ندّدت موسكو، الاثنين، بـ"ضلوع مباشر" للغرب في أوكرانيا بعد نشر تسجيل صوتي على شبكات تواصل اجتماعي روسية، لمحادثات عسكرية سرية بين ضباط في الجيش الألماني حول تسليم أسلحة إلى أوكرانيا لضرب أهداف روسية.
نشرت رئيسة قناة "آر تي" الروسية مارغاريتا سيمونيان الجمعة، تسجيلًا صوتيًا مدته 38 دقيقة قالت إنه يتضمّن محادثات جرت بين ضباط ألمان وهم يبحثون في 19 شباط في قصف شبه جزيرة القرم، ما أثار أزمة بين البلدين.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن المحادثات التي أكدت برلين صحتها "تسلط الضوء مرة أخرى على ضلوع الغرب المباشر على نحو جماعي في النزاع في أوكرانيا".
وتضمن التسجيل المتداول أحاديث عن احتمال استخدام القوات الأوكرانية صواريخ ألمانية الصنع من طراز توروس وتأثيرها المحتمل.
ويشكل مضمون التسجيل مصدر حرج لألمانيا لأن برلين تعلن رسمياً عن موقف رافض لتزويد كييف بصواريخ توروس القادرة على إصابة أهداف على بعد يصل إلى 500 كيلومتر لتجنّب خطر تصعيد النزاع، بينما تطالب بها أوكرانيا منذ فترة طويلة.
- جسر القرم -
إلى ذلك يتضمن التسجيل أحاديث عن توجيه الصواريخ نحو أهداف مثل جسر رئيسي فوق مضيق كيرتش يربط البر الرئيسي الروسي بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في العام 2014، بالإضافة إلى استخدام الصواريخ التي قدمتها كلّ من فرنسا وبريطانيا لكييف.
ويؤكد أحد المتحدثين في التسجيل أن عملية توجيه صواريخ نحو الجسر تتطلب ما بين 10 إلى 20 صاروخًا.
واعتبر بيسكوف الإثنين أن "التسجيل في ذاته يشهد على نقاش مفصل وملموس داخل الجيش الألماني حول مشاريع لشن ضربات على الأراضي الروسية".
وشدد على أن "كل شيء واضح للغاية".
وتزامنت تصريحات بيسكوف مع توجه السفير الألماني لدى روسيا ألكسندر غراف لامبسدورف صباح الاثنين إلى وزارة الخارجية الروسية.
وذكرت وسائل إعلام روسية أن السفير غادر الوزارة بعدما استغرقت زيارته إليها ساعة ونيفا. ولم يدل بأي تصريح للصحافيين.
وأفادت برلين بأن موسكو لم تستدع السفير. ورداً على سؤال بهذا الشأن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية كريستيان فاغنر لصحافيين "عقد سفيرنا اجتماعاً مخططاً له منذ فترة طويلة هذا الصباح في وزارة الخارجية الروسية".
وأعلنت الخارجية الروسية في بيان نُشر مساء الاثنين أنها طلبت من السفير الألماني "تفسيرات" بشأن تسليم كييف صواريخ توروس المذكورة.
كذلك نددت الخارجية الروسية أمام السفير "بالطبيعة غير المقبولة لمحاولات السلطات الألمانية عرقلة أنشطة الصحافيين الروس في ألمانيا"، متوعدةً "برد شديد" من موسكو.
من جانبها، تتهم برلين موسكو باستمرار، بتنظيم حملات تضليل ودعاية مؤيدة لروسيا.
- "سيئ جدا" -
وأكّدت ناطقة باسم وزارة الدفاع الألمانية السبت صحة التسجيل وحصول تنصت على محادثة سرية للقوات الجوية.
ووعد المستشار الألماني أولاف شولتس بإجراء تحقيق "معمّق جداً" و"سريع جداً" بشأن نشر هذه المعلومات.
وقال بيسكوف الاثنين "آمل أن نتمكن بطريقة أو بأخرى من معرفة ما توصل إليه هذا التحقيق".
وأضاف "يجب أن يحدد بوضوح ما إذا كان البوندسفير (الجيش الألماني) يفعل ذلك بمبادرة منه. والسؤال هو لمعرفة إلى أي مدى تتم السيطرة على الجيش الألماني وإلى أي مدى يسيطر السيد شولتس على كل ذلك، أو ما إذا كان هذا جزءًا من سياسة الدولة الألمانية".
ورأى المتحدث باسم الكرملين أن "في كلتا الحالتين، الأمر سيئ جداً".
من جهته، اتهم وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الأحد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالسعي إلى "زعزعة استقرار" ألمانيا من خلال التجسّس على محادثات عسكرية سرية بشأن أوكرانيا.
وقال بيستوريوس لصحافيين في برلين "يتعلق الأمر ببساطة باستخدام هذا التسجيل لزعزعة الاستقرار" في ألمانيا.
وأضاف "من الواضح أن ثمة مسعى لتقويض وحدتنا (...) وزرع الانقسام السياسي داخليًا وآمل بصدق ألّا ينجح بوتين بذلك وأن نبقى متّحدين".
وأشارت مجلة در شبيغل الألمانية إلى أن المحادثة عبر الفيديو جرت على منصة "ويب إكس" وليس على شبكة سرية داخلية للجيش.
وأفادت وسائل إعلام بأنّ أحد الضباط كان في فندق في سنغافورة، وربما وُضعت في غرفته ميكروفونات للتنصت.
واعترف بيستوريوس بأنه يتعين على الاستخبارات العسكرية الألمانية تحديد ما إذا كان "قد تم اختيار المنصة المناسبة" للمحادثة.