسات الأمنية في بريتوريا جاكي سيليير "بالمجمل، فإن الولايات المتحدة في حالة دفاع عن النفس في أفريقيا حاليا نظرا إلى دعمها لإسرائيل". وأضاف "أخشى أن الزخم تحوّل إلى روسيا والصين".

لم يزر بلينكن جنوب أفريقيا التي تعرضت لانتقادات واشنطن لرفعها دعوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بالإبادة.

وناقش الوزير الأميركي أزمة الشرق الأوسط مع نظيرته جنوب الأفريقية ناليدي باندور هاتفيا أثناء مغادرته وأكد للصحافيين أن على الخلاف ألا يؤثر على العلاقات الأوسع مع بريتوريا.

وقال مدير برنامج الحوكمة والديبلوماسية الأفريقية لدى "معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية" ستفين غروزد إنه بينما يولي بايدن أفريقيا أهمية أكبر بعدما أُهملت في عهد سلفه دونالد ترامب فإن "الأولوية هي لأزمتي أوكرانيا وغزة".

وأفاد بأن "الدول الأفريقية بدأت تشعر بارتباط أقوى مع الجنوب العالمي مقارنة بالولايات المتحدة، لكن التجارة مع الولايات المتحدة تبقى مهمة للغاية".

- مبادرات ملموسة -
وبينما تنشر مجموعة فاغنر الروسية عناصرها دعما لأنظمة عسكرية وتسلط الأضواء على مشاريع البناء الصينية الضخمة، بما في ذلك الملعب في أبيدجان حيث حضر بلينكن المباراة، فإن الولايات المتحدة تشدد على الدوام على أنها تسعى لشراكات بعيدة الأمد لا مشاريع برّاقة.

لكن بلينكن أوضح خلال جولته أيضا أن لدى الولايات المتحدة مبادرات ملموسة لأفريقيا.

في أنغولا، اطلع على التقدم الذي تم تحقيقه بشأن ممر  لوبيتو وهو مشروع أميركي للبنى التحتية يعد أكثر مشاريع الولايات المتحدة طموحًا في القارة ويهدف إلى الربط بين زامبيا غير الساحلية وجمهورية الكونغو الديموقراطية الغنية بالموارد بميناء مطل على المحيط الأطلسي.

وخلال مناسبات في كل من ساحل العاج وأنغولا، روّج بلينكن لمشروع أميركي يقوم على إرسال بذور لزراعة محاصيل قادرة على مقاومة أحوال الطقس الصعبة التي تزداد سوءا بفعل التغير المناخي.

وفي أحد البرامج اللافتة التي تصب في مصلحة أفريقيا، اضطر بلينكن للإشارة إلى الشؤون السياسية الداخلية في ظل خلاف داخل الكونغرس الأميركي على إعادة إقرار "خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز" PEPFAR التي يقول مسؤولون أميركيون إنها أنقذت أرواح 25 مليون شخص على مدى عقدين.

أجرى بلينكن أيضا مشاورات مستفيضة بشأن الجهود الأميركية والأفريقية للتوسط في النزاعات، لا سيما في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية بينما ناقش الإصلاحات الاقتصادية مع الرئيس النيجيري الجديد بولا أحمد تينوبو.

ورأى استاذ العلوم السياسية في "جامعة أوبالفيمي أوولوو" في نيجيريا فيمي ميميكو أن زيارة بلينكن كانت بمثابة "مصادقة" أميركية على المسار الديموقراطي في البلاد وتحمل أهمية بالغة في ظل جميع الأحداث الجارية حول العالم.

وقال "إنها تؤكد على الاتجاهات المرتبطة بالتزام الولايات المتحدة تعزيز العلاقات مع نيجيريا وبالتالي أفريقيا طبعا".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium