تحتفظ نورما أندرسون (91 عاما) في حقيبتها بنسخة من الدستور الأميركي الذي أمضت حياتها تدرسه سواء خلال العقود التي قضتها كمشرّعة في الحزب الجمهوري أو عندما كانت جالسة في منزلها تتابع التلفزيون... وهي مصممة الآن على إبعاد دونالد ترامب عن العملية الانتخابية.
وباعتبارها المدعية الرئيسية في الشكوى الرامية لاستبعاد دونالد ترامب عن الاقتراع في كولورادو، فهي واثقة من أمر واحد: يتعيّن ألا يتولى الرئيس السابق المثير للجدل أي منصب رسمي مرّة أخرى.
تقول لوكالة فرانس برس "انتهك الدستور وحاول قلب مسار الانتخابات.. بالنسبة لي، يعني ذلك بأن ديموقراطيتنا في أزمة إذا تم انتخابه" مرة أخرى.
في السادس من كانون الثاني، 2021، عندما اقتحم أنصار ترامب الكابيتول سعيا لمنع المصادقة على فوز الديموقراطي جو بايدن، لجأت أندرسون إلى نسختها من الميثاق التأسيسي.
وتؤكد أنه "في تلك الليلة، عدت وقرأت هذا الجزء"، في إشارة إلى البند الذي يحظر على أي مسؤول منتخب شارك في تمرّد تولي أي منصب مرة أخرى.
تعتبر أندرسون بحزم أن ما قام به ترامب في فترة 6 كانون الثاني يجعله غير مؤهل لتولي المنصب حتى أنها انضمت للمساعي القانونية من أجل استبعاده من الاقتراع الرئاسي في ولايتها كولورادو.
حكم قضاة الولاية لصالحها، مشيرين إلى أنه لا يمكن للرئيس السابق خوض الانتخابات التمهيدية المقبلة للحزب الجمهوري في الخامس من آذار.
وتقدّم فريق ترامب القانوني بطعن ضد الحكم أمام المحكمة الأميركية العليا التي يتوقع أن يصدر قضاتها التسعة حكمهم قريبا جدا.
يمكن لهذا الحكم أن يؤثر بشكل هائل على مسار الانتخابات الرئاسية هذا العام، في ظل تحرّكات قانونية في عدة ولايات أخرى حيث يسعى ناشطون ومحامون لمنع نجم تلفزيون الواقع السابق المثير للجدل من العودة إلى السلطة.
- "أمل" -
وتعد المادة الرابعة عشرة من الدستور الأميركي، وهي من بين الإضافات الأوسع تأثيرا في الدستور، في صلب القضية.
وتتعلق المادة التي أقر العام 1868 بعد الحرب الأهلية بمسائل مرتبطة بالمحاكمات العادلة والجنسية إلى جانب قضايا أخرى.
لكنها تستبعد من السلطة أي شخص سبق وأقسم بدعم الدستور لكنه "انخرط في تمرّد" ضد الولايات المتحدة.
تم تفسير المادة على نطاق واسع بأنها محاولة لاستبعاد قادة الكونفدرالية السابقين من السلطة في القرن التاسع عشر، لكن أندرسون وغيرها من مقدّمي الدعوى في هذه القضية يصرّون على أن الأمر ينطبق على ترامب.
وخلال مرافعات المحكمة العليا الشفهية في وقت سابق هذا الشهر، بدا غالبية القضاة مشككين في الأسس الموضوعية لاستبعاد مرشّح يحظى بشعبية من الانتخابات.
وأعرب أعضاء أعلى محكمة في البلاد سواء المحافظين أو الليبراليين عن قلقهم حيال ترك كل ولاية تقرر أي مرشح يمكنه المشاركة في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني.
وعلّقت أندرسون على ذلك بالقول "عليهم ألا يقلقوا حيال ذلك".
وأضافت "الولايات تدير الانتخابات. لا تدير الحكومة الفدرالية انتخاباتنا. كل ولاية تدير الانتخابات وتقرر الشخصيات المرشحة".
وتؤكد أن مجرّد إصدار ولاية حكما بأنه لا يمكن لاسم شخص ما أن يدرج على قائمة المرشحين، لا يعني أن بإمكانها التأثير على ما يمكن لولاية أخرى القيام به.
وتشير إلى أن هناك عادة مرشحين ديموقراطيين وجمهوريين في كل ولاية، لكن يصعب عادة على مرشحي أحزاب ثالثة الترشح في بعض الولايات.
وقالت "ما الذي يجعل الجمهوري أو الديموقراطي أفضل من مرشح حزب ثالث؟ لا شيء. يجب أن يتم التعامل معنا جميعا بشكل متساو".
ورغم الرياح المعاكسة التي يبدو أنها ستواجهها في المحكمة العليا، ما تزال أندرسون متفائلة حيال إمكانية نجاح مسعاها القانوني.
وقالت أول امرأة تشغل منصب زعيمة الأكثرية في مجلسي النواب والشيوخ في كولورادو "يبقى لدي أمل على الدوام إلى أن يقولوا لي +كلا+".
- "مثل بوتين" -
تعتبر أندرسون التي كانت طوال حياتها في الحزب الجمهوري فكرة عودة ترامب إلى البيت الأبيض مروّعة إذ ترى أنه نقيض لكل مبدأ تأسست عليه الولايات المتحدة.
وتقول "إنه يحب أن يكون تماما مثل (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، أو كملك. سلوكه يثبت ذلك، وكل شيء يقوله يثبت ذلك".
وأضافت وهي تضحك "ما كان الآباء المؤسسون (للولايات المتحدة) ليكونوا لطفاء معه.. كانوا ليسجنوه على الأرجح".
ومنذ أطلقت أندرسون تحرّكها القانوني، أشارت حملة ترامب لها على أنها RINO أي جمهورية بالاسم فحسب.
لكنها تؤكد على أنها تحظى بتأييد من أفراد من أنحاء مختلفة من البلاد.
وسواء أيدت المحكمة العليا مسعاها أم لا، تعتبر أندرسون أن تحركها حقق نتائج.
وقالت في إشارة إلى ترامب "وبغض النظر عن أي شيء آخر، فإننا على الأقل لفتنا الأنظار إلى حقيقته... أعرف أن ما نقوم به صحيح".