النهار

مهرجان طيران الإمارات للآداب يحتفي بالكلمة
المصدر: "النهار"
مهرجان طيران الإمارات للآداب يحتفي بالكلمة
مهرجان طيران الإمارات.
A+   A-
كاتيا سعد
 
هل فعلاً "نحن شعب لا يقرأ"؟ لا "نحن بالتأكيد شعب يقرأ"، والدليل مجموعة الكتّاب والشعراء، مهرجانات الكتب، والفعاليات الثقافية، منها مهرجان طيران الإمارات للآداب، بنسخته الـ16 من ٣١ كانون الثاني/يناير ولغاية ٤ شباط/فبراير 2024. تقدّم هذه الدورة ٤ تجارب مميزة، تتناسب مع اهتمامات الجمهور من كافة الأعمار: "بعد النهار في ليل"، "ملتقى الأفكار"، برنامج المهرجان للعائلة، وبرنامج يوم الشباب، مع نخبة من الأسماء العربية والأجنبية. كما هناك حفل توزيع جوائز "بوك توك" للكتاب، وحفل موسيقي للفنان الإماراتي راشد النعيمي. تنظّم المهرجان مؤسسة طيران الإمارات للآداب بالشراكة مع هيئة الثقافة والفنون في دبي، منظمة اليونسكو والدفاع المدني، ومبادرات مجتمعية تهتمّ بالكلمة المكتوبة باللغتين العربية والأجنبية.
 
أحلام البلوكي: بناء الجسور عبر قصصنا
يحتفي مهرجان الإمارات للآداب بالقصص التي تساهم في التعبير عن آرائنا وذواتنا، فتبني جسوراً تربط بين مختلف الثقافات وتنشئ علاقات تدوم طوال العمر. هذا العام "حرصنا أن تكون الثقافة في متناول الجميع، لذا تمزج الفعاليات بين مختلف أنواع الإبداع: الكتابة، الفنون، الأفلام، الألعاب، تجارب الطعام، التسوق، مستقبل الذكاء الاصطناعي…"، كما توضّح في لقاء معها أحلام البلوكي، الرئيسية التنفيذية لمؤسسة الإمارات للآداب ومديرة المهرجان.
 
يتميّز المهرجان بباقة "بالعربي"، التي تسمح بدخول كلّ الجلسات بسعر رمزي. أكثر من 200 فعالية وتجارب، تجسّد ملامح الحياة اليومية، تنقلها إلينا نخبة من المبدعين محلياً وعالمياً. نذكر: الشاعرة الأميركية والمحررة، كلوديا رانكين ؛ الكاتب ورائد الأعمال في وادي السيليكون، طوني فاضل، الدكتورة الجامعية وسليلة عائلة "كارتييه"، فرانشيسكا كارتييه بريكيل، وعملاق الأدب الياباني توشيكازو كاواجوتشي، مصممة الأحذية والأكسسوارات صوفيا ويبستر. أمّا عربياً: فالشاعر أحمد بخيت، الأديبة ندى الحاج، رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري، وزير الشباب الإماراتي سلطان النيادي، الشاعرة أمل السهلاوي، والروائية وفنانة الرسوم المصورة المصرية دينا محمد.
 
وعن قوة الكلمة المكتوبة في مواجهة عصر التكنولوجيا، تقول أحلام: لا شك أن الاستهلاك الرقمي قد انعكس على انتباه الأفراد والجهد الجسدي والمعنوي، كما أن قيمة الأدب والخبرة الإبداعية للكتّاب باتت عرضة للتراجع مع ظهور التقنيات الذكية والتعلم الآلي. لكن تساهم وسائل التواصل الاجتماعي في الحصول على الأخبار والتفاعل، وتتيح للكتّاب تقديم أنفسهم وأعمالهم لجمهورهم، خاصة مع انتشار الكتب الرقمية والمدونات الصوتية، وبعض صناع المحتوى المهتمين بالشأن الأدبي. لذلك "بدلاً من الوقوف في وجه التكنولوجيا، مهمّ أن نسبح مع التيار على إيقاعنا الخاص للوصول إلى الجمهور المستهدف". وتؤكّد أنه ما يزال أمامنا شوط كبير نحو ترسيخ مفهوم القراءة لدى جيل الشباب، بهدف المتعة وليس فقط في حدود التحصيل الأكاديمي. وهنا يأتي دور الجهات الرسمية والمؤسسات الثقافية، وهو "ما تقوم به إمارة دبي من خلال بناء بيئة ثقافية غنية، تتماشى مع المعايير العالمية".
 
