يتنافس حوالى 6500 مرشح يمثلون 150 حزبًا في الانتخابات التشريعية الباكستانية المقررة الخميس، لكن النساء لا يشكلن منهم سوى 5%.
وإذ يقضي الدستور بتخصيص 60 مقعدا في البرلمان من أصل 342 للنساء، إلا أنه، بخلاف هذه الحصة، نادراً ما تسمح لهن الأحزاب السياسية بخوض الانتخابات.
وأجرت وكالة فرانس برس لقاءات مع ثلاث مرشحات في الانتخابات التشريعية والمحلية يحاولن تغيير الأحكام المسبقة في مجتمعاتهم.
- مؤثرة إسلامية -
تختبر زيبا وقار، وهي صانعة محتوى على يوتيوب يتابعها مئات الآلاف من النساء عبر الإنترنت، شعبيتها هذا الأسبوع في صناديق الاقتراع للمرة الأولى.
وتخوض هذه المرشحة التي تقيم في ضواحي لاهور (شمال شرق البلاد) الانتخابات التشريعية، تحت راية حزب الجماعة الإسلامية.
تستمع النساء كل أسبوع إلى برامج هذه الجدة الشابة التي لم ترغب في الكشف عن عمرها. وتتحدث معهن عن حقوقهن بموجب الشريعة وتستحضر اوقاتاً فارقة في التاريخ الإسلامي.
وقالت لوكالة فرانس برس في منزلها إن "برامجي المحببة هي تلك التي أبثها مباشرة على فيسبوك ويوتيوب".
واوضحت انه "يبدو الأمر كما لو أنها جلسات خاصة. أحيانًا أجيب على الأسئلة التي يطرحها الأشخاص أثناء الحلقة. أفعل ذلك من مكتبي، وأنا جالسة هنا".
وتنتمي العديد من النساء اللاتي تتحدث إليهن إلى الطبقة المتوسطة ويلجأن إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتحسين تحصيلهن الديني.
أكدت هذه الطبيبة "أردنا ألا يقتصر تعليم القرآن (على أشخاص معينين). نستخدم بشكل فعال للغاية انستغرام وفيسبوك وتويتر (الذي أصبح إكس) والمجموعات على واتس آب".
كما تدير وقار التي تضع نقاباً، معهدا لتعليم القرآن ترتاده شابات، بينهن خريجات جامعات مرموقة.
وهي تأمل، إذا تم انتخابها، في العمل على تقليص الفوارق الاقتصادية بين الرجال والنساء، ومساعدتهن على تحسين تعليمهن المهني ومكافحة التحرش.
- منتخبة بعد مأساة -
وتوضح سمر هارون بيلور، المرشحة للمجلس الإقليمي لمدينة بيشاور (شمال غرب)، المرأة الوحيدة في القاعة، لعشرات الرجال خطط حزبها للحد من البطالة بين الشباب.
ويختلف الوضع الآن عما كان عليه في انتخابات 2018، عندما لم تتضمن الملصقات الانتخابية اسمها خشية أن يبدو الأمر غير لائق في هذه المنطقة المحافظة.
وقالت لوكالة فرانس برس "الرجال لا يحبون النساء الباشتونيات على الطريقة الغربية، شابات ونابضات بالحياة وعفويات".
دخلت المعترك السياسي في ظل ظروف مأساوية. ففي 2018، حلت مكان زوجها الذي قُتل على يد حركة طالبان الباكستانية قبيل الانتخابات.
وأقرت المرشحة التي لم ترغب كذلك في الكشف عن عمرها "لقد شغلت مكانه بعد اغتياله. وكان ذلك من أصعب الأمور التي قمت بها على الإطلاق. لم أكن مستعدة ذهنياً لذلك".
أصبحت أول امرأة تُنتخب لعضوية المجلس الإقليمي في هذه المدينة الواقعة على الحدود مع أفغانستان والبالغ عدد سكانها حوالى 5 ملايين نسمة، غالبيتهم من إتنية البشتون التي تحد تقاليدها من ظهور المرأة في الأماكن العامة.
وفور مواصلتها حملة زوجها باسم حزب عمال عوامي اليساري، اثارت انتقدات منافسيها. لكنها ثابرت متسلحة بروح "الثأر" من القتلة.
وقالت "كانوا عندما يروني مبتسمة، يقولون + إنها سعيدة بوفاة زوجها".
ولكن بعد خمس سنوات من ممارسة مهامها كمنتخبة، أصبحت تشعر بأن الناس أضحوا أكثر تسامحًا معها. واوضحت أنهم "يريدون شخصًا يمنح الوقت الكافي لدائرته الانتخابية، بغض النظر عن الجنس".
- ضد التمييز بين الجنسين -
ترفض سافيرا باركاش (25 عاماً) إعطاء أهمية كبيرة لسيرتها الخاصة التي تمثل علامة فارقة في السياسة الباكستانية، فهي إمرأة وشابة وهندوسية في بلد يتسم بالتقاليد المتجذرة.
واختارت الشابة التي حصلت مؤخراً على شهادة في الطب، دينها بنفسها، وهو قرار احترمه والدها السيخي وأمها المسيحية في هذا البلد ذي الأغلبية المسلمة وحيث يسود التوتر بين الأديان.
وأكدت "لا يوجد دين في العالم يعلم الناس القيام بأفعال سيئة؛ كل الأديان ترشد الناس إلى فعل الخير".
وإذ يعم الوفاق الديني منذ فترة طويلة في دائرتها الانتخابية في بونر (شمال غرب) التي تترشح عنها للانتخابات الإقليمية، إلا أن التمييز بين الجنسين لا يزال موجوداًً، على ما ذكرت باركاش لوكالة فرانس برس.
وقالت بينما تهافت عليها حشد من الناخبين الشباب أثناء سيرها في شوارع المدينة "إن دخولي المعترك السياسي يهدف إلى مكافحة هذا التمييز وتشجيع الشمولية".
وتقود الشابة التي لم يتم انتخابها قط، الجناح النسائي لـ"حزب الشعب الباكستاني" التابع لعائلة بوتو في الاقليم.
وأكدت أنه "طالما أن المرأة لا تؤدي دوراً في المجتمع، فلن يكون هناك استقرار في بلادنا ولا في بيوتنا".
وتم تخصيص قسم في مستشفى والدها الخاص ليكون مكتباً لحملتها الانتخابية حيث تتوافد اعداد كبيرة من الشباب والشابات بشكل مستمر، ليشاركوها مشاكلهم ويستمعوا إلى حلولها.
واشارت إلى أنه "بالنسبة لي، اختيار أروقة السلطة هو ببساطة لخدمة الناس".