رفضت برلين ولندن وحلفاء أوروبيون آخرون لكييف، الثلثاء، طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اعتبر الإثنين أنه "لا ينبغي استبعاد" إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا.
ورد الكرملين الثلثاء محذرا بأن إرسال قوات إلى أوكرانيا "لن يكون في مصلحة" الغرب.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن مجرّد إثارة هذا الاحتمال يشكّل "عنصرا جديدا مهما جدا" في الصراع، مشيرا إلى أنه "ليس هناك إجماع" حول هذه المسألة بين الغربيين.
وسئل بيسكوف عن خطر نشوب نزاع مباشر بين الحلف الأطلسي وروسيا في حال إرسال قوات عسكرية إلى أوكرانيا، فأجاب "في هذه الحالة علينا أن نتحدث ليس عن احتمال بل عن حتمية" المواجهة.
وأقر ماكرون الإثنين في باريس في ختام مؤتمر دولي لدعم أوكرانيا نظمته فرنسا، بعدم وجود "إجماع اليوم لإرسال ... قوات على الأرض" لكنه أضاف "ينبغي عدم استبعاد أي شيء. سنفعل كل ما ينبغي حتى لا تتمكن روسيا من الانتصار في هذه الحرب".
ولفت إلى أن "كثير من الناس الذين يقولون +لا أبدا+ اليوم هم أنفسهم الذين كانوا يقولون +لا للدبابات ولا للطائرات ولا للصواريخ طويلة المدى أبدا+ قبل عامين"، عندما غزت روسيا أوكرانيا في 24 شباط 2022.
وتعقيبا على اقتراح ماكرون، أوضح وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الثلثاء أن على الغربيين "درس تحركات جديدة دعما لأوكرانيا" مثل عمليات نزع الألغام والعمليات السيبرانية أو "إنتاج أسلحة... على الأراضي الأوكرانية"، مشيرا إلى أن "بعض هذه العمليات قد تتطلب وجودا على الأراضي الأوكرانية بدون تخطي عتبة العمل الحربي".
- "لا انتشار على نطاق واسع" -
في المقابل، أكد المستشار الألماني أولاف شولتس الثلثاء أنه لن يتم إرسال "أيّ جندي" إلى أوكرانيا سواء من الدول الأوروبية أو من الحلف الأطلسي، موضحا أن "ما تم الاتفاق عليه منذ البداية ينطبق أيضا على المستقبل، وهو أنه لن تكون هناك قوات على الأراضي الأوكرانية مرسلة من الدول الأوروبية أو دول الناتو".
وتحدث وزير الدفاع الألماني أوسكار بيستوريوس عن "اقتراح طرحه الرئيس ماكرون للتأمل ولم يتبعه أحد على ما يبدو" الإثنين.
من جهة أخرى، أوضح متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن المملكة المتحدة لا تخطط لنشر قوات على نطاق واسع" في أوكرانيا ، موضحا أن "عددا صغيرا" من الأفراد الذين أرسلتهم لندن إلى أوكرانيا هم هناك "لدعم القوات المسلحة الأوكرانية، خاصة في ما يتعلق بالتدريب الطبي".
وشددت الحكومة الإيطالية بدورها الثلثاء في بيان على أن المساعدة الغربية لأوكرانيا "لا تنص" على نشر قوات أوروبية أو أطلسية.
كما أن مدريد "لا توافق" على فكرة "نشر قوات أوروبية في أوكرانيا"، وفق ما أفادت المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية بيلار أليغريا.
كذلك رفضت وارسو وبراغ اقتراح باريس وأعلن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك الثلثاء خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التشيكي بيتر فيالا "لا نعتزم إرسال قواتنا إلى أوكرانيا، ولدينا بهذا الصدد موقف مشترك" مع الجمهورية التشيكية.
من جانبه، قال رئيس الوزراء السويدي الذي ستصبح بلاده قريبا العضو الـ32 في الحلف الأطلسي، إنه "ليس هناك طلب" من كييف على قوات برية، وبالتالي فإن "المسألة غير مطروحة"، بدون أن يستبعد هذا الاحتمال في المستقبل.
- "لا خطط" إطلاقا للحلف الأطلسي -
أما بودابست، العاصمة الوحيدة بين أعضاء الاتحاد الأوروبي التي أبقت على علاقات وثيقة مع موسكو بعد شنها الهجوم على أوكرانيا والتي عرقلت لفترة مساعدة أوروبية جديدة لكييف، فأبدت معارضتها لـ"إرسال أسلحة أو جنود إلى أوكرانيا"، وأكد وزير خارجيتها بيتر سيارتو أنه "يجب وضع حد للحرب وليس تعميقها وتوسيعها".
واستبعد الحلف الأطلسي نفسه إرسال أي قوات إلى ساحة المعركة. وقال مسؤول في الحلف لفرانس برس الثلثاء إن "الناتو والحلفاء يقدمون مساعدة عسكرية غير مسبوقة لأوكرانيا. قمنا بذلك منذ العام 2014 وانتقلنا إلى وتيرة أعلى بعد الغزو الروسي الواسع النطاق. لكن ليس هناك أي خطط لنشر قوات قتالية تابعة لحلف شمال الأطلسي على الأرض في أوكرانيا".
ومنذ استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في منتصف شباط في قصر الإليزيه لتوقيع اتفاق أمني ثنائي، يرسم ماكرون صورة قاتمة جدا لنوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويحرص على تقديم نفسه في طليعة الداعمين لكييف.
وعلى الساحة السياسية الفرنسية، أثار اقتراح إرسال قوات إلى أوكرانيا موجة تنديد في صفوف المعارضة على اختلاف أحزابها، من اليسار المتطرف إلى أقصى اليمين، مرورا بالاشتراكيين واليمين.