كانت الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" ومعاناة سكان قطاع غزة محور الاهتمامات الاثنين في اليوم الأول من الدورة الخامسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.
وفي كلمته الافتتاحية للاجتماع، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من أن هجوماً إسرائيلياً على رفح سيوجّه ضربة قاضية إلى برامج المساعدات في غزة حيث لا تزال المساعدات الإنسانية "غير كافية على الإطلاق".
وأضاف غوتيريس أنّ هجوماً شاملاً على المدينة الواقعة في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر "لن يكون فقط مروّعاً بالنسبة إلى أكثر من مليون مدني فلسطيني لجأوا إلى هناك، بل سيكون بمثابة المسمار الأخير في نعش برنامج مساعداتنا".
وتأتي تصريحاته بعدما كرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأحد عزمه على شن هجوم برّي على مدينة رفح المكتظّة في جنوب القطاع، بهدف تحقيق "النصر الكامل" في الحرب التي اندلعت إثر هجوم حماس في 7 تشرين الأول.
واعتبر نتنياهو أنّ التوصّل إلى اتّفاق هدنة لن يؤدّي سوى إلى "تأخير" الهجوم على مدينة رفح.
- لا مبرر -
وشدد غوتيريس الإثنين على أن "لا شيء يمكن أن يبرر تعمّد "حماس" قتل وجرح وتعذيب وخطف مدنيين واستخدام العنف الجنسي، أو إطلاق صواريخ عشوائيّاً باتجاه إسرائيل".
وأضاف: "ولا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".
وسط أزمة إنسانية متفاقمة، دعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إلى التحرك لمنع حدوث مجاعة في غزة.
ومثل مسؤولين آخرين في المجال الإنساني، أشار غوتيريس إلى أنّ "المساعدات الإنسانية لا تزال غير كافية على الإطلاق".
وتابع: "أكرر دعوتي إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن".
- انتقادات للأونروا -
تتّهم إسرائيل وكالة الأونروا بـ"التواطؤ" مع "حماس" وتشن عليها السلطات الإسرائيلية وحلفاؤها حملة شرسة.
وفي مواجهة الاتهامات، خصوصاً تلك المتعلّقة بضلوع عشرات من موظفي الأونروا في هجوم 7 تشرين الأول، كلّف غوتيريس وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا بتقييم عمل الوكالة.
وتقدّر الأمم المتحدة، مثل منظمات غير حكومية أخرى، أنه ليس هناك بديل للدور الحيوي الذي تؤديه هذه الوكالة في تقديم المساعدات الإنسانية لغزة.
وعلى هامش اجتماع مجلس حقوق الانسان في جنيف، عقدت منظمة "يو إن ووتش" غير الحكومية المؤيدة لإسرائيل "قمة" بحضور والدة شاب إسرائيلي قتل خلال هجوم 7 تشرين الأول تتهم موظفاً في الأونروا بنقل جثة ابنها إلى غزة.
ويريد مدير المنظمة هيليل نوير "إيجاد حلول بديلة لمساعدات التنمية دون إرهاب" وتقديم التماس في هذا الشأن إلى غوتيريش.
- تورك في المرصاد -
وخلال الجلسة، ندد مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن الأمم المتحدة ووكالاتها وعملها قائلاً إنّ "الأمم المتحدة أصبحت هدفاً للدعاية المضلّلة وكبش محرقة لفشل السياسات".
وأضاف: "هذا الوضع مدمر للغاية للصالح العام ويشكّل خيانة قاسية للعديد من الأشخاص الذين يعتمدون" على وكالات الأمم المتحدة.
وأشار خصوصاً إلى وكالة الأونروا من دون أن يسمّيها.
وأصبح تورك نفسه غير مرحب به في إسرائيل التي تعتبر سلطاتها أن خدماته متحيزة لصالح الفلسطينيين.
وأودت الحرب التي اندلعت قبل أربعة أشهر بعد شنّ مقاتلين من حماس هجوماً على جنوب إسرائيل بحياة 1160 شخصاً، معظمهم مدنيون، وفقاً لإحصاء أجرته "وكالة فرانس برس" يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وتعهّدت إسرائيل "القضاء" على الحركة وشنّت هجوماً كبيراً على غزة أودى بحياة 29,782 شخصاً حتى الآن، غالبيتهم العظمى نساء وأطفال، حسب وزارة الصحة التابعة لحركة "حماس".
وأعرب غوتيريش عن أسفه لأنه رغم دعواته الملحة فشل مجلس الأمن الدولي في التحرك من أجل اتخاذ كل التدابير اللازمة "لوقف إراقة الدماء في غزة ومنع التصعيد".
وحذر من أنّ هذا التقاعس "أدّى إلى تقويض سلطته بشدة، وربما بشكل تام".