استقبل المستشار الألماني أولاف شولتس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في برلين، الجمعة، بعدما خرجت الخلافات بين الزعيمين بشأن كيفية دعم أوكرانيا إلى العلن.
وبعد اجتماع ثنائي لتلطيف الأجواء في مقر المستشارية، سينضم رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك إليهما لإجراء مشاورات عاجلة بشأن سبل المضي قدما في دعم كييف عسكريا.
واجهت أوكرانيا صعوبات في التصدي للقوات الروسية مؤخرا إذ تعاني قواتها من نقص كبير في الذخيرة فيما يتأخر حلفاؤها الغربيون في تقديم الدعم.
وما زالت حزمة مساعدات عسكرية أميركية بقيمة 60 مليار دولار عالقة في الكونغرس نظرا لمنع الجمهوريين اليمينيين تمريرها فيما أقر الرئيس جو بايدن بأن حزمة مساعدات عسكرية منفصلة بقيمة 300 مليون دولار أُعلن عنها الثلثاء "غير كافية".
وقال توسك إن الأمر يعود إلى باريس وبرلين ووارسو "لحشد أوروبا بأكملها" لتزويد أوكرانيا بمساعدات جديدة.
لكن الخلافات بين ماكرون وشولتس هددت بتقويض التعاون بين البلدين الحليفين.
وقال المحلل لدى "مؤتمر ميونيخ للأمن" نيكو لانج إن التباينات بين فرنسا وألمانيا "قد تكون بلغت ذروتها عبر ما شهدناه خلال الأسابيع الأخيرة، لكن كانت هناك صعوبات منذ مدة طويلة".
- "محاولة محسوبة" -
وأفاد بأن قمة ما يسمى بـ"ثلاثي فايمار" للقوى الأوروبية التي استضافتها برلين كانت "مؤشرا جيّدا على أن... الأخطاء تم تصحيحها أخيرا إلى حد ما".
ويشعر شركاء ألمانيا في الاتحاد الأوروبي بالإحباط حيال رفض شولتس تقديم صواريخ بعيدة المدى من طراز "توروس" إلى أوكرانيا، رغم مناشدات كييف الملحة.
في المقابل، رد المستشار بغضب على رفض ماكرون استبعاد إرسال قوات إلى أوكرانيا وتصريحاته التي حضّ فيها الحلفاء على ألا يكونوا "جبناء".
وأفاد جاكوب روس من "المجلس الألماني للعلاقات الخارجية" إن الرئيس الفرنسي سعى عبر تصريحاته إلى "إعادة مستوى معيّن من الغموض الاستراتيجي" لتعقيد مسألة صناعة القرارات بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف أنه فضلا عن إثارة نقاش بشأن الحد الذي يتعيّن أن تتوقف عنده المساعدات إلى أوكرانيا، لربما كانت التصريحات "محاولة محسوبة" لحشد الحلفاء في شرق أوروبا.
لكن ضغوط ماكرون سلّطت الضوء على الخلافات الواضحة مع شولتس.
وقال الأخير أمام البرلمان الأربعاء إن مشاركة جنود ألمان في النزاع هو "خط، أنا كمستشار، لا أرغب بتجاوزه".
وأضاف في إطار توضيحه أسباب رفضه تقديم صواريخ "توروس" أن الأمر لا يقتصر على نشر جنود في أوكرانيا، بل يشمل أيضا أي تخطيط عملياتي محتمل في ألمانيا.
وأفاد أنه لا ينبغي على الجنود الألمان في أي مرحلة كانت المساعدة في اختيار "المكان الذي سيتم استهدافه"، وهي خدمة ألمح إلى أن المسؤولين الفرنسيين يقدّمونها لأوكرانيا لقاء صواريخ "سكالب" بعيدة المدى التي زودتها بها باريس.
وبقي ماكرون متمسكا بموقفه الخميس عندما قال للتلفزيون الفرنسي إن من شأن انتصار روسيا في أوكرانيا "أن يفقد أوروبا مصداقيتها تماما"، مشددا على أن أمن القارة "على المحك".
وأضاف أن على أوروبا أن تكون "مستعدة لضمان عدم انتصار روسيا إطلاقا في هذه الحرب".
وأشار إلى أن أي شخص يدافع عن تحديد ضوابط للمساعدات المخصصة لأوكرانيا "يختار الهزيمة".
- "آراء متباينة" -
وأكد شولتس أن اجتماع الجمعة يحمل "أهمية بالغة" بالنسبة للحلفاء "لتنظيم أكبر قدر ممكن من الدعم لأوكرانيا".
أجرى شولتس مكالمة هاتفية الخميس مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكد خلالها على "التضامن الثابت" لألمانيا مع كييف.
وبينما تعدّ ألمانيا أكبر داعم لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة، إلا أن الجهود الأوروبية الرامية لحشد الدعم واجهت تحديات.
يسعى الاتحاد الأوروبي لتكثيف إنتاج الأسلحة والذخيرة لكنه ما زال يواجه صعوبات في هذا الصدد مع دخول الحرب عامها الثالث.
وقال توسك على منصة إكس قبل الاجتماع "التضامن الحقيقي مع أوكرانيا؟ (عبر) كلمات أقل والمزيد من الذخيرة".
ونوّه لانج إلى أن حضور السياسي المخضرم توسك الذي شغل في الماضي منصب رئيس المجلس الأوروبي سيساعد على "تخفيف حدة الخلافات" بين فرنسا وألمانيا.