أدّى القمع العنيف في إيران لتظاهرات سلمية والتمييز ضد النساء والفتيات، إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان يرقى بعضها إلى "جرائم ضد الإنسانية"، على ما أفاد تقرير صدر الجمعة عن خبراء مكلّفين من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
اندلعت في أيلول 2022 في إيران احتجاجات بعد وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة بتهمة انتهاك قواعد اللباس الإسلامي.
وتواصل الغضب والاحتجاجات لأسابيع كُسرت فيها المحظورات في تحد واضح لنظام الحكم في الجمهورية الإسلامية بقيادة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
في تشرين الثاني 2022 كلف مجلس حقوق الإنسان خبراء بإجراء تحقيق بشأن القمع المميت للتظاهرات.
في تقريرها الأول قالت اللجنة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في إيران إن العديد من الانتهاكات الواردة في التقرير "تشكّل جرائم ضد الإنسانية وخصوصًا جرائم قتل وسجن وتعذيب واغتصابات وأشكال أخرى من التعذيب الجنسي والاضطهاد والإخفاء القسري وغيرها من الأعمال اللاإنسانية".
وأضافت أن ارتكاب مثل هذه الجرائم، في سياق الحرمان من الحقوق الأساسية وبقصد التمييز، "يقود البعثة إلى الاستنتاج أن جرائم ضد الانسانية ارتكبت هي الاضطهاد على أساس الجندر".
- طمس الحقيقة -
وقالت سارة حسين رئيسة البعثة المكونة من ثلاثة أعضاء إن "هذه الأفعال تشكل جزءا من هجوم واسع النطاق وممنهج موجه ضد السكان المدنيين في إيران، وتحديدا ضد النساء والفتيات والفتيان والرجال الذين طالبوا بالحرية والمساواة والكرامة والمساءلة".
أضافت "نحث الحكومة على الوقف الفوري لقمع الذين شاركوا في الاحتجاجات السلمية ولا سيما النساء والفتيات".
وبدلا من إجراء تحقيق مناسب في وفاة أميني "عمدت (إيران) إلى طمس الحقيقة"، وفق بعثة التحقيق.
وقالت إن أشخاصا "كانوا يرقصون فحسب" أو يطلقون أبواق السيارات اعتقلوا في قمع الاحتجاجات فيما اعتُقل مئات الأطفال، بعضهم لا يتجاوز 10 سنوات.
وتوصلت بعثة تقصي الحقائق إلى أنه "في الحالات التي عاينتها، لجأت قوات الأمن إلى استخدام غير ضروري وغير متناسب للقوة، ما أدّى إلى عمليات قتل غير قانونية وإصابات في صفوف المتظاهرين".
وتابع التقرير "أدت الإصابات العديدة التي لحقت بأعين المتظاهرين إلى إصابة عشرات من النساء والرجال والأطفال، ما ترك فيهم ندوبًا مدى الحياة".
وذكر التقرير كذلك أن "البعثة وجدت أدلة على عمليات إعدام خارج نطاق القضاء".
وجاء في تقرير البعثة أن طهران أعدمت تسعة شبان على الأقل تعسفياً في الفترة من كانون الأول 2022 إلى كانون الثاني 2024، بينما لا يزال عشرات يواجهون خطر الإعدام أو عقوبة الإعدام على خلفية الاحتجاجات.
وتشير أرقام موثوقة إلى أن ما يصل إلى 551 متظاهراً قتلوا على يد قوات الأمن، من بينهم ما لا يقل عن 49 امرأة و68 طفلاً، بحسب البعثة، فيما نجمت معظم الوفيات عن الأسلحة النارية.
- نظام اضطهادي -
وخلص التقرير إلى أن "التمييز الهيكلي والمؤسسي المتفشي والمتجذر ضد النساء والفتيات... كان سببا لانتشار انتهاكات وجرائم خطيرة لحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي".
و"نظراً لخطورة النتائج التي توصلت إليها، تحث البعثة السلطات الإيرانية على وقف جميع عمليات الإعدام والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأشخاص الذين اعتُقلوا واحتجزوا تعسفيا في سياق الاحتجاجات أو لعدم الامتثال بالحجاب الإلزامي أو الدعوة له".
وطالبت البعثة إيران بوقف المضايقات القضائية للمتظاهرين وعائلاتهم، وإلغاء القوانين التي تميز ضد المرأة، "لا سيما تلك المتعلقة بالحجاب الإلزامي"، وحل "النظام الاضطهادي" لتطبيق تلك القوانين.
وحثت البعثة طهران على تأمين "العدالة والحقيقة والتعويضات" لضحايا انتهاكات الحقوق في ما يتعلق بالاحتجاجات.
كما دعت دول العالم لاستكشاف سبل المساءلة القانونية خارج إيران، نظرًا لغياب وسائل الانصاف الفعالة داخل البلاد.
ويتعين على دول أخرى أيضًا منح تأشيرات لجوء وتأشيرات لأسباب إنسانية للأشخاص الفارين من الاضطهاد بسبب دفاعهم عن الحقوق في إيران.
ورفضت السلطات الإيرانية التعاون مع البعثة.
ومن المقرر تقديم التقرير رسميا إلى مجلس حقوق الإنسان في 15 آذار.