ابراهيم الكوني: لعنة الاغتراب الفكريّ
إنّ هذا المهرجان فرصة للقاء مجموعة من المبدعين، ومنهم من جيل الشباب. وفي هذا الاطار، يعتبر الكاتب الليبي إبراهيم الكوني أن اغتراب الأسماء الشابّة في حقل الآداب والفنون برهانٌ على اغتراب المرجعيّة. و"اللعنة الأسوأ هي أنه اغتراب يمسّ مختلف المجالات الفكرية". وتلعب تقنية المعلومة دور البطولة، في هذه الخسارة.
 
فهل يخاف ابراهيم على الأدب من "الانقراض"؟ يرى أنه من الصعب فناء الأدب، لكنه يخشى من تسطيحه، في حين أنّ الأدب موجود في حياة الإنسان لأنه حاجة روحيّة، كما حاجة الجسد للغذاء. ويضيف: "الأدب ليس مجرد تعبير، بل عمليّة تحرير". كما يخشى من اغتراب الأدب عن الأدب، بمعنى ضعف الإيمان بالأدب كرسالةٍ للإجابة على "ما هي الحقيقة؟"، وتقنية المعلومة تبقى هي الخصم الأول في هذه القيامة.
 
ندى الحاج: أتنفّس من خلال الكلمة
من جهة أخرى ما يزال من يتمسّك بالكلمة، ويتابع مسيرة أهله، كما هو حال الكاتبة والشاعرة والصحافة اللبنانية ندى الحاج، ابنة الشاعر والصحافي أنسي الحاج. فهل المجال الفكري وراثي؟ بالنسبة إلى ندى ليس بالضرورة كذلك، لكن "طبيعي أن يلعب الانتقال بالجينات دوراً وراثياً". لعبت البيئة الفنية والشعرية، التي تربّت فيها مع والدها ووالدتها، دوراً أساسياً في تكوين شخصيتها الشعرية، و"هذا كان عالمي الذي ما زلت أعيش فيه، وأتنفّس من خلاله".
 
إنّ العلاقة التي تربط ندى بالكلمة، نابعة من إيمانها بقوة الكلمة الصادقة والطاقة التي تُحركها. هي تؤمن بأنّ العالم عبارة عن حقول طاقوية، والكلمة من أهم هذه العناصر "كونها أداة تعبير وتواصل مع الذات والآخر، بكل ما تحمله من موجات حياة وإيمان، أو من أضدادهما". بالرغم من الخيبات المتتالية والحروب، ينجح الأدب أن يكون بوصلة للأجيال المتعاقبة، في سعيها لفهم لغز الوجود.
 
أحمد بخيت: الشعر صديق الذاكرة
الكلمة أداة "مجانية"، لكنّ تأثيرها قويّ جداً، و"فنّ يمكن أن يرافقك في بيتك، في الجبهة، في المدرسة، وفي أيّ مكان، وربما حتى لا يحتاج لورقة وقلم لإنتاجه"، كما يقول في لقاء معه الشاعر المصري أحمد بخيت. يكفي فكر الشاعر وعقله وقلبه وروحه، لصنع هذا الجمال الفني، ليس كما الفيلم السينمائي، الذي يحتاج جيشاً من التقنيين وأدوات إنتاج باهظة. هذا ويستخدم الشعر، أقدم هبة وهبت للإنسان: الكلمة. كما يعتبر "صديقاً للذاكرة، يمكن استدعاؤه وقت الحاجة".
 
ولكن، لماذا يعزف غالبية جيل اليوم عن الأنشطة الأدبية؟ يرى بخيت أنّ في عصر السرعة، تفتقد الرصانة والعمق مكانهما. و"من يجرؤ الآن أن ينفق ثلاثة أيام لقراءة رواية، فيما يستطيع أن يشاهدها في فيلم سينمائي خلال ساعتين، مستمتعا بكل المؤثرات"، علماً أنه يفقد متعة خيل وابتكار أثناء القراءة والتفاعل لتكوين ابداع أكثر اختلافاً من رؤية مخرج وممثلين". يضاف إلى ذلك: كثرة الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، وجود مجالات فنية أخرى كالغناء والرقص وغيرها، التي تؤمّن مدخولاً مادياً أسرع.
 
 
إعلان

الأكثر قراءة

كتاب النهار 11/22/2024 3:23:00 AM
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.

اقرأ في النهار Premium