بدأ الناخبون في فنلندا الإدلاء بأصواتهم، الأحد، في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية للاختيار بين رئيس الوزراء السابق ألكسندر ستاب ووزير الخارجية السابق بيكا هافيستو، لتولي منصب بات يحظى بأهمية إضافية بعد انضمام البلاد الى حلف شمال الأطلسي وازدياد التوتر مع الجارة روسيا بسبب حرب أوكرانيا.
ودعي نحو 4,3 ملايين شخص للاختيار بين المحافظ ستاب الذي تصدّر الدورة الأولى التي أجريت في 28 كانون الثاني بنيله 27,2 بالمئة من الأصوات، وهافيستو المنضوي في حزب الخضر لكنه يخوض الانتخابات كمرشح مستقل، وكان قد حصل على 25,8 بالمئة الشهر الماضي.
وفتحت مراكز الاقتراع عند الساعة التاسعة (07,00 ت غ) وتغلق أبوابها عند الثامنة مساء (18,00 ت غ).
كانت إريا فانهانن (59 عاما) من أوائل المقترعين في أحد مراكز هلنسكي. وقالت لوكالة فرانس برس إنها صوّتت لصالح "قائد يرفع لواء قيم بجانب الأقليات ويتخذ موقفا... متى لزم الأمر".
وعلى رغم أن صلاحياته محدودة مقارنة برئيس الوزراء، لكن الرئيس الذي ينتخب لولاية من ستة أعوام يوجه السياسة الخارجية بالتعاون مع الحكومة وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وبات المنصب أكثر أهمية في ظل التوترات الجيوسياسية في أوروبا منذ بدء موسكو غزو أراضي أوكرانيا في شباط 2022، وانضمام فنلندا التي تتشارك حدودا مع روسيا طولها 1340 كيلومترا، الى حلف الناتو.
وبقيت فنلندا محايدة طوال الحرب الباردة، لكنها تخلت عن هذه السياسة التي اعتمدتها لعقود طويلة، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وانضمت هلسنكي الى حلف شمال الأطلسي العام الماضي، في خطوة أثارت استياء روسيا التي لوحّت باتخاذ "إجراءات مضادة".
والشهر الماضي، أعلنت الحكومة الفنلندية تمديد إغلاق حدودها مع روسيا الذي فرضته عقب ارتفاع في تدفق المهاجرين وصفته هلسنكي بأنه "هجوم روسي هجين".
- تقارب في السياسة الخارجية -
رأى محللون أن انضمام فنلندا حديثا الى الناتو يزيد بشكل واضح من أهمية الانتخابات الرئاسية.
وقالت أستاذة العلوم السياسية في جامعة هلنسكي ثيودورا هليماكي إن "انضمامنا حديثا الى الناتو يكتسب أهمية كبيرة" لأن المقاربة التي ستعتمدها فنلندا حيال المسألة "ستكون الى حد كبير مهمة الرئيس الجديد".
وفي استطلاع للرأي أجرته القناة التلفزيونية العامة الخميس، حصل ستاب على 54 بالمئة من نوايا التصويت لدى الناخبين، مقابل 46 لهافيستو.
ويتشارك المرشحان اللذان سبق لكل منهما أن تولى منصب وزير الخارجية، المقاربة نفسها حيال التعامل مع روسيا، اذ يؤيدان تشديد العقوبات الغربية التي فرضت على موسكو على خلفية الهجوم على أوكرانيا.
وقال هافيستو في مناظرة تلفزيونية ليل الخميس "يمكن للاتحاد الأوروبي القيام بالمزيد لمساعدة أوكرانيا".
بدوره، رأى ستاب أن "طريق أوكرانيا هو طريقنا، وحاليا هم يقاتلون من أجل حرية جميع الأوروبيين. يستحقون كل الدعم الذي يمكننا تقديمه اليهم".
وكان الرئيس السابق ساولي نينيستو الذي تولى المنصب اعتبارا من العام 2012 ولا يحق له الترشح بعد ولايتين متتاليتين، أكثر القادة الأوروبيين تواصلا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وتولى إبلاغه شخصيا في اتصال هاتفي عام 2022، قرار بلاده الانضمام الى حلف شمال الأطلسي.
ومنذ ذلك الحين، تدهورت العلاقات بين فنلندا وروسيا بشكل كبير وانقطع التواصل المعلن بين قيادتي البلدين.
وأعطت فنلندا العضو في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، الأولوية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة لتطوير العلاقات الاقتصادية مع روسيا أملا بأن ينعكس ذلك زخما ديموقراطيا.
- افتراق في التفاصيل -
وفي حين يحظى المرشحان برؤية متقاربة في السياسة الخارجية، يفترقان حيال ملفات أخرى، بحسب الباحثة هليماكي التي تذكر على سبيل المثال مسألة تخزين ونقل الأسلحة النووية.
ويرفض هافيستو السماح بإجراءات كهذه على رغم أن عضوية فنلندا في الناتو تلزمها المشاركة في المناورات المتعلقة بالسياسة النووية للحلف.
من جهته، شدد ستاب على أن فنلندا يجب ألا ترفض "أي جزء" متعلق بسياسة الردع المرتبطة بحلف شمال الأطلسي.
ورأى الباحث في المعهد الفنلندي للشؤون الدولية ماتي بيسو أن الناخبين سيختارون أحد المرشحَين بناء على توجهاتهم السياسية، في ظل غياب فوارق كبيرة بينهما خصوصا في مجال السياسة الخارجية.
وقال إن "ليبرالية ستاب مرتبطة بالمنظمات والقيم الغربية، في حين أن هافيستو يركز بشكل أكبر على الطابع الدولي: الأمم المتحدة، السلام، التنمية".
وأضاف أن ستاب هو "أكثر انفتاحا وحداثة"، في حين أن هافيستو هو "تقليدي أكثر وحذر".
وكان ستاب رئيسا للوزراء بين عامي 2014 و2015، فيما تولى هافيستو مناصب وزارية عدة.