انعكس الواقع المتأزم في قطاع غزة مع تزايد أعداد القتلى جراء الهجوم العسكري الإسرائيلي على حياة إبراهيم أحمد الذي تحول من بناء المنازل إلى حفر القبور.
فبعد نزوحه من منزله، مثل معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، يقضي أحمد أيامه في مقبرة تل السلطان بمنطقة رفح حيث يقوم بإعداد صفوف من القبور في الأرض الرملية ويضع علامات عليها بالكتل الأسمنتية لعدم وجود شواهد قبور.
وقال أحمد: "كإنسان أنا وبطبيعة مشاعر استثقلت على نفسي إني أجي اشتغل من عمائر وفلل واشي انت بتحبه لشغلة قبور".
وأضاف: "كنت قبل هيك في عملي، مجال البناء، متعب صحيح لكن لما تروح على بيتك تحسك إنك أنجزت شغلات جديدة، كل يوم تشتغل عمارة، كل يوم ديكور معين، ديكور مختلف، بتروح نفسيتك مرتاحة، لكن اليوم أنا كمهنتي هذه، هي مش مهنتي، اضطريت اعتبرها مهنتي لأن مفيش بديل لها".
وتابع قائلاً: "بتيجي الصبح على المقبرة، بتشتغل، تحفر، تشوف ناس كتيرة لكن الوجوه واحدة، المعاناة واحدة. تصيبك حالة من الإحباط".
وقال أحمد: "عندنا مقبرتين جماعيتين، اندفن ما يقارب 80 شهيداً في منطقة هنا، ومنطقة تانية 100 شهيد".
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول عندما هاجم مسلحون من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة جنوب إسرائيل مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة وفقاً للسلطات الإسرائيلية.
وتوعدت إسرائيل بتدمير "حماس"، وردّت بهجوم جوي وبري أدّى إلى تدمير جزء كبير من القطاع الفلسطيني. وقالت وزارة الصحة في غزة اليوم الخميس إنّ عدد القتلى تجاوز 30 ألفاً.
وقال أحمد: "لا زلنا كمان العدد بيتواصل بعد.. أتمنى أن أقف عن الشغلة هذه".
ومع تأكدهم من وصول المزيد من الجثث، قام أحمد وغيره من المتطوعين بإعداد قبور فارغة في صفوف طويلة مقدماً.
وقال: "أتمنى إنّ الشغلة هادي تقف لنرجع مش نبني قبور، بدنا نبني في ها البلد، نرجع نعمر فيها".