في منتصف نهار الأحد، اصطفّت طوابير أمام بعض مراكز الاقتراع في موسكو في موعد حددته المعارضة من أجل تكريم المعارض الراحل أليكسي نافالني والتنديد بالانتخابات الرئاسية التي تعتبرها مصمّمة على قياس فلاديمير بوتين.
وفي تحرك أُطلق عليه اسم "الظهيرة ضد بوتين"، توجه الروس الذين يعارضون الرئيس الروسي المخضرم إلى مراكز الاقتراع المحلية في فترة الظهيرة، إما لإتلاف أوراق اقتراعهم احتجاجا على الانتخابات أو للتصويت لأحد المرشحين الثلاثة الذين يتنافسون ضد بوتين، الذي من المتوقع أن يفوز بأغلبية ساحقة.
ولاحظت وكالة فرانس برس حضورا كبيرا في هذا الوقت في بعض المناطق في العاصمة مثل سان بطرسبرج، بينما كان أكثر تواضعا في أماكن أخرى.
وفي مركز الاقتراع في مدرسة 2025 في موسكو، وصل بضع عشرات من الأشخاص عند الظهر (09,00 ت غ)، الموعد الذي حدّدته يوليا نافالنايا كي يقوم مؤيدو زوجها بتكريمه عبر الحضور إلى مراكز الاقتراع واختيار أي مرشّح إلّا بوتين.
وفي هذا المركز، حصل أليكسي نافالني على أفضل نتيجة له خلال الانتخابات البلدية التي خاضها في العام 2013.
وقال ليونيد باخين، وهو طالب يبلغ من العمر 18 عاماً حضر للمناسبة "ليس هناك الكثير من الناس، لكنّ النتيجة لا تزال جيدة"، مضيفاً "لم تكن لدي أيّ توقعات خاصّة، أنا فقط سعيد بأن يأتي الناس".
من جهته، حضر الشاب دنيس (21 عاماً) الذي يعمل في مجال الدعاية، للتعبير عن دعمه للمعارضة من دون المخاطرة بتوقيفه. ويقول "جئت للتعبير عن تضامني مع شخص مهم جدا (...) هذه الانتخابات هي وسيلة لتكريم ذكرى نافالني".
أمّا أولغا ميرونينكو (33 عاماً) وهي موظفة في قطاع التكنولوجيا، فقد جاءت باسم الحرية، مشيرة إلى أنّها ستكون عند الظهر ستكون من بين "الذين يقفون إلى جانب النور والحقيقة".
وأعربت ميرونينكو عن أملها الحصول على "الحرية على الأقل" في المستقبل، معتبرة أنّ "النفط والغاز والخشب لا يكفي". وقالت "أريد على الأقل أن يتمّكن (ولداي) من التعبير عن آرائهما بحرية، وهذا ببساطة غير موجود".
وقد تعهد آخرون كتابة اسم نافالني، الذي توفي الشهر الماضي في أحد سجون القطب الشمالي، على بطاقة اقتراعهم.
ونشر مناصرون لنافالني مقاطع مصورة على يوتيوب أظهرت طوابير من الأفراد يصطفون أمام مراكز اقتراع في أنحاء روسيا في فترة الظهيرة، وقالوا إنهم هناك للاحتجاج السلمي.
وكان نافالني أيد خطة "الظهيرة ضد بوتين" في رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي نشرها محاموه قبل وفاته.
ووصفت صحيفة نوفايا غازيتا المستقلة هذا التحرك بأنه "وصية نافالني السياسية".
وقالت إحدى السيدات، التي لم تذكر اسمها وطمس فريق نافالني وجهها، من أمام أحد مراكز الاقتراع "لا يوجد أمل يذكر لكن إذا كان بوسعك أن تفعل شيئا (مثل هذا) فعليك أن تفعله. لم يتبق شيء من الديمقراطية".
وقالت أخرى رفضت الكشف عن هويتها أيضا من أمام مركز اقتراع آخر إنها صوتت لصالح المرشح "الأقل إثارة للشكوك" من بين المرشحين الثلاثة الذين يتنافسون ضد بوتين.
- "لست وحدي" -
وفي منطقة مارينو الواقعة في موسكو، لبى عدد قليل من الناخبين دعوة زوجة نافالني. وقد تجمعوا أمام مركز الاقتراع الذي كان نافالني يدلي بصوته فيه في االماضي.
وتقول نتاليا، وهي متقاعدة تبلغ من العمر 65 عاماً، "جئت لأودّعه، لقد كان بطلي".
جاءت نتاليا برفقة صديقتها إيلينا وهي مهندسة تبلغ من العمر 38 عاماً. وتشير هذه الأخيرة إلى أنّها جاءت إحياءً لـ"ذكرى أليكسي"، مضيفاً أنّها "فرصتنا الوحيدة للتعبير عن رأي".
من جهتها، قالت أولغا (52 عاماً) إنّها راضية عن طريقة الاحتجاج هذه لأنّها تمكّنت من لقاء أشخاص مثلها، لا يريدون وجود نظام فلاديمير بوتين.
وأوضحت قبل أن تغادر المكان مع ابنها للصلاة على قبر نافالني الذي دُفن في الحي ذاته، أنه "تمكّنت من مقابلة عدد قليل من الناس والتحدّث اليهم وشعرت بأنّهم يفكرون مثلي وأنني لست وحدي".
وقال ليونيد فولكوف، أحد مساعدي نافالني خارج روسيا، والذي تعرض لهجوم بمطرقة الأسبوع الماضي في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، إن مئات الآلاف خرجوا إلى مراكز الاقتراع في موسكو وسان بطرسبرج ويكاترينبرج ومدن أخرى.
ولم يتسن لرويترز التحقق من هذا التقدير من مصادر مستقلة.
وفي مراكز الاقتراع عند مقار البعثات الديبلوماسية الروسية في أوستراليا واليابان وأرمينيا وكازاخستان وجورجيا، وقف مئات الروس في طوابير في فترة الظهيرة.
وفي برلين، حضرت يوليا، أرملة نافالني، إلى مقر السفارة الروسية للمشاركة في الحدث الاحتجاجي هناك إلى جانب كيرا يارميش، المتحدثة باسم نافالني.