وعد الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، بإنزال الهزيمة "بالشر الروسي" في الذكرى الاولى لانسحاب القوات الروسية من بوتشا. وقال إن بلاده "لن تتسامح" مع مرتكبي المجازر التي وقعت في هذه المدينة وصارت رمزا "للفظائع" المنسوبة للجيش الروسي.
وقال زيلينسكي أمام رؤساء الوزراء الكرواتي أندريه بلينكوفيتش والسلوفاكي إدوارد هيغر والسلوفيني روبرت غولوب ورئيسة مولدافيا مايا ساندو "سننتصر بالتأكيد وسنهزم الشر الروسي هنا في أوكرانيا، ولن يكون قادرا على النهوض مرة أخرى".
وأضاف "في شوارع بوتشا رأى العالم الشر الروسي، الشر البحت" الذي "سعى الكرملين إلى جلبه إلى شوارع أخرى في أوكرانيا وأوروبا والعالم كان يمكن للغزاة الروس أن يستولوا عليها".
وتابع "كان بإمكانهم القيام بذلك لو لم نكن هنا، ولولا وجود الأوكرانيين. يا شعب أوكرانيا لقد أوقفتم أعظم قوة معادية للإنسانية في عصرنا. لقد أوقفتم القوة التي تحتقر كل ما يعطي معنى للانسان وتسعى لتدميره".
من جهته دعا الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو، حليف موسكو الوحيد في أوروبا، إلى هدنة ومفاوضات "غير مشروطة" لإنهاء الحرب محملا الغرب مسؤولية النزاع. وردًا على هذا الاقتراح استبعد الكرملين وقف "عمليته العسكرية" في أوكرانيا.
وفي وقت سابق توعد زيلينسكي ب"معاقبة جميع المذنبين" في مجازر بوتشا.
وفي جنيف، دان المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في أوكرانيا التي قال إنها أصبحت "شائعة بصورة صادمة" بعد 13 شهرا على بدء الهجوم الروسي.
قال تورك أمام مجلس حقوق الإنسان، في كل مكان في أوكرانيا "يواجه السكان معاناة وخسائر هائلة وحرمانا وتشريدا ودمارا" مشددا أيضا على الآثار المستمرة والعميقة للازمة على بقية العالم.
في 31 آذار 2022 انسحب الجيش الروسي من هذه المدينة وكل المنطقة الشمالية لكييف، بعد شهر من بدء الغزو بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين. بعد يومين من الانسحاب، تكشفت معالم المذبحة.
رأى مراسلو فرانس برس في بوتشا في 2 نيسان سيارات متفحمة ومنازل مدمرة وخصوصا جثث عشرين رجلاً بملابس مدنية مبعثرة على مسافة مئات الأمتار وكان أحدهم مقيد اليدين.
صدمت هذه المشاهد العالم بأسره، ودانت كييف والغربيون الإعدامات التعسفية بحق مدنيين في ما وصفته بأنه جرائم حرب. ونفى الكرملين أي تورط له مؤكدا انها عملية مدبرة.
خلال زيارته للمدينة بعد يومين من اكتشاف ما حصل، دان الرئيس زيلينسكي الذي بدت عليه الصدمة "جرائم الحرب" التي قال إن "العالم سيعترف بها على أنها إبادة جماعية".
مذاك توقف جميع القادة الأجانب تقريبًا الذين زاروا أوكرانيا، في بوتشا.
وكان آخرهم رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا حيث أعرب الأسبوع الماضي عن "شعور قوي بالاستياء".
- "العيش" -
بعد مرور عام على تحرير بوتشا، قدرت كييف ب"اكثر من 1400" عدد المدنيين الذين قتلوا في منطقة بوتشا خلال الاحتلال الروسي بينهم 637 في المدينة نفسها.
ولاحظ مراسلو فرانس برس الخميس بدء عملية إعادة الإعمار في هذه المدينة الهادئة الواقعة في الضواحي وكان يسكنها 37 ألف شخص قبل الحرب.
ينشغل عشرات الاخصائيين في مجال البناء وسط جرافات ومعدات بناء وشاحنات قلابة لإعادة تشييد المنازل والارصفة.
- "يجب معاقبة الشر" -
رغم بقاء المأساة راسخة في الأذهان، أقر سكان قابلتهم وكالة فرانس برس أن "الألم يتراجع لأن الحياة تستمر".
رغم انه لا يريد أن ينسى الضحايا الذين سقطوا، يؤكد الأسقف أندريي الذي يدير الكنيسة المحلية أنه من الضروري "ألا نعيش في الماضي بل في المستقبل".
وقال "يجب ألا ننتصر فقط ونلحق هزيمة بالمحتلين... يجب محاكمة المجرمين ومعاقبة الشر".
اتهمت السلطات الأوكرانية القوات الروسية بارتكاب فظائع بعد اكتشاف مئات الجثث في بوتشا ومدن أخرى ومئات القبور بالقرب من إيزيوم و"غرف تعذيب" في مدن تمت استعادتها بحسب كييف.
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق فلاديمير بوتين في آذار بتهمة "ترحيل" آلاف الأطفال الأوكرانيين إلى روسيا.
كييف من جانبها، تصر على إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة كبار المسؤولين الروس عن "جريمة العدوان" ضد أوكرانيا، لكن شكلها يثير اسئلة قانونية معقدة وترددا.
تواصل روسيا نفي ارتكاب قواتها أي تجاوزات. والخميس نددت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا مرة أخرى بالتصريحات المتصلة ببوتشا ووصفتها بأنها "استفزاز فظ وخبيث" من جانب كييف.
- "حرائق نووية" -
على الجبهة، لا يزال القتال مستعرا في الشرق حول مدينة باخموت التي يحاول الروس منذ أشهر الاستيلاء عليها متكبدين خسائر فادحة ومسببين دمارا كبيرا.
اعترفت كييف الخميس بأنها لم تعد تسيطر سوى على ثلث المدينة، لكنها تأمل في أن الضرر الذي لحق بقوات موسكو سيضعف الخطوط الروسية عندما سيشن الجيش الأوكراني الهجوم المضاد الذي يخطط له بانتظار تسلم أسلحة جديدة غربية.
وطرح الرئيس البيلاروسي الذي سمح لروسيا باستخدام أراضيه لغزو أوكرانيا، نفسه وسيط سلام داعياً الأطراف المتحاربة إلى إجراء مفاوضات والتوصل الى هدنة.
وقال في خطاب إلى الأمة "من الممكن - ومن الضروري - تسوية جميع القضايا المتعلقة بالاراضي وإعادة الإعمار والأمن وغيرها حول طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة".
اليوم ترى موسكو أن النزاع لن ينتهي إلا إذا استجابت كييف لمطالبها ولا سيما ضم خمس مناطق. من جانبهم يصر الأوكرانيون على أن شرط تحقيق السلام هو انسحاب القوات الروسية من أراضيهم من دون استثناء.
وقال لوكاشنكو الذي يحمل الغرب وأوكرانيا مسؤولية النزاع انه يخشى اندلاع حرب "نووية" بعد الموافقة على نشر أسلحة نووية "تكتيكية" روسية في بيلاروسيا .
وقال "بسبب الولايات المتحدة وأتباعها اندلعت حرب شاملة"، مشيرا إلى أن "الحرائق النووية تلوح في الأفق".