تفتح طائرة عسكرية أميركية خلال مهمة لإلقاء مساعدات إنسانية فوق غزة، الباب على مشاهد الدمار الهائل الذي لحق بالقطاع جرّاء الحرب المستمرّة منذ خمسة أشهر بين إسرائيل و"حماس"
حلقت الطائرة فوق القطاع المحاصر بينما كانت طواقم جوية من سرب الإنقاذ الاستطلاعي رقم 26، تجهز المساعدات الغذائية المخصّصة للفلسطينيين في شمال غزة الذين باتوا بأمس الحاجة إليها.
لكن مساعد الطيار اللفتنانت كولونيل جيريمي أندرسون أكّد أنّ المساعدات الإنسانية التي قدّمها الأردن وزنتها ثلاثة أطنان هي مجرد "قطرة في بحر" الحاجات.
وقال خلال مشاركته في المهمة الأميركية العاشرة لإلقاء مساعدات إنسانية فوق غزة "ثمة الكثير من الأشخاص يحتاجون إلى المساعدة هناك".
وتكثف المساعي الدولية لإيجاد آليات ومسارات جديدة لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة الذي يتضوّر سكانه جوعاً جرّاء الحصار والدمار الذي خلفته الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" المتواصلة منذ أكثر من خمسة أشهر.
وفي دلالة على تدهور الوضع الإنساني، تقول وزارة الصحة في غزة إنّ 27 شخصاً قضوا بسبب سوء التغذية والجفاف، معظمهم من الأطفال، فيما يرجح أن ترتفع هذه الأعداد.
وما زالت كمية المساعدات التي تصل إلى غزة شحيحة ولا تلبي الحد الأدنى من احتياجات القطاع حيث تحذّر الأمم المتحدة من أن 2,2 مليون شخص من سكّانه البالغ عددهم 2,4 مليون، مهدّدون بالمجاعة.
ودفع هذا الوضع دولاً عدّة لاختيار إلقاء المساعدات من الجو، مع العمل على ممر بحري جديد انطلاقاً من قبرص.
لكنّ الأمم المتحدة تؤكّد أنّ إيصال المساعدات عبر البحر أو إنزالها جوًا ليست بديلاً عن إيصال المساعدات برّاً.
وفيما حلقت الطائرة فوق ساحل غزة، القي 15 صندوقاً عبر باب مفتوح في الجزء الخلفي من الطائرة باتجاه مناطق سويت بالأرض واستحالت ركاماً.
وساهمت مظلات بيضاء في إبطاء نزول حمولة الصناديق الكرتونية المليئة بالمواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والدقيق والمعكرونة.
وفي أرجاء شمال غزة، استحالت أبراج سكنية شاهقة إلى كومة ركام.
في منطقة سويت بالأرض، رسمت نجمة داود ضخمة في الرمال يمكن رؤيتها من السماء.
- "أزمة من صنع الإنسان" -
اندلعت الحرب بين إسرائيل و"حماس" بعد هجوم غير مسبوق شنّته الحركة في السابع من تشرين الأول داخل الدولة العبرية وأدّى إلى مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصاً في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته "وكالة فرانس برس" استناداً إلى مصادر رسمية.
وخطف في ذلك اليوم 250 شخصاً واقتيدوا إلى قطاع غزة. وتؤكّد إسرائيل أنّه ما زال في غزة 130 رهينة، يعتقد أنّ 32 منهم لقوا مصرعهم.
وردّاً على هجوم "حماس"، تعهّدت إسرائيل القضاء على الحركة التي تسيطر على قطاع غزة، وهي تنفّذ في القطاع حملة عسكرية أسفرت عن دمار هائل وعن مقتل 31341 شخصاً، معظمهم من الأطفال والنساء، وفقاً لوزارة الصحة التابعة لـ"حماس" في غزة.
وقالت 25 منظمة دولية، بينها "منظمة العفو الدولية" و"أوكسفام"، في بيان إنّ عمليات إنزال المساعدات جواً تجري يومياً هذا الشهر وبمشاركة دول دولة، لكنها "ليست بديلاً" عن إيصال المساعدات برّاً.
وندّد مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل هذا الأسبوع باستخدام الجوع "سلاح حرب"، واصفاً الأزمة الإنسانية بأنها "من صنع الإنسان".
من جهته، قال العسكري الأميركي جيرمي أندرسون إنه على الرغم من أنّ عمليات الإنزال الجوي ليست كافية لمعالجة حجم الكارثة الإنسانية، إلا أن المجتمع الدولي يبذل قصارى جهده.
وأضاف أندرسون "أي شيء خارج نطاق إلقاء المساعدات من الجو هو خارج عن سيطرتنا، لذلك ندير الأمور التي تقع ضمن سيطرتنا".
وبسبب النقص الحاد في الطعام والشراب، يضطر الفلسطينيون الذين يتضورون جوعاً إلى التدافع للحصول على بعض المساعدات، ما أدّى إلى سقوط قتلى أحياناً.
وأعلنت "حماس" فجر الجمعة أنّ 20 قتيلاً و155 جريحاً سقطوا ليل الخميس بنيران الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة بينما كانوا ينتظرون شاحنات مساعدات غذائية.
في المقابل اتهم الجيش الإسرائيلي الجمعة "مسلحين فلسطينيين" بإطلاق النار على هؤلاء.
وقال مصدر طبي في غزة الأسبوع الماضي إن إلقاء مساعدات أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة خمسة بسبب خلل حال دون عمل المظلات بشكل صحيح.
لكن، نفى الجيشان الأردني والأميركي في بيانين منفصلين وقوع أي خطأ تقني خلال انزال طائراتهما للمساعدات لشمال غزة.
وأكد أندرسون إن سلاح الجو الأميركي يتخذ خطوات لتقليل المخاطر عن طريق تخفيف الأحمال وإلقاء المساعدات قرب المياه.
وأوضح "إن لم تفتح المظلة يسقط الصندوق في الماء من دون أن يلحق الأذى بأحد".