يتزايد حضور النساء في الوظائف الهامة، لكن الطريق لا يزال طويلاً أمامهن، إذ على الرغم من تولي النساء متصاعدا من المناصب في المجالس الإدارية، تبقى الشركات الى حدّ كبير عالما للرجال.
تشرح تارا كملين-جونز التي تدير منظمة "25x25" البريطانية الخاصة بالمساواة بين الجنسين في الشركات بأن "عالم العمل بني لكي يتلاءم مع حاجات الرجل".
وتضيف كملين-جونز التي كانت تعمل موظفة استثمار في أحد المصارف أن "الطريقة الوحيدة لتغيير الواقع، هو جعل النظم أكثر عدالةً للنساء".
الأرقام تتحدّث عن نفسها. على المستوى العالمي، وبحسب تقرير لشركة "ديلويت" طال نحو 10500 شركة، فإنّ 19,7% من أعضاء مجالس الإدارة كنّ من النساء في العام 2021، و5% فقط هنّ مديرات عامات.
في الولايات المتحدة، تمثّل النساء نسبة 24% من مجالس الإدارة، وأقلّ من 6% هنّ مديرات لشركات. تتكرر الأرقام نفسها تقريباً في المملكة المتحدة، حيث إنّ نسبة النساء في مجالس الإدارة تبلغ 30%، و6% في الإدارة العامة.
من جهتها، تنفّذ فرنسا قانوناً يفرض منذ العام 2011، أن تكون مشاركة النساء في مجالس إدارة الشركات بنسبة 40% كحدّ أدنى.
وترى ديان سيغالين، رئيسة شركة استشارات التوظيف "سيغالين وشركاؤها"، أن ذلك الحدّ الأدنى سوف "يؤتي بثماره على المدى البعيد".
في العام 2021، شكّلت النساء نسبة 43,2% من مجالس إدارات الشركات، وفق "ديلويت". ومع ذلك، ثلاثة فقط هنّ حالياً على رأس إحدى الشركات المنضوية في المؤشر الرئيسي لبورصة باريس كاك 40 (كاثرين ماكغريغور في إنجي، كريستيل هايدمان في أورانج وإستيل براكليانوف في فيوليا).
وينبغي القول إن عالم الأعمال كان لوقت طويل معقلاً للرجال. وكانت باتريسيا باربيزيت، أول امرأة ترأس الجمعية الفرنسية النافذة للشركات الخاصة (Afep) والمعتادة على عمل الشركات، قد ذكرت في عام 2021 أنها "دخلت إلى كلية التجارة في السنة الأولى التي بدأ فيها قبول الفتيات في الكلية".
ويسري انعدام المساواة على دول أخرى أيضاً. ففي ألمانيا، تعدّ بيلين غاريجو من مختبر "ميرك" المرأة الوحيدة التي تدير شركة منضوية في مؤشر داكس، المؤشر الرئيسي لبورصة فرانكفورت.
في إسبانيا، يدير الرجال الغالبية العظمى من الشركات المنضوية في مؤشر "إيبكس 35"، باستثناء شركة "إنديتكس" التي تملك "زارا" للألبسة، و"سانتاندير"، أول مصرف إسباني تديره كل من مارتا أورتيغا وآنا بوتين.
في إيطاليا، باتت جوزيبينا دي فوغيا المديرة التنفيذية لشركة "تيرنا" للطاقة، أول امرأة تدير شركة عامة كبرى في البلاد.
- بيئة -
وينبغي للوصول إلى منصب الإدارة كذلك المرور بمناصب رئيسية في اللجنة التنفيذية، وليس فقط في مجلس الإدارة.
وترى أريان بوكاي من شركة "ديلويت" أن "نظام الحصص محفز رائع"، لكن "حينما نرى ارتفاعاً بأعداد النساء في اللجان التنفيذية، فإن ذلك غالباً ما يكون في وظائف الموارد البشرية والتسويق".
ونشرت منظمة "25x25" غير الربحية تقريراً حول هذه المسألة، توصل إلى النتائج نفسها تقريباً. ووجد التقرير أن بعض المناصب الإدارية العليا مثل منصب المدير المالي، هي طريق مباشر نحو الإدارة العامة، لكن نسبة النساء اللواتي يتسلمنها "لا تزال منخفضةً بشكل ملحوظ".
ومن أجل سد هذه الفجوة، اعتمدت فرنسا السباقة في هذا المجال، قانوناً يحدّد بنسبة 30% على الأقلّ مشاركة النساء في الهيئات الإدارية اعتباراً من العام 2026، و40% بحلول 2029.
وتعتقد بوكاي أن هذا القانون "سوف يكون عاملاً مشجعاً لإحراز بعض التقدم، لكن الأمر يتطلب وقتاً بطبيعة الحال"، مضيفةً أنه "لا يجب تخفيف الجهود، لا نزال بعيدين عن الهدف المنشود".
وترى من جهتها تارا كملين-جونز أنه ينبغي العمل على تغيير بيئة العمل، سواء كانت هناك حصص أو لا. ولأجل ذلك، للمستثمرين دوراً يلعبونه.
وتضيف "لا بدّ من طرح أسئلة حول كيفية اتخاذ قرارات الاستثمار في الشركات. كيف يمكن تقبّل أن يقول مديرو صناديق +لا تهتموا بجنس المدير؟+، لا نريد أن نسمع هذا".
من جهتها، تعرب ديان سيغالين عن ثقتها بالمستقبل. وتقول "أعتقد أن الأمر سيحدث في الجيل المقبل الذي انطلق في مطلع القرن العشرين، والذي سبقته نماذج ملهمة".