أعلنت الصين، الثلثاء، أنها ستزيد ميزانيتها الدفاعية في العام 2024 بنسبة 7,2% لتبلغ 231 مليار دولار تقريبًا، في وقت تتفاقم التوترات بشأن تايوان وبحر الصين الجنوبي.
وأُعلنت الزيادة المماثلة لزيادة العام الماضي، في افتتاح الاجتماع السنوي للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني.
بذلك، ستنفق الصين على الدفاع 1665 تريليون يوان (231,4 مليار دولار) في العام 2024، بحسب تقرير الميزانية الذي يحدد الخطط المالية للحكومة للعام الجاري.
تمتلك الصين ثاني أكبر ميزانية دفاعية على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة، على الرغم من أن جيش التحرير الشعبي الصيني يتجاوز الجيش الأميركي من حيث عدد الأفراد.
مع ذلك، فإنّ الإنفاق العسكري الصيني كان أقل بنحو ثلاثة أضعاف من إنفاق واشنطن في السنوات الأخيرة.
وقال الناطق باسم المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني لو تشينجيان الاثنين إن ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيحافظ "على نمو معقول" في ميزانيته الدفاعية "لحماية سيادته وأمنه ومصالحه التنموية".
- تشكيك -
يواصل إنفاق الصين على قواتها المسلحة ارتفاعه منذ عقود، وهو ما يتماشى على نطاق واسع مع النمو الاقتصادي.
ويمثل الإنفاق العسكري الصيني 1,6% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، وهو أقل بكثير من الإنفاق العسكري في الولايات المتحدة أو روسيا، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
لكن واشنطن تنظر إلى زيادة الإنفاق الدفاعي الصيني بعين الشكّ على غرار قوى أخرى في المنطقة بينها اليابان التي تتنازع بيجينغ معها على جزر في بحر الصين الشرقي.
وتستعرض الصين نفوذها بشكل متزايد في بحر الصين الجنوبي الذي تطالب بالسيادة عليه بالكامل، متجاهلة مجموعة من دول جنوب شرق آسيا المطلة على البحر وحكما قضائيا دوليا بعدم أحقيتها.
وتشكّل زيادة الإنفاق الدفاعي الصيني مصدر قلق لجزيرة تايوان المتمتعة بحكم ذاتي والتي تقول بيجينغ إنها جزء لا يتجزأ من أراضيها وإنها ستعيدها إلى كنفها بالقوة إذا لزم الأمر.
مع انطلاق أعمال الاجتماع السنوي للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني الثلثاء، أفاد تقرير عمل الحكومة إن الصين "ستعارض مجددًا بحزم الأنشطة الانفصالية التي تهدف إلى استقلال تايوان" في العام 2024.
- "أكبر تحدّ للناتو"-
وتؤكد الصين قلقها حيال التعاون بين خصومها الإقليميين، والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو).
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في كانون الثاني/يناير إن الصين "أكبر تحدّ بعيد المدى يواجهه حلفاء الناتو".
وأضاف "نراهم في إفريقيا ونراهم في القطب الشمالي ونراهم يحاولون السيطرة على منشآتنا الحيوية".
ويقول جيمس تشار الخبير في شؤون الجيش الصيني في جامعة نانيانغ التقنية في سنغافورة، لوكالة فرانس برس إن بيجينغ "قامت العام الماضي بعدد من المشتريات المهمة تشمل زيادة كبيرة في عدد الرؤوس الحربية النووية".
ويشير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى أن بيجينغ كانت تمتلك 410 رؤوس حربية نووية في العام 2023، بزيادة 60 رأسًا عن العام الذي سبقه.
غير أن هذه الأعداد تُعدّ قليلة بالنسبة لما تمتلكه كلّ من واشنطن (3708) وموسكو (4489) من رؤوس حربية نووية.
ويقول رئيس تحرير نشرة "تشاينا نيكان" الإخبارية للشؤون الصينية آدم ني "تثير فضائح الفساد العسكري الأخيرة الشكوك حول فعالية القوة الصاروخية (لبيجينغ) والاحترافية العسكرية الشاملة".
على مدى العام الماضي، طرأ إصلاح شامل على قيادة القوة الصاروخية الصينية وهي وحدة الجيش التي تشرف على الترسانة النووية، في أعقاب تقارير إعلامية عن تحقيق في الفساد تورط فيه رئيسها السابق.
ومن بين سلسلة من الإقالات الأخرى، أقيل وزير الدفاع السابق لي شانغ فو بعد أشهر قليلة من تعيينه، دون أن يُقدّم سببًا للإطاحة به.
- واشنطن في الصدارة -
ويشدّد جيمس تشار على ضرورة معالجة الفساد إذا أرادت بيجينغ تحقيق هدف الرئيس الصيني شي جينبينغ "المتمثل في إزاحة القوات المسلحة الأميركية كقوة عسكرية بارزة في العالم". ولا تزال واشنطن في الصدارة في الوقت الراهن.
تسجل الولايات المتحدة أعلى إنفاق عسكري في العالم، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وقد وصل إلى 877 مليار دولار في العام 2022 بحسب آخر الأرقام المتاحة.
وتأتي الصين في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، تليها روسيا والهند.
ويقول آدم ني إن واشنطن لديها أيضًا "حضور عالمي وشبكات تحالف، وهو ما لا تستطيع الصين محاكاته على المدى القصير".
وتمتلك واشنطن مئات القواعد العسكرية في الخارج، فيما تمتلك بيجينغ قاعدة خارجية واحدة في جيبوتي.
ويقول تشار "بالنظر إلى أوجه القصور في جيش التحرير الشعبي خصوصًا في الأسلحة المشتركة والعمليات المشتركة، من المنطقي أن بيجينغ لا تمتلك الوسائل اللازمة ولا الرغبة في بدء صراع ضد واشنطن أو شن غزو عبر مضيق تايوان".
ويضيف أن "ما يثير القلق هو الاحتكاكات بين جيش التحرير الشعبي والجيوش الأخرى في المنطقة التي يحتمل أن تشهد تصعيدًا وتتحول إلى نزاع شامل".