تظاهر آلاف الباكستانيين، الجمعة، ضد رئيس المحكمة العليا بعدما أصدر حكما يتعلق بقضية تجديف أثار ردود فعل عنيفة على الإنترنت وتهديدات بقتله.
وانتقدت الحركة الإسلامية الباكستانية رئيس المحكمة العليا قاضي فايز عيسى لأنه أمر بالإفراج عن رجل ينتمي إلى الطائفة الأحمدية، وهي أقلية في البلاد.
واتُهم هذا الرجل بنشر نص ديني أحمدي محظور، وهو تصرّف اعتبره رجال الدين المحافظون تجديفا، في بلد حيث حتى الادعاءات غير المثبتة بالإساءة إلى الإسلام قد تؤدي إلى اغتيالات وعمليات إعدام خارج نطاق القانون.
ونُظمت العديد من التجمعات شارك فيها حوالى ثلاثة آلاف شخص في بيشاور (شمال غرب) بعد صلاة الجمعة.
وهتف المتظاهرون الذي أغلقوا طرقا عدة "محمد هو خاتم الأنبياء" و"الموت للقاديانيين (مصطلح مهين للأحمديين)".
ومساء الخميس، أصدرت المحكمة العليا بيانا دافعت فيه عن الحكم ونفت أن يكون مخالفا للدستور الإسلامي الباكستاني وقالت "هذا الانطباع خاطئ تماما. إن الحملة المنظمة على القضاء والقضاة أمر مؤسف".
يحدد تعديل دستوري يعود تاريخه إلى العام 1974 الأحمديين بأنهم غير مسلمين. وأُلحق بقانون صدر عام 1984 يحظر على أتباع هذه الطائفة القول إنهم مسلمون ونشر عقيدتهم.
ويتعرض الأحمديون للاضطهاد ولممارسات تمييزية منذ عقود في باكستان حيث يعتبرون "مجدفين" بسبب إيمانهم بنبي بعد محمد يدعى ميرزا غلام أحمد مولود في القرن التاسع عشر.
وأعرب ناطق باسم هذه الطائفة هو أمير محمود عن أسفه "للبروباغندا السلبية والمتحيزة" ضد هذا الحكم الذي أنقذ رجلا "من التعرض للاضطهاد بسبب معتقده الديني".
- "عدو النبي" -
وفي حكم استند ظاهريا إلى القرآن، أمر قاضي فايز عيسى بالإفراج عن المتهم بداعي أن الدستور يضمن لكل فرد "الحق في اعتناق دينه وممارسته ونشره" وأن "الحرية الدينية هي من المبادئ الأساسية للإسلام".
صدر الحكم في 6 شباط لكنّ أحدا لم يلاحظه، حتى أخيرا عندما نشرت رسائل على منصة "إكس" تتهم القاضي بأنه "دافع عن أعداء للنبي" أو تدعوه إلى الاستقالة أو تهدده بالقتل.
وظهرت المنشورات الأولى على حسابات مرتبطة بحزب "تحريك لبيك باكستان" وهو حزب إسلامي يقف وراء احتجاجات عنيفة مناهضة للتجديف ويخشاه الأحمديون.
وتدافع الأحزاب الإسلامية بشدة عن قانون ينص على فرض عقوبة الإعدام على أي شخص تثبت إدانته بإهانة الإسلام أو النبي محمد، حتى لو لم ينفّذ حكم الإعدام بحق أي شخص مدان حتى الآن.
وسرعان ما اكتسبت الحملة ضد رئيس المحكم العليا زخما مع اعتبار الإسلاميين أن حكمه هو محاولة للسماح للأحمديين بنشر عقيدتهم وإعادة تحديد من يُعتبر مسلما بموجب الدستور في البلاد.
من جهته، استنكر فضل الرحمن، زعيم الحزب الديني المحافظ "جمعية علماء الإسلام" (JUI-F) الذي دعا في الماضي إلى تطبيق الشريعة في باكستان، التفسير "الخاطئ" للقرآن والمبني على سوء نية" من جانب القاضي.
ووصفت حركة طالبان باكستان التي تخوض صراعا مسلحا ضد إسلام آباد الخميس، قاضي فايز عيسى بأنه "عدو للإسلام" متعهدة تلقين "هؤلاء الخونة للدين والأمة درسا".
ويعتبر العديد من الباكستانيين أن هذه التهديدات تعيد إلى الأذهان مقتل حاكم إقليم البنجاب سلمان تيسير على يد حارسه الشخصي في العام 2011، والذي كان يدعو إلى إصلاح قانون التجديف المثير للجدل.