أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مقابلة طويلة أجراها معه المذيع الأميركي تاكر كارلسون وبُثّت الخميس، أنّ هزيمة قواته في الحرب التي تخوضها في أوكرانيا "مستحيلة".
واستمرّت هذه المقابلة الموجّهة إلى الجمهور الأميركي والغربي أكثر من ساعتين، وبدت في أحيان كثيرة أشبه بدرس في مادة التاريخ انتقائية ومتحيّزة جدّاً، وقد شدّد الرئيس الروسي خلالها على أنّه من غير الوارد لبلاده أن تغزو بولندا أو لاتفيا، لافتاً إلى أنّ موسكو "ليست لديها أيّ مصالح" في هذين البلدين.
وقال بوتين للصحافي في صالة كبيرة حيث كانا يجلسان وجهاً لوجه: "حتى الآن كانت هناك صيحات وأصوات تدعو إلى إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا في ساحة المعركة".
وأضاف: "لكن الآن يبدو أنهم يدركون أنّ هذا أمر صعب تحقيقه، بل إنّه مستحيل. برأيي، هذا الأمر مستحيل بحكم التعريف. هذا لن يحدث أبداً. ويبدو لي أنّ مَن هم في السلطة في الغرب يدركون الآن ذلك أيضاً".
وتابع: "عليهم أن يفكّروا في ما سيأتي بعد ذلك. نحن مستعدون لهذا الحوار".
من جهة ثانية، أعلن الرئيس الروسي أنّه يمكن التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المحتجز في روسيا منذ نحو عام بتهمة التجسّس.
وقال بوتين: "أعتقد أنّه يمكن التوصّل إلى اتفاق. ليست هناك محرّمات لتسوية هذه القضية. نحن مستعدون لحلّها، لكنّ بعض الشروط تُناقش عبر قنوات أجهزة الاستخبارات".
وقال الرئيس الروسي، في مقابلته الأولى مع صحافي غربي منذ اندلاع النزاع في أوكرانيا، إنه يستبعد غزو بولندا أو لاتفيا. وأكّد أنّ بلاده لا تريد توسيع نطاق الحرب الدائرة في أوكرانيا، قائلاً: "ببساطة ليست لدينا أيّ مصلحة" في ذلك.
وسأل كارلسون، المقرّب من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الرئيس الروسي: "هل بإمكانك أن تتخيّل سيناريو تُرسلون فيه قوات روسية إلى بولندا؟" فأجاب بوتين: "في حالة واحدة فقط: إذا هاجمت بولندا روسيا".
وأضاف بوتين: "ليست لدينا مصالح في بولندا أو لاتفيا أو في أيّ مكان آخر. لماذا نفعل ذلك؟ ببساطة ليست لدينا أيّ مصلحة... هذا غير وارد بتاتاً".
كما أكد بوتين أنّ انتخاب رئيس أميركي جديد، في استحقاق مقرّر إجراؤه في الخامس من تشرين الثاني ويُرجَّح أن يضع الجمهوري ترامب في مواجهة الديموقراطي جو بايدن، لن يُغيّر العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا. وقال بوتين: "لقد سألتني للتوّ عمّا إذا كان أي شيء سيتغيّر إذا جاء زعيم آخر. إنها ليست مسألة من هو الزعيم، أو مسألة شخصية شخص محدّد".
كان ترامب قد تفاخر بأنّه يستطيع وضع حد للحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة إذا أعيد انتخابه، من دون أن يخوض في تفاصيل، في حين وصف بايدن نظيره الروسي بأنه مجرم حرب، وأظهر دعما ثابتا لكييف.
وكارلسون، الذي يتمتّع بشعبية واسعة في الولايات المتحدة، هو شخصية مثيرة للجدل طردته "فوكس نيوز" قبل بضعة أشهر فانتقل إلى تقديم برنامج يبثّه مُذّاك على موقعه الإلكتروني وعلى منصة "إكس" (تويتر سابقاً).
وأجرى كارلسون المقابلة مع بوتين في روسيا في زيارة لقيت تغطية واسعة من وسائل الإعلام الرسمية الروسية.
والثلثاء، قال المذيع، في مقطع فيديو فصّل فيه الأسباب التي دفعته للسفر إلى روسيا لمقابلة بوتين، إنّ "معظم الأميركيين غير مطّلعين، وليست لديهم أيّ فكرة عمّا يحدث في المنطقة، هنا في روسيا أو على بُعد 600 ميل في أوكرانيا".
وأضاف: "يجب أن يعرفوا، لأنّهم يدفعون جزءاً كبيراً من الثمن"، في إشارة إلى الدعم الذي تقدّمه الولايات المتّحدة لأوكرانيا والذي لطالما انتقده.
والأربعاء، قال البيت الأبيض إنّ هذه المقابلة الجديدة مع بوتين لم تكن ضرورية لكي يدرك الشعب الأميركي "وحشية" الرئيس الروسي.
وقال المتحدّث باسم الرئاسة الأميركية جون كيربي لصحافيين إنّ "ما فعله بوتين في أوكرانيا يجب أن يكون واضحا للجميع، وكذلك الأسباب الوهمية والسخيفة التي يحاول من خلالها تبرير أفعاله".
ولم يُجرِ الرئيس الروسي مقابلة مع وسيلة إعلام غربية منذ بدأت قواته هجومها على أوكرانيا في شباط 2022.