دعي أكثر من 61 مليون إيراني للتوجه، الجمعة، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس الشورى ومجلس خبراء القيادة، في اقتراع يتوقع أن يعزز قبضة المحافظين على السلطة في غياب بديل.
وتجرى الانتخابات في نحو 59 ألف مركز اقتراع موزعة في مختلف مناطق البلاد، ولا سيما في المدارس والمساجد.
المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي وهو عادة أول من يدلي بصوته في الثامنة صباحاً، كرر الأربعاء حضّ الإيرانيين على الاقتراع بكثافة.
وقال خلال استقباله في طهران جمعا من الشبان الذين سيتاح لهم الاقتراع للمرة الأولى إن "أعداء إيران يترقبون عن كثب حضور الشعب الإيراني... في الساحة الانتخابية".
وتابع "يجب النظر الى الانتخابات من منظور المصلحة الوطنية وليس من منظور فئوي وجماعي"، مؤكدا أن "من يحب إيران وشعبها وأمنها يجب أن يعلم أنه إذا كانت الانتخابات ضعيفة فلن يستفيد احد وسيتضرر الجميع".
وتجري الانتخابات في ظل توتر يسود المنطقة جراء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس المستمرة منذ 7 تشرين الأول في قطاع غزة.
ويتوقع الخبراء نسبة مقاطعة مرتفعة جدا تتخطى 50%.
شهدت الانتخابات التشريعية عام 2020 أدنى نسبة مشاركة منذ إعلان الجمهورية الإسلامية عام 1979، إذ لم يدل سوى 42,57% من الناخبين بأصواتهم خلال الاقتراع الذي جرى في بداية أزمة وباء كوفيد-19.
وعنونت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية الثلاثاء "الأجواء السياسية تبقى جليدية"، مشبهة المناخ السياسي بموجة البرد والثلج التي اجتاحت عددا من المناطق الإيرانية في الأيام الأخيرة.
من جانبها، أثنت صحيفة "وطن امروز" المحافظة على "اهتمام الشعب بالحملة" وخصوصا في الأرياف.
وفي طهران حيث لم يصوت سوى 26% من الناخبين عام 2020، فإن عدد لافتات المرشحين أدنى منه في الحملات الانتخابية السابقة.
وكانت العاصمة أحد مراكز الحركة الاحتجاجية الواسعة التي هزت البلاد بعد وفاة الفتاة مهسا أميني في أيلول 2022 بعد أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
- صعوبات اقتصادية -
كما تجري الانتخابات في ظل استياء متزايد في إيران إزاء غلاء المعيشة ونسبة تضخم تقارب 50%.
وقال محسن عميدبخش الموظف الأربعيني ردا على أسئلة فرانس برس قرب بازار طهران الكبير "جيوب الناس فارغة" مضيفا "لا أعتقد أن مجلس الشورى المقبل سيتمكن من تبديل هذا الوضع".
وينتخب الإيرانيون أعضاء مجلس الشورى الـ120 لمدّة أربع سنوات في اقتراع من دورة واحدة.
كما يختارون أعضاء مجلس خبراء القيادة، وهي هيئة مؤلفة من 88 عضوا من رجال الدين ينتخبون لمدة ثماني سنوات بالاقتراع العام المباشر، تقوم باختيار المرشد الأعلى الجديد وتشرف على عمله وعلى إمكان إقالته.
وصادق مجلس صيانة الدستور على عدد قياسي من المرشحين بلغ 15200 مرشحا للانتخابات التشريعية، رافضا في المقابل ترشيحات أكثر من 30 ألفا آخرين، بينهم شخصيات معروفة في طليعتها الرئيس السابق المعتدل حسن روحاني (2013-2021) الذي أُبطل ترشيحه لمجلس الخبراء رغم أنه عضو فيه منذ 24 عاما.
وقال روحاني الأربعاء إن التصويت هو عمل يجب أن يقدم عليه "أولئك الذين يحتجون على الوضع الراهن" و"يريدون المزيد من الحرية".
وأسف زعيم التيار الاصلاحي الرئيس السابق محمد خاتمي (1997-2005) لكون إيران "بعيدة جدا عن انتخابات حرة وتنافسية".
غير أن الرئيسين السابقين لم يدعوا إلى مقاطعة الانتخابات، خلافا للمعارضين في الخارج الذين يعتبرون أي مشاركة بمثابة مساومة مع السلطة.
وأعلنت جبهة الاصلاح، الائتلاف الرئيسي للأحزاب الإصلاحية، أنها ستغيب عن "هذه الانتخابات المجردة من أي معنى وغير المجدية في إدارة البلاد"، فيما قدم ائتلاف إصلاحي آخر مرشحين في عدد من الدوائر في الأقاليم.
ومن المتوقع أن تؤكد هذه الانتخابات تراجع المعسكر الإصلاحي والمعتدل بعدما همّشه المحافظون والمتشددون الذين يمسكون بكل السلطات منذ انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسا في 2021.
وستكشف نتائج الانتخابات حجم كل من التيارات المختلفة في المعسكر المحافظ سواء في البرلمان أو في مجلس خبراء القيادة، في وقت يطرح احتمال خلافة المرشد الأعلى الذي سيبلغ الـ85 في نيسان.