شهدت الولايات المتحدة - ثاني أكبر مصدر للغازات المسبّبة للاحترار في العالم - للتو شتاءها الأكثر سخونة على الإطلاق، والذي تميّز بشكل خاص بحرائق قياسية وذوبان للجليد، على ما أعلنت الوكالة الأميركية المرجعية في المجال الجمعة.
وقالت وكالة المراقبة الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (نوا - NOAA) إنّ متوسط درجات الحرارة خلال فصل الشتاء المناخي، من كانون الأول إلى شباط، في الولايات الأميركية المتجاورة - أي التي تستثني خصوصاً ولايتي ألاسكا وهاواي - كان 3,1 درجات مئوية.
وقالت وكالة "نوا" إن هذه "الحرارة المستمرة" تسببت في "انخفاض مستمر في الغطاء الجليدي" للبحيرات العظمى في شمال الولايات المتحدة، "والذي وصل إلى مستوى تاريخي منخفض" في منتصف شباط.
واندلع حريق عُرف باسم "سموكهاوس كريك" في ولاية تكساس في شباط الماضي وأتى على أكثر من 430 ألف هكتار، ليصبح أكبر حريق في تاريخ هذه الولاية الواقعة في جنوب الولايات المتحدة.
وقد صُنّف الشهر الماضي وحده على أنه ثالث أدفأ شهر شباط في الولايات المتحدة، وفق "نوا" التي ترصد البيانات المتعلقة بالأرصاد الجوية منذ 130 عاماً.
وعلى الصعيد العالمي، قال مرصد "كوبرنيكوس" الأوروبي في وقت سابق من هذا الأسبوع إنّ الأشهر الثلاثة الماضية كانت الأكثر سخونة على الإطلاق، وكان شباط جزءاً من سلسلة سجلت تسعة أرقام قياسية شهرية متتالية.
كما وصل متوسط درجة حرارة المحيطات، التي تغطّي 70 في المئة من مساحة الأرض، إلى رقم قياسي مطلق جديد في شباط، مع احتساب جميع الأشهر مجتمعة، بحسب "كوبرنيكوس".
ومن المتوقع أن تعمد الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (نوا) إلى تحليل درجات الحرارة العالمية في الأسبوع المقبل، لكن المنحى يتماشى عموماً مع تحليل "كوبرنيكوس".
مستويات قياسية
وقالت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي إنّ درجات الحرارة المرتفعة أججت عواصف قوية أدت إلى أعاصير في الغرب الأوسط الأميركي.
هذه الظروف غير العادية لها أيضاً عواقب اقتصادية. فقد أعلنت ولاية مينيسوتا، شمال البلاد الخميس أنّها ستفرج عن مساعدات للشركات الصغيرة التي تعاني بسبب "ظروف الجفاف التاريخية هذا الشتاء".
وقال حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز في بيان إنّ "انخفاض هطول الأمطار الذي لوحظ هذا الشتاء كان له تأثير اقتصادي حقيقي على الشركات الصغيرة التي تعتمد على الثلوج والسياحة الشتوية من أجل البقاء".
وبحسب "كوبرنيكوس"، فإن الأرقام القياسية العالمية مدفوعة بالتأثير المشترك لاستمرار انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة وظاهرة "ال نينيو" المناخية.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي ألقى خطابه عن حالة الاتحاد أمام الكونغرس مساء الخميس، إنه "يصنع التاريخ من خلال معالجة أزمة المناخ". وأضاف أنّ "يتّخذ أهم إجراء مناخي على الإطلاق في تاريخ العالم"، مكرراً هدفه المتمثل في خفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة في الولايات المتحدة بمقدار النصف بحلول عام 2030.
ولكن "العمل لم ينته بعد"، وفق حركة "صن رايز"، وهي منظمة تجمع شباباً ملتزمين بمكافحة الاحترار العالمي. ودعت المنظمة بايدن إلى بذل المزيد من الجهد لتحفيز الشباب على التصويت في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني.
تُعدّ الولايات المتحدة حالياً ثاني أكبر مصدر لانبعاثات غازات الدفيئة بالقيمة المطلقة، بعد الصين. ولكن إذا أخذنا في الاعتبار الانبعاثات التاريخية، أي الانبعاثات التراكمية منذ عام 1850، فإنها لا تزال في المقدمة.
وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك احتمالاً أن تتطور ظاهرة "ال نينيا" - التي تؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة العالمية، على عكس ظاهرة "ال نينيو" - "في وقت لاحق من هذا العام" بعد ظروف محايدة بين نيسان وحزيران.