كشفت بروكسيل، الثلثاء، خريطة الطريق للمناخ لعام 2040، ورسمت عملية انتقالية "عادلة تضمن القدرة التنافسية الصناعية" على خلفية المقاومة المتزايدة للمعايير البيئية قبل أربعة أشهر من الانتخابات الأوروبية.
وكان الاتحاد الأوروبي حدّد هدف خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 55% بحلول العام 2030 مقارنة بالعام 1990، لتحقيق تحييد اثر الكربون عام 2050.
وكهدف وسيط، يفترض أن توصي المفوضية الأوروبية بخفض صاف بنسبة 90% في العام 2040، وفق وثائق العمل، أي الإبقاء على الوتيرة نفسها للفترة الممتدة بين 2020 و2030، ما يوفر أفقا يمكن توقعه بالنسبة إلى المستثمرين.
وقال مفوض المناخ ووبكي هوكسترا أمام البرلمان الأوروبي "العمل المناخي يتطلب التخطيط اعتبارا من الآن (...) إنه ماراتون وليس سباقا سريعا وعلينا التأكد من تخطي الجميع خط النهاية".
وأضاف نائب رئيس المفوضية ماروس سيفكوفيتش أن "الريادة في الصناعات الخضراء والانتقال العادل هما وجهان لعملة واحدة".
وأكد أنه إذا كان "سيسمح الإنصاف والتضامن والسياسات الاجتماعية للاسر ذات الدخل المنخفض من تحقيق عملية انتقالية فعالة" فإن شروطًا سياسية اخرى ضرورية "لضمان القدرة التنافسية" للصناعيين و"شروط المنافسة العادلة" على المستوى الدولي و"وظائف مستقرة ودائمة".
كان يفترض على المفوضية الأوروبية تحديث توقعاتها في الأشهر الستة التالية لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في كانون الأول لكنها كشفت الثلثاء عن "تواصل" عام، مع اقتراب استحقاق الانتخابات الاوروبية.
وستواجه المفوضية القادمة الناتجة عن تصويت حزيران مهمة صعبة تتمثل في عرض اقتراح تشريعي رسمي إلى الدول والبرلمان الأوروبي الجديد.
- "حوار مفتوح" -
بعد ان دعت إلى "حوار مفتوح مع جميع الاطراف" تعتزم بروكسيل أن تتغلب على المخاوف المرتبطة بالتأثير الاجتماعي-الاقتصادي للخفض القسري لانبعاثات الكربون، إذ أصبح "الاتفاق الأخضر الأوروبي" فزاعة للرأي العام.
وبعد النجاحات التي تحققت في قطاعات النقل والطاقة والصناعة، سحقت هذه المروحة من التشريعات البيئية بشأن المسائل الزراعية في مواجهة معارضة أعضاء يمينيين في البرلمان الأوروبي ومزارعين، فيما طالب زعماء ب"استراحة تنظيمية" لإعالة الشركات والأسر.
ومع اقتراب انتخابات حزيران حين يتوقع صعود اليمين المتطرف والقوميين، يبدو أن النقاش حول المعايير البيئية التي كانت في قلب التظاهرات الزراعية الأخيرة، سيكون شائكا.
وإذا تم ذكر جعل القطاع الزراعي صديقا للبيئة (11% من الانبعاثات الأوروبية) فإن النص يزيل احتمال خفض الانبعاثات الزراعية الذي ورد في وثيقة سابقة، ويعتبر أنه "أكثر فعالية" لاستهداف السلسلة الغذائية الزراعية بأكملها.
واعتبر سيموني تاليابييترا من معهد بروغيل ان "سياسة المناخ اصبحت معقدة وعاطفية ومحفوفة بالمخاطر (...) لتكون مقبولة اجتماعيا وقابلة للاستمرارية سياسيا هناك حاجة إلى إجراءات قوية في السنوات المقبلة: تمويل أخضر جديد، وتعزيز إدارة الطاقة".
واضاف ان "تطبيق التدابير التي تمت الموافقة عليها يسمح لنا بالاقتراب من -90% في عام 2040، لكن هذا الهدف يظل ثوريًا وسيتطلب إزالة الكربون على نطاق واسع من القطاعات التي يصعب فيها ذلك".
وتخطط بروكسيل لـ"ميثاق صناعي اخضر" مع قواعد وسلاسل توريد وتمويل مناسبة، وقبل كل شيء الوصول إلى طاقة كافية وبأسعار معقولة خالية من الكربون مع النمو المستمر لمصادر الطاقة المتجددة وشبكات الهيدروجين، ولكن أيضًا الذرّة المدنية عبر المفاعلات المعيارية الصغيرة المستقبلية.
وعلى إنتاج الكهرباء ان يكون "خاليا تقريبا من الكربون في النصف الثاني من ثلاثينات القرن الحالي" في حين سينخفض استهلاك الوقود الأحفوري المحترق لأغراض الطاقة بنسبة 80% بحلول عام 2040.
- "مواصلة الجهد" -
ويفترض أن تستند توقعات العام 2040 جزئيا إلى احتجاز وتخزين كميات كبيرة من الكربون، وهو ما يثير استياء منظمات غير حكومية تنتقد هذه التكنولوجيات "غير المثبتة" وتطالب بأهداف للحد من الانبعاثات الخام.
وأعلنت سيلفيا باستوريلي من منظمة غرينبيس "إن الأمر لا يقل أهمية عن هدف الوقاية من سرطان الرئة دون وجود خطة للإقلاع عن التدخين".
مع اعتماد قوانين بيئية مختلفة "أنجزت المهمة للفترة التي تسبق العام 2030، يجب التسريع الآن، وتوسيع" الجهود، وفق باسكال كانفان رئيس لجنة البيئة في البرلمان الأوروبي.
وأضاف "إذا لم نواصل العمل، لن نتمكّن من تحقيق الهدف النهائي. إذا لم تكن الظروف السياسية مؤاتية، لن يحدث ذلك: إحدى القضايا المحورية للانتخابات هي متابعة +الاتفاق الأخضر+. إطلاق هدف 2040 الآن يتطلب من الجميع اتخاذ موقف".
وفقا لبروكسيل، فإن الاستثمارات المطلوبة خلال الفترة 2031-2050 يمكن أن تصل سنويا إلى 660 مليار يورو في مجال الطاقة و870 مليار يورو في مجال النقل: وهي تكلفة ضخمة تجمع بين الاستثمارات العامة والأموال الخاصة لكن يجب مقارنتها بـ "تكلفة التقاعس" في مواجهة الأضرار المناخية.