نفذت الولايات المتحدة أمس السبت أول عملية إسقاط مساعدات إنسانية جوا على غزة، بينما حذرت وكالات إغاثة من كارثة إنسانية متنامية في القطاع الفلسطيني مع استمرار إسرائيل في هجومها العسكري وفي ظل غياب اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأسقطت ثلاث طائرات عسكرية من طراز سي-130 أكثر من 38 ألف وجبة في منطقة تقول الأمم المتحدة إن بها ما لا يقل عن 576 ألف شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة، ونشر فلسطينيون مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر صناديق المساعدات خلال إسقاطها. وشاركت القوات الأردنية أيضا في العملية.
وقال البيت الأبيض إن عمليات الإنزال الجوي ستستمر مضيفا أن إسرائيل تدعم العملية.
لكن منتقدون يقولون إن عمليات إسقاط المساعدات جوا أقل كفاءة بكثير عن إرسال المساعدات بالشاحنات، وأضافوا أن من المستحيل تقريبا التأكد من عدم سقوط الإمدادات في أيدي المسلحين في نهاية المطاف.
ومع توقع استئناف المحادثات في مصر غدا الأحد، قال مسؤول أمريكي كبير إن إطار العمل من أجل اتفاق لوقف إطلاق النار لستة أسابيع قائم، مع موافقة إسرائيل ويعتمد على موافقة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إطلاق سراح الرهائن.
وقال المسؤول للصحفيين "يتعين إطلاق سراح الرهائن. الاتفاق موجود بشكل أساسي. لكنني لا أريد خلق توقعات بشكل أو بآخر".
وذكر مسؤول بالبيت الأبيض لرويترز أن نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس ستجتمع مع عضو مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي بيني جانتس في البيت الأبيض يوم الاثنين.
وفي القدس شارك آلاف الإسرائيليين في مسيرة تطالب بإطلاق سراح نحو 134 رهينة تحتجزهم حماس في غزة. ووصل المحتجون الذين تقدمتهم أسر الرهائن، الذين أخذتهم حماس في هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول، على جنوب إسرائيل إلى المدينة وقت الغروب.
* ضربة جوية على رفح
وفي غزة قالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن 11 فلسطينيا على الأقل قتلوا عندما أصابت غارة جوية إسرائيلية خيمة في رفح، حيث يبحث الناس عن ملاذ من الهجوم العسكري.
وأضافت الوزارة أن 50 شخصا آخرين أصيبوا في الغارة التي وقعت بالقرب من مستشفى في منطقة تل السلطان في رفح. وكان أحد القتلى يعمل مسعفا في المستشفى. ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق حتى الآن.
وقال شاهد من المنطقة تحدث لرويترز عبر الهاتف شريطة عدم الكشف عن هويته "القصف ضرب خيمة كان فيها نازحون، والشظايا أجت وين كنت قاعد أنا وأصحابي ونجينا بأعجوبة".
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته قتلت ثمانية مسلحين في خان يونس ونحو 20 آخرين في وسط قطاع غزة إلى جانب ثلاثة في حي الرمال بالقرب من مدينة غزة.
ويحتمي أكثر من مليون فلسطيني بمدينة رفح هربا من الهجوم الإسرائيلي الذي ألحق الدمار بجزء كبير من قطاع غزة وتسبب في مقتل أكثر من 30 ألفا، وفقا للسلطات الصحية في القطاع الذي تديره حماس.
وشنت إسرائيل حملة عسكرية ردا على الهجوم الذي نفذه مسلحون من حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول وتسبب في مقتل 1200 شخص في إسرائيل واختطاف 253 آخرين، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بحلول شهر رمضان الذي من المقرر أن يبدأ في العاشر من مارس آذار الجاري.
وفي حديثه للصحفيين أمس الجمعة، قال بايدن "لم نصل إليه بعد".
وتتزايد الضغوط الدولية المطالبة بوقف إطلاق النار في ظل تحذير الأمم المتحدة من أن ربع السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة على بعد خطوة واحدة من المجاعة في القطاع الذي تحاصره إسرائيل.
وقال سكان ومسعفون إن ثلاثة أشخاص قتلوا في قصف إسرائيلي بينما كانوا يبحثون عن طعام في أرض زراعية بمنطقة بيت حانون بشمال قطاع غزة اليوم السبت. ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق حتى الآن.
وذكرت وزارة الصحة في غزة أن 13 طفلا لقوا حتفهم في مستشفى كمال عدوان في شمال غزة خلال الأيام الثلاثة الماضية بسبب الجفاف وسوء التغذية.
وقال الأطباء في المستشفى إن المزيد من الأطفال معرضون لخطر الموت. ويقول الطبيب عماد دردونة "الطفل لازم يأكل 3 وجبات رئيسية، يأكل وجبة واحدة، طبيعي ها يصيبه سوء التغذية وها يصيبه أمراض ناتجة عن سوء التغذية".
وكان بايدن قد أعلن أمس الجمعة عزم بلاده تنفيذ أول عملية إسقاط جوي للمساعدات في غزة، وذلك بعد يوم من مقتل فلسطينيين كانوا يصطفون للحصول على المساعدات مما أثار الاهتمام مجددا بالكارثة الإنسانية التي تحدق بالقطاع.
وقالت السلطات الصحية في غزة إن 118 شخصا قتلوا بنيران إسرائيلية في الواقعة التي حدثت يوم الخميس، ووصفتها بأنها مجزرة.
وشككت إسرائيل في هذه الأرقام وقالت إن معظم الضحايا تعرضوا للدهس.
وتعهد الجيش الإسرائيلي اليوم السبت بإجراء "تحقيق شامل وموثوق" حول الواقعة، التي تلقي الضوء على انهيار عمليات تسليم المساعدات بشكل منتظم إلى المناطق التي تحتلها القوات الإسرائيلية في غزة.
محادثات وقف إطلاق النار
تخوض إسرائيل وحماس مفاوضات عبر وسطاء من بينهم مصر وقطر.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن من المتوقع أن يصل وفدان من إسرائيل وحماس إلى القاهرة غدا الأحد لاستئناف المحادثات غير المباشرة، لكن تقريرا إسرائيليا شكك في هذه الأنباء.
ولم يصدر تعليق من جانب إسرائيل أو حماس حتى الآن.
وذكر المصدران المصريان أن الطرفين اتفقا على مدة الهدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين. وأوضحا أن إتمام الصفقة لا يزال يتطلب الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية من شمال غزة وعودة سكانه إليه.
لكن صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية نقلت عن مسؤول كبير لم تذكر اسمه قوله إن إسرائيل لن ترسل أي وفد إلى محادثات القاهرة ما لم تحصل على قائمة كاملة بأسماء الرهائن المحتجزين في غزة الذين ما زالوا على قيد الحياة.
وذكرت الصحيفة أن أهم قضية يجري العمل عليها هي عدد الرهائن الذين سيُطلق سراحهم من غزة، وبالتالي عدد الفلسطينيين الذين ستفرج عنهم إسرائيل في المقابل.
ونقلت الصحيفة عن المسؤول قوله "لن يغادر أي وفد إلى القاهرة لحين تقديم إجابات واضحة".
ولم يؤكد مسؤول فلسطيني مطلع على جهود الوساطة أنباء استئناف المحادثات في القاهرة حتى الآن. وقال المسؤول "فيما يتعلق بإنهاء الحرب وانسحاب القوات (الإسرائيلية) من غزة ما زالت هناك فجوة بين موقفي الطرفين".