النهار

فرنسا وألمانيا تسعيان إلى التهدئة بعد حرب كلاميّة بينهما
المصدر: أ ف ب
فرنسا وألمانيا تسعيان إلى التهدئة بعد حرب كلاميّة بينهما
المستشار الألماني أولاف شولتس يتلقى أسئلة خلال جلسة عامة في مجلس النواب (البوندستاغ) في برلين (13 آذار 2024، أ ف ب).
A+   A-
تسعى باريس وبرلين إلى التهدئة بعد الحرب الكلامية الأخيرة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، والتي كشفت عن خلافاتهما العميقة بشأن أوكرانيا.

وأعلن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن ماكرون سيتوجه إلى برلين الجمعة لحضور قمة ثلاثية تضم ألمانيا وفرنسا وبولندا.

قبل القمة، سيعقد ماكرون "اجتماع عمل" مع شولتس، حسبما أفادت الرئاسة الفرنسية. وسيكون هذا الاجتماع أول لقاء بين المسؤولين منذ سجالهما الحادّ الأخير.

وفي نهاية شهر شباط، انتقد الرئيس الفرنسي ضمنا ألمانيا التي تتردد منذ فترة طويلة في تسليم بعض الأسلحة الثقيلة إلى كييف. وبعد أيام، دعا حلفاءه إلى أن يرقوا إلى "مستوى التاريخ و(التحلي بـ)الشجاعة التي يتطلبها ذلك". وتلقت برلين هذا التصريح بجفاء.

من جانبه، انتقد المستشار ضمنا فرنسا بسبب مساعدتها التي اعتبرها غير كافية.

وتركت هذه التصريحات التي أظهرت الانزعاج المتبادل بين إيمانويل ماكرون وأولاف شولتس، آثارا لكن وزرائهما يسعون منذ ذلك الحين إلى التهدئة.

والأربعاء، شاركت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر في اجتماع مجلس الوزراء الفرنسي في باريس. وسارع نظيرها الفرنسي جيرالد دارمانان إلى الترحيب بـ"هذه العلاقة الفريدة بين فرنسا وألمانيا"، في إشارة خصوصا إلى التوافق بين البلدين بشأن الهجرة.

واعتبر مدير المعهد الفرنسي الألماني في لودفيغسبورغ (ألمانيا) مارك رينغل هذا اللقاء بمثابة "إشارة إلى أن الحكومتين الألمانية والفرنسية ترغبان في التوصل إلى توافق".

والأسبوع الماضي، زارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك باريس للقاء نظيرها ستيفان سيجورنيه.

- "تحت الضغط" -
وسعى وزير الخارجية الفرنسي إلى طمأنة الجميع، مؤكدا عدم وجود "خلاف فرنسي ألماني" و"الرغبة في الحوار".

وقال مصدر مقرّب من سيجورنيه لوكالة فرانس برس إن "العلاقة ليست مضطربة على المستوى الهيكلي" لكننا "نعتقد بضرورة إجراء مناقشات علنية أوروبية مع مقاربات مختلفة يتم الكشف عنها".

ويرى الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إريك أندريه مارتان أن "الوزراء يحاولون عدم السماح بهيمنة هذا الانطباع" بوجود وجهات نظر غير قابلة للتسوية.

وأوضح أن البلدين "بذلا جهودا كبيرة" في نهاية عام 2023 "لإرساء شكل من الانسجام والتقارب بين الزعيمين والحكومتين".

وشدد رينغل على ضرورة عدم اختزال العلاقات الفرنسية الألمانية في شخصي ماكرون وشولتس.

وأوضح "ثمة محيط كامل، وبنية حاضرة للتوصل إلى توافق، والأمور بشكل عام تسير على نحو جيد للغاية".

كما دعا إلى أخذ السياق بالاعتبار، إذ إن الحرب في أوكرانيا تضع البلدين "تحت الضغط".

ومع ذلك، أشار إريك أندريه مارتان إلى ضرورة التحدث بنفس الصوت، معتبرا أنه "إذا أرادت أوروبا أن تؤخذ على محمل الجد، فيجب أن تكون موحدة".

وحذّر من أن "الإبقاء على الخلاف في أوروبا ومحاولة عزل ألمانيا بشأن مسألة المساعدات لأوكرانيا أمر خطير من الناحية السياسية"، في حين كشف هذا النزاع عن نقاط الضعف في دول الاتحاد الأوروبي، ولا سيما حول قدراتها على المستوى الصناعي والعسكري والمالي.

- ثغرات عسكرية أوروبية -
وأعرب رينغل عن ثقته في قدرة برلين وباريس على إيجاد توافق لأن البلدين يدركان أن "هذه الحرب استراتيجية بالنسبة لأوروبا بأكملها".

ويتعين معرفة ما إذا كان الهدف المشترك المتمثل في مساعدة أوكرانيا على هزيمة روسيا سيكون كافيا لتجاوز الخلافات.

يرى شولتس أن الولايات المتحدة هي الحليف الرئيسي في هذه الحرب، وليس فرنسا أو الشركاء الأوروبيين الآخرين، في حين يدعو ماكرون إلى سياسة دفاعية أوروبية مشتركة.

وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي إن "لفرنسا موقفا مختلفا لأنها قوة تتمتع (بسلاح نووي)، وهي قوة ذات جيوش قادرة على الانتشار ولديها خبرة بالحرب".

لكن الطموح الذي أبدته باريس لا يمكن أن يخفي الثغرات العسكرية الأوروبية الكبيرة. ويتعين كذلك على باريس أن تكون حذرة في الرسائل التي تبعث بها إلى واشنطن، مع احتمال عودة الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

في هذا الصدد، حذّر أندريه مارتان من أنه "ينبغي لنا الا نقدم حججاً للأميركيين تدفعهم للقول إن الأوروبيين قرروا القيام بذلك بمفردهم"، بينما تتصاعد التوترات مع روسيا.

وعلى الجانب الأميركي، ثمة "رهان استراتيجي حقيقي وهو أن تظل فرنسا وألمانيا ركيزة مستقرة" داخل حلف الشمال الأطلسي، بحسب رينغل الذي يعتقد أن ذلك يفسر اهتمام الإعلام الأميركي بالخلافات الفرنسية الألمانية.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium