أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المفوضة بالتحقّق من الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني، عن "قلقها المتزايد" إزاء تكثيف أنشطة إيران النووية.
وقبل أسبوع من اجتماع مجلس المحافظين في المقر الرئيسي للوكالة في فيينا، دعا مديرها العام رافايل غروسي مرة أخرى طهران إلى "التعاون التام"، بعدما شهدت العلاقات بين الطرفين تدهوراً في الأشهر الأخيرة.
وفي تقرير غير معد للنشر اطلعت عليه وكالة فرانس برس الاثنين، أشار غروسي إلى أنّ "إيران تدلي بتصريحات علنية حول القدرات التقنية لإنتاج أسلحة نووية، ما يعزز المخاوف".
وفي حين تنفي الجمهورية الإسلامية نيتها حيازة قنبلة نووية، رأى مصدر ديبلوماسي أنّ بعض المسؤولين السياسيين يدلون بتصريحات مثيرة للقلق.
- تخفيض المخزون بنسبة 60% -
وفي موازاة ذلك، تواصل إيران زيادة إنتاجها وباتت تملك ما يكفي من المواد لصنع عدة قنابل ذرية.
ووفقاً لوثيقة ثانية نشرتها الوكالة الأممية، بلغت المخزونات بتاريخ 10 شباط 5525,5 كيلوغراما (مقابل 4486,8 كيلوغراما في نهاية تشرين الأول)، أي أكثر من 27 ضعفا من المستوى المرخص به بموجب الاتفاق الدولي المبرم عام 2015 والذي ينظم أنشطة طهران النووية مقابل رفع العقوبات الدولية.
تخلت الجمهورية الإسلامية تدريجياً عن التزاماتها الواردة في الاتفاق المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة رداً على انسحاب الولايات المتحدة منه في 2018 خلال عهد الرئيس دونالد ترامب.
وبدأت محادثات لإعادة إحياء الاتفاق في نيسان 2021 في فيينا بين طهران والقوى الكبرى، لكنها توقفت منذ آب 2022 في سياق توترات متزايدة.
وتقوم إيران بالتخصيب بمستويات عالية، بعيدا من السقف المحدد بنسبة 3,67% المعادل لما يستخدم في محطات الطاقة النووية : ولديها الآن 712,2 كلغ (مقارنة بـ567,1 كلغ سابقا) مخصبة بنسبة 20 بالمئة، و121,5 كلغ عند 60 بالمئة (مقابل 128,3 كلغ سابقاً).
وأبطأت إيران وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة القريبة من نسبة 90 بالمئة المطلوبة للاستخدامات ذات الغايات العسكرية، بعد تسارع في الانتاج في نهاية العام الماضي.
وأكد مصدر ديبلوماسي "لقد قرروا إجراء عملية تخفيف في بداية العام" مشيراً إلى "أنهم ربما لا يريدون زيادة التوترات" مع القوى الغربية.
- "دون أي مبرر مدني" -
ويفضل الغربيون أيضاً تهدئة الوضع في السياق الجيوسياسي الحالي، حرصاً منهم على تجنب اثارة نزاع جديد في الشرق الأوسط.
وتتواصل اجتماعات مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يكتفي بإصدار تصريحات تندد بعدم تعاون إيران. ولم يتم اصدار أي قرار منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2022 على الرغم من تجاوز المستوى بانتظام.
والاثنين، اعربت الولايات المتحدة عن "القلق البالغ إزاء التوسع المستمر في البرنامج النووي الإيراني، دون أي مبرر مدني ذي مصداقية"، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر.
اعتبر إريك بروير، مدير مبادرة التهديد النووي وهي منظمة غير حكومية أن "الصورة العامة لا تزال قاتمة للغاية".
واشار لوكالة فرانس برس إلى أنه "لا يبدو أن أي حل ديبلوماسي قادر على وقف التصعيد في المستقبل القريب".
وفي ظل هذه الظروف، تبدو الوكالة الدولية للطاقة الذرية عاجزة.
أعرب غروسي عن أسفه لقيام إيران بتقييد تعاونها "بصورة غير مسبوقة" مع الوكالة التي باتت "مرتهنة" بموقف الجمهورية الإسلامية.
وقلصت ايران عمليات التفتيش بشكل كبير وقامت بفصل كاميرات المراقبة وسحبت اعتماد مجموعة من الخبراء.
وأعرب غروسي عن "أسفه العميق" لأن إيران لم تتراجع عن قرارها سحب اعتمادات عدد من مفتشي الوكالة. وأكد مصدر ديبلوماسي أن إيران سحبت اعتمادات 8 مفتشين من الجنسيتين الفرنسية والألمانية.
وفي مواجهة هذه الانتقادات، أعلنت الحكومة الإيرانية الأسبوع الماضي أنها دعت غروسي لزيارة طهران في أيار بمناسبة انعقاد مؤتمر دولي حول الطاقة.