يشارف السباق الذي خاضته الحكومة الألمانية لاعتماد ميزانية 2024 نهايته إثر موافقة النواب، الجمعة، على اقتطاعات كبيرة في النفقات، من بينها تدبير يثير حفيظة المزارعين.
وقد أقر مجلس النواب في البرلمان المعروف ببوندستاغ بعد تأخير استمر عدّة أسابيع مشروع الميزانية الذي اضطرت الحكومة إلى تعديله بصورة طارئة إثر قرار صدر عن المحكمة الدستورية وأزمة سياسية في أوساط الائتلاف الذي يتزعّمه أولاف شولتس.
وتنصّ الميزانية في جملة بنودها على الإلغاء التدريجي بحلول 2026 لإعفاء ضريبي على وقود الديزل المستخدم لأغراض الزراعة.
وأثار هذا التدبير حركة احتجاجية واسعة في أوساط المزارعين الألمان الذين يكثّفون التظاهرات منذ عدّة أسابيع. وكما الحال في بقية البلدان الأوروبية التي امتدّت إليها هذه الحركة الاحتجاجية، يشتكي المزارعون من تقلّب عائداتهم والمنافسة الأجنبية وتزايد المعايير البيئية المستحدثة.
غير أن المجلس الفدرالي المعروف ببوندسرات الذي يضمّ ممثلين عن الولايات الـ 16 وهو المجلس الثاني في البرلمان، أجّل على الأرجح حتى نهاية آذار التصويت على مسألة إلغاء الضرائب على الديزل لأغراض الزراعة، في مسعى منه إلى الإعراب عن عدم موافقته على هذا التدبير.
وأشاد يوآخيم روكفيد رئيس اتحاد المزارعين بهذا التأجيل، آملا أن يسمح بـ "التوصّل إلى حلول".
واضطر المستشار الاشتراكي الديموقراطي أولاف شولتس المتحالف مع الخضر والليبيراليين إلى تخفيض النفقات العامة تخفيضا شديدا لاحتواء أزمة الميزانية الناجمة عن قرار المحكمة الفدرالية في كارلسروه في تشرين الثاني.
وكانت أعلى هيئة قضائية في البلاد قد حظرت على الحكومة الاستعانة بموارد مالية خاصة، حارمة إياها من قروض بقيمة 60 مليار يورو، من بينها 17 مليارا للعام 2024. ورأت المحكمة أن الحكومة تخالف القواعد من خلال الاستعانة بهذه الموارد غير المدرجة في الميزانية.
وبعد مفاوضات محمومة، اتّفق الائتلاف الثلاثي على سدّ العجز في الميزانية من خلال إلغاء المساعدات العامة خصوصا، وتلك المقدّمة للمزارعين، فضلا عن الدعم المقدّم لشراء مركبات كهربائية وأنظمة فلطية ضوئية.
كذلك، زادت الحكومة أكثر من المتوقّع الضريبة المرتبطة بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في حين أن تلك المفروضة على تذاكر الطيران من المطارات الألمانية سترتفع بمعدّل خمس سعرها اعتبارا من أيار.
وتلوح في الأفق معضلة جديدة لميزانية 2025 مع عجز مقدّر بين 13 وأكثر من 20 مليار يورو، بحسب صحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية.