أعطى مجلس الحرب الإسرائيلي السبت الضوء الأخضر لإرسال وفد إلى قطر قريباً، لمواصلة المناقشات التي جرت في الأيام الأخيرة في باريس بهدف التوصل إلى اتفاق هدنة في غزة يشمل إطلاق سراح رهائن، بحسب ما أفاد مسؤولون ووسائل إعلام محلية، في وقت واصل الجيش الإسرائيلي السبت قصف القطاع الفلسطيني حيث تتزايد المخاوف من مجاعة بسبب نقص المساعدات الحيويّة.
واجتمع مجلس الحرب في إسرائيل ليل السبت بعد عودة الوفد الإسرائيلي من محادثات في باريس، لمناقشة الإفراج عن رهائن واتفاق لوقف إطلاق النار في الحرب ضد حماس.
اجتماعان في مصر وقطر!
في السياق، قالت مصادر أمنية مصرية إن قطر ستستضيف محادثات بين حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (#حماس) و#إسرائيل هذا الأسبوع بهدف التوصل إلى اتفاق #هدنة.
وذكرت المصادر أنه تم الاتفاق على عقد اجتماع آخر في قطر خلال اليومين القادمين بحضور ممثلين من كل الأطراف بمن فيهم حماس وإسرائيل من أجل إتمام الاتفاق النهائي.
وأضافت أن اجتماعا آخر سيعقد في القاهرة في وقت لاحق، والذي من المرجح أن يكون للاتفاق على مواعيد تنفيذ الاتفاق وآلية تنفيذه وتحديدا فيما يتعلق بالرهائن.
وكان وفد إسرائيلي برئاسة رئيس الموساد ديفيد برنيع توجه إلى باريس الجمعة لمتابعة مشروع هدنة نوقش في العاصمة الفرنسية نهاية كانون الثاني مع نظيريه الأميركي والمصري ورئيس وزراء قطر.
وقال تساحي هنغبي، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مساء السبت لقناة "إن 12" الإسرائيلية، "لقد عاد الوفد من باريس، ربما يكون هناك مجال للتحرك نحو اتفاق". وأضاف قبيل اجتماع مجلس الحرب مساء السبت أن "الوفد طلب إبلاغ مجلس الحرب بنتائج قمة باريس ولهذا السبب سيجتمع مجلس الحرب مساء اليوم عبر الهاتف".
وأوضحت وسائل إعلام إسرائيلية ليلاً أن مجلس الحرب أنهى اجتماعه بإعطاء الضوء الأخضر لإرسال وفد إلى قطر خلال الأيام المقبلة لمواصلة هذه المفاوضات بهدف الاتفاق على هدنة لأسابيع عدة تشمل إطلاق سراح رهائن في مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين في إسرائيل.
تصر إسرائيل على الإفراج عن كل الرهائن الذين احتجزوا في هجمات السابع من تشرين الأول، بدءاً بكل النساء، لكن هنغبي لفت إلى أن "اتفاقاً كهذا لا يعني نهاية الحرب".
في تل أبيب، تجمع آلاف الأشخاص مساء السبت في "ساحة المخطوفين" لمطالبة الحكومة بالعمل على تحرير الرهائن في غزة، بحسب صحافيين في وكالة "فرانس برس".
مظاهرات مناهضة للحكومة في تل أبيب. (أ ف ب)
وكان نتانياهو جدّد التشديد على ضرورة شن القوات هجوماً على رفح في جنوب غزة رغم مخاوف كبرى من تداعيات ذلك على مئات آلاف المدنيين الذي فروا إلى هناك هرباً من المعارك في بقية أنحاء القطاع.
وأضاف أنه بعد مفاوضات باريس "سأجمع بداية الأسبوع مجلس الوزراء للموافقة على الخطط العملياتية في رفح بما في ذلك إجلاء السكان المدنيين" في وقت تحذر الأمم المتحدة من كارثة إنسانية في المدينة.
وأفاد مراسل وكالة "فرانس برس" في رفح بتعرّض المدينة لست ضربات جوية على الأقل مساء السبت.
وأدّت الحرب إلى نزوح مئات آلاف الفلسطينيّين ودفعت حوالى 2,2 مليون شخص، هم الغالبيّة العظمى من سكّان القطاع، إلى حافّة المجاعة. وكتبت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (أونروا) على منصّة "إكس"، "لم يعد بإمكاننا غضّ الطرف عن هذه المأساة".
يخضع إدخال المساعدات إلى غزّة لموافقة إسرائيل، ويصل الدعم الإنساني الشحيح إلى القطاع بشكل أساسي عبر معبر رفح مع مصر، لكنّ نقله إلى الشمال دونه مخاطر بسبب الدمار والقتال.
ويزداد الغضب في مخيّم جباليا للاجئين، حيث شارك العشرات الجمعة في تحرّك عفوي احتجاجاً على ظروف المعيشة. وحمل طفل لافتة كُتب عليها "لم نمت من الغارات الجوية لكننا نموت من الجوع".
في المخيم، قال أحمد عاطف صافي لوكالة "فرانس برس": "نحن في حرب مجاعة".
فلسطينيون يتجمعون في منطقة سوق في مدينة غزة. (أ ف ب)
بدورها، قالت إحدى ساكنات المخيم "لا يوجد طحين ولا زيت ولا ماء شرب. الموت أحسن وأشرف".
في جباليا أيضاً، انتظر أطفال وهم يحملون حاويات بلاستيكية وأواني طهي بالية للحصول على قليل من الطعام، إذا توافر. واضطر سكان في شمال قطاع غزة إلى تناول بقايا ذرة فاسدة وأعلاف حيوانات غير صالحة للاستهلاك البشري وحتى أوراق الشجر لسد جوعهم.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن رضيعاً عمره شهران يدعى محمود فتوح توفي بسبب "سوء التغذية".
وحذّرت منظمة إنقاذ الطفولة (سايف ذا تشلدرن) الخيرية من أن "خطر المجاعة يُتوقع أن يتزايد طالما استمرت حكومة إسرائيل في عرقلة دخول المساعدات إلى غزة" وكذلك الحصول على المياه والخدمات الصحية وغيرها.
قلق في رفح
من جهته، ندد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الجمعة بـ"الحصار المفروض على غزة" من جانب إسرائيل. وقال إن ذلك يمكن أن "يمثل استخداماً للمجاعة وسيلة في الحرب" وهو ما يشكل "جريمة حرب".
ويتزايد القلق في رفح حيث يتكدس ما لا يقل عن 1,4 مليون شخص، نزح معظمهم من القتال، في حين يلوح شبح عملية برية واسعة يُعدّ لها الجيش الإسرائيلي.
قبل فجر السبت، أودى القصف الإسرائيلي بما لا يقل عن 103 فلسطينيين، حسبما ذكرت وزارة الصحة التابعة لحماس التي باتت تعلن يومياً عن مقتل حوالى 100 شخص في غزة جراء أكبر هجوم في تاريخ إسرائيل.
وقتل حتى الآن 29606 فلسطينيين على الأقل في غزة، غالبيتهم العظمى من المدنيين النساء والقصّر، منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول، وفق أحدث تقرير للوزارة.
في ذلك اليوم، نفذت قوات من كتائب القسام الذراع العسكرية لحماس هجوماً من غزّة على جنوب إسرائيل أدّى إلى مقتل ما لا يقل عن 1160 شخصاً، معظمهم مدنيّون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة.
كما احتُجز خلال الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 130 منهم ما زالوا في غزّة، ويُعتقد أنّ 30 منهم لقوا حتفهم.
"لا مكان آمن"
تعهّدت إسرائيل القضاء على حماس التي تولّت السلطة في غزّة عام 2007 والتي تعتبرها، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، "منظّمة إرهابيّة".
وبعد تنفيذ حملة قصف برّية وبحريّة وجوّية على القطاع الضيّق، شنّ الجيش الإسرائيلي هجوما برّيا في شمال غزّة في 27 تشرين الأوّل وسّعه جنوباً حتّى مدينة خان يونس.
فلسطينيون يفرون من منازلهم بعد القصف الإسرائيلي على رفح. (أ ف ب)
وأعلن الجيش السبت أنّ جنوده قتلوا "عشرات الإرهابيين" وعثروا على أسلحة ودمّروا فتحة نفق في خان يونس التي استحالت ساحة خراب.
وأعلنت المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة وقوع أكثر من 70 غارة خلال الساعات الأخيرة في دير البلح (شمال) وخان يونس ورفح ومدينة غزة وجباليا.
وقال حسن حمد قشطة بعد قصف دمّر مبنى في رفح "كنتُ في الدار فوق، حين سمعت انفجارا قوياً، نزلت فوجدت السواد يلف كل ما حولي، لقيت شهداء وإسعافاً... لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة كله، نحن مستهدفون في كل مكان".
يبدي نتانياهو عزمه على مواصلة الحرب حتى القضاء على حماس، وطرح مساء الخميس على مجلس الوزراء الأمني المصغّر خطّة تنصّ خصوصاً على الحفاظ على "السيطرة الأمنيّة" على القطاع الذي حكمته إسرائيل بين عامي 1967 و2005.
كما تنصّ على أن يتولى إدارة شؤون القطاع المدنية مسؤولون فلسطينيّون لا علاقة لهم بحماس.
ولقيت الخطة رفضاً من حماس والسلطة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة المحتلّة.
وأثارت انتقادات أيضاً من الولايات المتحدة التي أكّد وزير خارجيّتها أنتوني بلينكن مجدّداً معارضة بلاده أيّ "إعادة احتلال إسرائيلي" لغزّة.