اقترب دونالد ترامب، اليوم، من خوض مواجهة جديدة ضد الرئيس جو بايدن في تشرين الثاني مع انسحاب منافسته الجمهورية الأخيرة نيكي هايلي عقب تعرّضها لهزيمة مدوية في الانتخابات التمهيدية يوم "الثلثاء الكبير".
وبينما رفضت تأييد المرشّح الذي صوّرته على أنّه "رمز للفوضى يفتقر للإمكانيات الذهنية اللازمة"، قالت سفيرة واشنطن السابقة لدى الأمم المتحدة هايلي إنّه "سيتعيّن على ترامب كسب تأييد المعتدلين الذين دعموا حملتها".
وبانسحابها، لم يعد أمام الولايات المتحدة إلّا الاستعداد لمعركة من أجل البيت الأبيض بين شخصيتين يشير العديد من الناخبين إلى أنهم لا يفضّلون أيّاً منهما.
وقالت هايلي (52 عاماً) في تشارسلتون في ولايتها كارولاينا الجنوبية: "علينا الابتعاد عن الكراهية والانقسام".
ولدى حديثها عن ترامب، اكتفت بالقول: "أتمنى له الخير" في مسعاه للعودة إلى البيت الأبيض.
كما نددت "بتراجع" الولايات المتحدة حيال قضايا دولية بينها أوكرانيا، في وقت يمنع ترامب وحلفاؤه الجمهوريون من اليمين المتشدد إقرار مساعدات لدعم كييف في معركتها ضد الغزو الروسي.
وبينما اكتسح بايدن الانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي يوم "الثلثاء الكبير"، إلّا أنّ عليه الاستعداد الآن لخطاب "حال الاتحاد" الخميس الذي يعد لحظة مهمة فيما يسعى الرئيس البالغ 81 عاماً والذي يفتقر إلى الشعبية للتخفيف من حدة مخاوف الناخبين حيال سنّه والوضع الاقتصادي وحرب غزة.
وسعى المرشّحان لكسب كتلة هايلي من الناخبين الجمهوريين المعتدلين وميسوري الحال إلى حد كبير.
وبعد إعلانه بأنه "انتصر" على هايلي، دعا ترامب هذه الشريحة "للانضمام إلى أعظم حراك في تاريخ أمتنا". بدوره، أشاد بايدن بشجاعتها لأنّها قالت "الحقيقة عن ترامب"، وشدّد على وجود مكان لأنصارها ضمن حملته.
"محسوم بهذه الدرجة"
كان "الثلثاء الكبير" هذا العام خالياً تماماً من أيّ تشويق، إذ إنّ بايدن وترامب ضمنا نيل تشريح حزبَيهما حتى قبل أن يدلي الناخبون بأصواتهم.
فاز الرئيس السابق ترامب (77 عاماً) بـ14 من الولايات الـ15 حيث جرت الانتخابات في أهم يوم من عام 2024 الانتخابي حتى الآن، إذ لم تنتزع هايلي منه سوى ولاية فيرمونت (شمال شرق).
وقال ترامب لأنصاره في منتجعه مارالاغو في ولاية فلوريدا: "يطلقون عليه (الثلثاء الكبير) لسبب... يقولون لي، الخبراء وغيرهم، إنه لم تكن هناك أي انتخابات كهذه، لم يكن هناك ما هو محسوم بهذه الدرجة إطلاقاً".
يُعَد سجل ترامب الذي تم عزله مرتين وتعرّض لهزيمة بسبعة ملايين صوت في 2020، فيما يواجه 91 تهمة في أربع محاكمات غير مسبوق في تاريخ مرشحي الانتخابات الرئاسية.
لكنه يحظى بجاذبية في أوساط الطبقة العاملة والناخبين في الأرياف والبيض بفضل مواقفه من الهجرة وإدارته للاقتصاد في عهده، وهو أمر ساهم في دفعه إلى الأمام للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في موسم انتخابات تمهيدية كان الفارق فيه بينه وبين خصومه كبيرا بشكل غير مسبوق.
وقال استاذ السياسة لدى جامعة جورج واشنطن تود بيلت لـ"فرانس برس": "يعني ذلك أن الحملة ستتواصل لتكون جولة ترامب على شكاواه الشخصية".
كما نال أخيراً دعم زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الذي اختلف مع ترامب بسبب إصرار الأخير على أنه فاز في انتخابات 2020.
مؤشّرات خطر
في الأثناء، حقَّق بايدن أيضاً فوزاً واضحاً في عدد من الولايات باستثناء خسارته في ساموا (الأرض الأميركية الواقعة في المحيط الهادئ) فيما حذّر من أن ترامب "عازم على تدمير" الديموقراطية في الولايات المتحدة.
يتوقع بأن يستغلّ بايدن حاليّاً خطاب "حال الاتحاد" المرتقب في غضون أقل من 48 ساعة لتصوير الانتخابات على أنّها خيار قاتم بينه وبين تهديد وجودي للبلاد.
لكن بينما ستكون الانتخابات تكراراً للمواجهة بينهما، تشير الاستطلاعات الأخيرة إلى تقدُّم ترامب بفارق ضئيل، بخلاف ما كان عليه الحال قبل أربع سنوات عندما كان بايدن متقدّما بفارق كبير.
هناك أيضاً مؤشرات خطيرة بعد تصويت للتعبير عن الاحتجاج على بايدن على خلفية العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، إذ أن بعض الناخبين في مينيسوتا وغيرها كتبوا "غير ملتزم" على بطاقات الاقتراع للتعبير عن رفضهم لمواقف الرئيس.
وترامب ليس بمنأى عن الخطر أيضاً رغم أدائه يوم "الثلثاء الكبير"، إذ تدل مؤشرات على أنّ الناخبين التقليديين في الولايات المتأرجحة الرئيسية قد يغيرون مواقفهم حيال مرشح الحزب الجمهوري نتيجة الفوضى والفضائح المحيطة به.
وصوّتت سيتيفاني بيريني-هغارتي لبايدن في كوينسي في ولاية ماساتشوستس، وقالت لوكالة "فرانس برس": "أرى أننا نحتاج إلى رئيس ليس ضالعاً في أي قضية فساد وسيرعى مصالح الشعب".