تباطأت، اليوم الأحد، تدفقات الحمم البركانية من بركان في جنوب غرب آيسلندا بعد أن بددت ثورته ظلمة الليل مساء أمس السبت، فيما نجحت على ما يبدو الجهود البشرية لصنع الحواجز في تحويل مسار الحمم بعيدا عن البنية التحتية لا سيما بلدة صيد قريبة.
وبدأ ثوران البركان، وهو الرابع منذ كانون الأول، مساء أمس السبت مما أدى إلى اندفاع الصخور المنصهرة من شق يبلغ طوله حوالي ثلاثة كيلومترات، وهو حجم الثوران الأخير ذاته في شباط وفي المكان ذاته تقريبا.
وقال هالدور غيرسون، الأستاذ المساعد في معهد علوم الأرض بجامعة آيسلندا، لرويترز "كان الثوران نشطا للغاية، وكان هناك الكثير من المواد الخارجة، أكثر مما كانت عليه في الثوران السابق. لذلك كانت الحمم البركانية تتدفق بسرعة كبيرة".
وأعلنت الشرطة الآيسلندية حالة طوارئ بعيد ثورة البركان الساعة 8,23 (20,23 ت غ) مساء السبت.
وقال مكتب الأرصاد الآيسلندي إن طواقم الاستجابة يراقبون تقدم الحمم "التي ظلت بطيئة ومستقرة منذ" صباح الأحد.
وأوضح أن الحمم البركانية وصلت إلى مسافة 200 متر عن أنبوب لتوزيع المياه قادم من منشأة سفارتسنغي للطاقة المجاور.
"لكن خلال الليل، تراجعت قوة الثوران البركاني والآن هناك ثلاثة فوالق نشطة في الشق البركاني" حسبما قال مكتب الأرصاد في بيان مضيفا أن "النشاط الزلزالي تراجع بشكل كبير ليلا".
وأكد أن "هذا التطور يشبه إلى حد كبير حالات الثوران الثلاث في صف فوهة سوندنوكور".
وحذرت السلطات منذ أسابيع من ثوران وشيك في شبه جزيرة ريكيانيس جنوب العاصمة الآيسلندية ريكيافيك حيث كانت الحمم البركانية تتراكم تحت الأرض.
وأظهر مقطع مصور مباشر في وقت مبكر من اليوم الأحد تدفق الحمم البركانية على بُعد بضع مئات من الأمتار من غريندافيك، وهي بلدة صيد أسماك يسكنها زهاء 4000 نسمة تم إجلاؤهم في أثناء ثوران البركان في تشرين الثاني ومرة أخرى في الثوران الأخير في شباط.
وأفادت إذاعة آر.يو.في العامة بأنه تم أمس السبت إجلاء عدد قليل من السكان الذين كانوا عادوا لمنازلهم منذ ذلك الحين. وذكرت وسائل إعلام محلية مساء السبت أن منتجع بلو لاغون للطاقة الحرارية تم إخلاؤه ايضا.
وقال غيرسون إن "معدل تدفق الحمم البركانية يتناقص أكثر فأكثر".
وأضاف "التدفق في معظمه يتجه شرقي البلدة باتجاه البحر، لذلك يبدو أن الحواجز تؤدي المهمة التي صممت من أجلها".
وقال مكتب الأرصاد الجوية الآيسلندي إن السلطات تراقب أيضا تدفق الحمم البركانية باتجاه محطة سفارتسينجي للطاقة الحرارية الأرضية في شبه الجزيرة.
وأظهر الموقع الإلكتروني لشركة إيسافيا المشغلة لمطار كيفلافيك اليوم الأحد أن المطار والمطارات الإقليمية في آيسلندا لم تتأثر وتعمل بكامل طاقتها.
وقد سمح لأهالي غرايندافيك التي تعد نحو 4000 نسمة، بالعودة إلى منازلهم في 19شباط بعد إجلائهم منها في 11 تشرين الثاني، علما أن نحو مئة فقط اختاروا العودة.
آنذاك تسببت مئات الهزات بإلحاق أضرار بمبان وحدوث تصدعات كبيرة في طرق.
وتلا الهزات ثوران بركاني في 18 كانون الأول لم يطل القرية.
لكن تسببت فتحة بأحد الفوالق البركانية على طرف البلدة في كانون الثاني بتدفق الحمم في الطرق وتحويل ثلاثة منازل إلى رماد. وتبع ذلك ثوران بركاني ثالث قرب القرية في 8 شباط.
وقد أثارت الفورات البركانية على شبه جزيرة ريكيانيس مخاوف على منشأة سفارتسنغي للطاقة، التي توفر الكهرباء والماء لنحو 30 ألف شخص في شبه الجزيرة.
أخليت المنشأة وتُدار عن بعد منذ الفوران البركاني الأول في المنطقة، وأقيمت سدود لحمايتها.
في آيسلندا 32 نظاما بركانيا نشطا على الأقل، وهو أعلى عدد على الإطلاق في أوروبا.
وتقع آيسلندا في شمال المحيط الأطلسي، وتمتدّ على سلسلة جبال عند حيد وسط المحيط الأطلسي، وهو شقّ في قاع المحيط يفصل بين الصفيحتين التكتونيتين الأوراسية والأميركية الشمالية.
لكن حتى آذار 2021 لم تكن شبه جزيرة ريكيانيس قد شهدت ثورانا بركانيا منذ ثمانية قرون.
وسُجل ثوران بركاني في آب 2022 وتموز وكانون الأول 2023 ما دفع بعلماء البراكين للقول إنها قد تكون بداية حقبة جديدة من النشاط الزلزالي في المنطقة.